شفقنا العراق- في زيارة مفاجئة غير معلنة ، وصل وزير الدفاع الأمريكي، باتريك شاناهان، صباح اليوم الثلاثاء، إلى العاصمة العراقية بغداد في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً، حيث تأتي هذه الزيارة بعد يوم من لقائه الملك عبد الله الثاني ملك الأردن في العاصمة عمّان، بحثا خلاله الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة، والقضايا الإقليمية.
وكان باتريك شاناهان ناقش مع الملك الاردني ، الأوضاع في منطقة الشرقالأوسط، لا سيما الأزمة السورية والتطورات في العراق، والمستجدات المرتبطةباستراتيجية الحرب على داعش، فضلاً عن مناطق خفض التوتر في سوريا، وعملياتالرقة.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قد ذكرت، الجمعة،أن وزير الدفاع، باتريك شاناهان، سيبدأ، السبت، جولة خارجية في منطقة الشرقالأوسط وأوروبا، تستمرّ خمسة أيام، ستشمل الأردن وتركيا.
ولا اعتقدان الامريكان لديهم اي هدف حاليا في العراق، سوى اقناع العراقيين باسلوبالضغط على الحكومة بضرورة بقاء القوات الامريكية في العراق، لانهم يعتبرونالعراق افضل مكان استراتيجي يمكن من خلاله ادارة الازمات المفتعلة من قبلهمفي المنطقة ، والاهم من ذلك هو مراقبة ايران التي تعدّ العدو الرئيس لهم ،لما تملكه من قوة وامكانيات قادرة على الوقوف بوجه اجندتهم .
هذهالزيارة اتت بالتزامن مع خطاب رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو، الذياذاعه امس وهدد من خلاله ايران فيما لو حاولت استهداف الكيان بصورة مباشرة.
ان تصريحات نتنياهو، وزيارة باتريك شاناهان الى بغداد، يوحي بان هذا التزامنليس صدفة، ويعبر عن حجم وحدة الهدف الارهابي الذي يربط الكيان الصهيونيبالولايات المتحدة الامريكية، وان اكثر المستهدفين من هذا الهدف هي ايرانلا غيرها.
بالتأكيد ومن الواضح ، ان امريكا اليوم تعمل بكل ما اوتيتمن امكانيات الى التحضير لحقبة جديدة في الشرق الاوسط، وبالتأكيد ستكونايران هي الدولة التي يحاولون العمل على اضعافها.
لكن ان طريقاستهداف ايران في المنطقة ليس مفروشا بالورود، فايران اليوم هي اكثر دولةفي المنطقة تملك نفوذا فيها ، حتى اكثر من النفوذ الذي تملكه امريكا، فضلاعن امكانياتها السياسية والعسكرية التي تحدثنا عنها مرات عديدة، والتيتفوقت على امكانيات الولايات المتحدة في اكثر من مناسبة، اهمها افشال مخططاسقاط سوريا ونظامها السياسي الذي يرأسه الرئيس الاسد، وكذلك تقسيم العراق (في هذه المرحلة على الاقل).
ومن اكبر العقبات التي تعاني منهاامريكا هي وجود الحشد الشعبي في العراق، الذي بات اليوم قوة كبيرة جدا فيالمنطقة، وقوة تملك حس التطور السريع بشكل ملفت، فضلا عن الخبرة الكبيرةالتي اكتسبها من خلال تصديه لعصابات داعش الارهابية.
ومرتكز هذهالعقبة ، ان امريكا لا تستطيع انتزاع الصفة الرسمية من الحشد الشعبي، ولاتستطيع اظهاره بصورة الفصيل المسلح غير المنضبط ، والفصيل الذي يعمل خارجالاطر القانونية للدولة العراقية ، وهذا ما يفسر مجموعة المحاولات التيقامت بها امريكا وبعض الدول الخليجية في الفترة الماضية بمحاولة اسقاطالحشد اعلاميا.
لذا، ان امريكا اليوم امام طريقين في عملية تحديدمستقبلها في العراق، اما ان تبقى في العراق وتتخذه قاعدة عسكرية لها فيالمنطقة، او انها ترضخ للرأي الوطني العراقي بعدم البقاء والذهاب صوبقواعدها العسكرية المنتشرة في دول عدة في المنطقة.
اعتقد (جازما)،ان امريكا ستختار شيئا بين هذين الامرين، وهو ان تتخلى عن الاعداد الكبيرةالتي من المقرر ان تنتقل من سوريا الى العراق، وتكتفي باعداد قليلة جدا منشأنه اقناع الحكومة العراقية به، وهذا الامر يمكن ان يجنبها المغامرةبالدخول بمواجهة مع الحشد الشعبي الذي يملك فلسفة عقائدية خاصة بالتعامل معالوجود الاجنبي في العراق.
فرغم ان الحشد هو جزء لا يتجزء منالمنظومة الامنية العراقية ويلتزم بمقرراتها، الا ان هذا الامر لا يعني انيتخلى عن جذوره العقائدية التي لا تسمح له بالتعامل مع اي قوات تفرض نفسهاعلى الجغرافيا الوطنية.
اذن ان امريكا تعي جيدا بان العراقيين مصرونعلى عدم السماح لقواتها بالبقاء في العراق، ومقتنعة تماما بانها لا يمكنلها ان تمنع اي قانون يصدر من مجلس النواب بجلاء قواتها، لذا ليس امامالامريكان الا هذا الطريق بتقليص عدد قواتها في العراق بشكل كبير جدا،وربما ان تجعلهم مقتصرين على المستشارين العسكريين.
كما يمكن انتكون هناك مهمة اخرى باتريك شاناهان في العراق، وهي محاولة تخفيض حدةالاعتراضات التي وجهها العراقيون ضد الامتيازات الاقتصادية التي منحتللاردن، وهذا الامر سيكون اسهل بكثير من موضوع مناقشة عديد قواتها فيالعراق، لان موضوع الاردن ستكون قرارته مرتبطة بالقرار الحكومي العراقي ولايمكن ان يكون ملفا يمكن مناقشته داخل اروقة مجلس النواب .
محمود المفرجي الحسيني
————————-
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————-