شفقنا العراق-التاريخ يكتبه الأقوياء، وفي أحيان يكتبه الحمير، وقد يكتبه المرتزقة والمتطرفون والأغبياء والباحثون عن الشهرة، وقد لايعبأ الحمار حين يكتب التاريخ بالنتائج، ولا بالأسئلة المحرجة، والحمار ليس كالإنسان. فهو لا يهتم بما يكتبه التاريخ عنه، فالتاريخ يكتب ما شاء عن سلوك الحمير، وأنواعها واستخداماتها،
وربما كان للحمير أن تفخر إنها اذكى المخلوقات بعد الإنسان، كما إنها ذكرت في القرآن الكريم لبيان نوع إستخدامها كما في قوله تعالى، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة. كما ذكرت لبيان الإعتبار والإعجاز الإلهي وإحياء الموتى كما في قصة العزير حين أماته الله العزيز لمئة عام، ثم أحياه، وأمره أن ينظر الى طعامه، والى حماره.
هناك نوع من المسخ الذي يعاقبه الرب، كما في قوله تعالى: (كونوا قردة خاسئين). وهناك من البشر من يسابق الحيوان في حيوانيته، ولا يعبأ بقانون ولا ضمير ولا دين ولا خوف من الله، فتراه يظلم ويقمع ويستولي على الأموال والضياع، ويتسلط في الحكم، ولا يغادره حتى يموت، أو بالقوة القاهرة، وهناك من يسرق الحقوق، ولا يؤدي الواجبات التي عليه، ويهدر أموال الناس، ولا يخلص في مسؤوليته، ويتماهل، ويتكاسل، ويترك الأمور بلا تنظيم، ولا رعاية، ولا أدنى إهتمام.
الحمار من هذا النوع يوغل في السرقة والتسلط والقتل والاستعباد، ويجر معه أعدادا كبيرة من الحمير الذين يمجدونه، ويدافعون عنه ويحبونه، ويبكون عليه بدموع من نار ودماء ومن طين أحيانا، ويتجاهلون مظالمه وجبروته، ويبررون له طغيانه، فيستحقون ان يكونوا بمنزلة الظالم في الآخرة، ويحشرون محشره، وفي الحديث الشريف: (من أعان ظالما ولو بكلمة أدخله الله مدخله يوم القيامة).
الإنسان حين يفعل الخطايا، ويرتكب الموبقات، ويعتدي على الحقوق، ولايخشى الله في عباده فإنه يتحول إلى نوع من البهيمية التي لا أمل في الشفاء منها.
الإنسان مكلف أن يسمو، لا أن يتسافل، ويتخلق بالمحامد كلها، ويفعل الخير، لكن الكثير من البشر يبحثون عن الزائل، وينسون الدائم، ولا يفكرون إلا في الكثير المنقطع.
هادي جلو مرعي
————————
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————