شفقنا العراق-كل العراقيين يعلمون جيدا بان هناك من الكتل والشخصيات السياسية في داخل العراق من الذين يصرون على بقاء الأمريكان والاحتلال في داخل العراق، ولا يروق لهم ان يعمل العراق باستقلالية ، لكن المشكلة ان هؤلاء الذين يطالبون ببقاء الامريكان يخجلون من اعلان رغبتهم امام الشعب العراقي ، بنفس الوقت فان الكتل والشخصيات الوطنية التي اصرت على خروج اخر جندي أمريكي او أجنبي من العراق، يتجنبون تسمية هؤلاء باسمائهم خوفا من اثارة الازمات ، وخوفا من إثارة قضية اخرى ربما العراق بغنى عنها.
لكن نعترف بان رئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلك كان اكثر وضوحا من اترابه عندما اعلن بالفم المليئ ، بانه يفضل تسليم البلد للقوات الامريكية بدل من تسليمه الى جزء مهم من العراقيين والتيارات الوطنية ممن اطلق عليهم تسمية “المليشيات”.
بل ان المطلك ذهب بابعد من هذا بكثير حينما ظهر في احد اللقاءات المتلفزة، وعبر عن امتعاضه من المطالبات الوطنية باخراج الجيش الامريكي من العراق، ورأى انه “ليس من العرفان والفضل ان يطلب من الامريكان المغادرة بعد ان ساعدوا العراقيين ، وعدّ ان هذه المطالبات “وقاحة بان يرسل بطلب الامريكان منذ البداية ومن ثم نطلب منهم الخروج من العراق”.
ووصف المطلك الامريكان بـ “المتحضرين ونستطيع التفاهم معهم باسلوب متحضر، الاخرون فهم همج لذلك لا يمكن ان نسلم امور الدولة بيد هؤلاء”.
هذا التصريح الذي ادلى به المطلك، يذكرنا بما كتبته بعض الصحف الامريكية الكبيرة المؤثرة، بان هناك من الكتل والشخصيات العراقية التي طلبت من الامريكان البقاء في العراق، تحت ذرائع لا اساس لها من الصحة.
لكن بكل الاحوال ، مهما كانت مكانة هؤلاء الذين يطالبون ببقاء الامريكان في العراق، فان مطالباتهم هذه تتنافى مع اي منطق وطني او اخلاقي، فليس هناك في العالم اجمع منطق او انسان وطني يدعي انتماءه لوطنه بان يرتضي لنفسه ان يرزح بلده تحت طائلة احتلال اجنبي، او يسلم ارادته وثرواته ومقدراته بيد قوات اجنبية.
كما انه ليس هناك انسان وطني يصف قوات احتلت بلاده وقتلت وشردت ومست مشاعر ابناء شعبه ، ويصفها بالمتحضرة، وبنفس الوقت يصف ابناء بلده الذين حرروا ارضه وناسه من براثن الاحتلال والارهاب بـ “الوقحين والهمج”، وانهم مليشيات “.
فعلا … يحق لنا أن نشكر السيد المطلك على صراحته هذه، ونشكره لانه جعل الامور واضحة أمامنا ، وفضح نفسه ومن على شاكلته من السياسيين ممن يعملون بالخفاء ويطالبون ببقاء القوات الأمريكية لتصول وتجول في البلد.
ان اطلاق مفردة “المليشيات” من قبل شخصية سياسية مشاركة بالعملية السياسية منذ بدايتها، وبكتابة الدستور وتسنم مناصب مهمة في العراق، لا يمكن ان يفسر الا بانه لا يؤمن بهذه العملية وقوانينها وبميثاق الشرف الذي عقده مع كل قواه السياسية والوطنية، والا كيف له ان يطلق هذه المفردة على قوى مسلحة رسمية كان تنظيمها بقانون صدر بارادة شعبية منقطة النظير.
كما ان هذا التصريح بمجمله ينسجم مع الارادة الامريكية واجندتها المعادية للعراق، وخاصة مع الانباء التي ظهرت اليوم (السبت)، عن مسؤول في محافظة الانبار، بان القوات الأمريكية تريد إسقاط بعض المناطق في داخل المحافظة وتريد إعادة الدواعش لها .
لذا على السيد المطلك ان يعيد النظر بهذه التصريحات المخيبة للامال ، وان يقوم بالاعتذار لكل الشعب العراقي على كل كلمة مسيئة ومستفزة لمشاعرهم، والتي أطلقها عن قوات بقيت جرائمها شاخصة في الذاكرة العراقية ، فهل نذكر ما فعلته هذه القوات بالعراقيين في سجونها ، ام نذكر جرائمها في ساحة النسور، ام جرائمها التي ارتكبتها في شوارع بغداد وباقي المحافظات بقتل العراقيين المدنيين بدم بارد، وبالخصوص مجزرة سوق بغداد الجديدة بقصف المدنيين بالطائرات بدم بارد بوسط ضحكات واستمتاع الطيار الذي ضربهم، وغيرها من الجرائم التي لا يسعنا ذكرها.
محمود المفرجي الحسيني
————————-
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————-