خاص شفقنا-بيروت-ما إن تبدأ عاشوراء، حتى يبدأ معها الشيعة في العالم بإحياء لياليها والقيام بالمراسم والشعائر التي اعتادوا عليها منذ زمن بعيد، تأسياً بأئمتهم. وفي نفس الوقت، تسارع بعض المؤسسات الإعلامية، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها من الوسائل، إلى إجراء حملات ضد الشيعة و ضد عاشوراء، مع اختلاف الجهات التي تمولها، والتي تهدف إلى اختلاق الفتنة بين الشيعة والمذاهب و الطوائف الأخرى، وإلى تشويه صورة الشيعة.
هنا يأتي التساؤل حول واجب الشيعة والإعلام الشيعي في مواجهة هذه الحملات، خاصة أنها تسببت ببعض الدول مثل مصر بهجمات على الشيعة في عاشوراء منذ سنوات وإقفال المسجد هذه السنة، وبتفجير الإرهابيين أنفسهم بالمساجد الشيعية في السعودية وغيرها من الدول.
لم يسلم تاريخ الشيعة منذ تواجدهم من الحملات الإعلامية و غير الإعلامية التي قامت ضدهم، حيث لم يكتف أعداؤهم بحرمانهم من حقوقهم في ممارسة شعائرهم الدينية والمشاركة في السلطة في العديد من الدول و المحطات التاريخية، بل قاموا أيضاً بتشويه صورتهم من خلال زرع أفكار خاطئة عنهم بين الناس، فاتهموهم بالقيام بشعائر مخالفة لدين الإسلام والكفر وغيرها من الصفات التي أطلقوها عليهم.
وتكثر هذه الصيحات المضللة في عاشوراء خصوصاً، ربما لرمزية المناسبة التي تثبت مظلومية أهل البيت (ع) وتضحياتهم في سبيل الإسلام . وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الحملات تعاظمت في التاريخ الحديث بعد انتصار الثورة الاسلامية الإيرانية، حيث أصبح لدى العديد من الحكام هاجس انتقال هذه الثورة إلى بلادهم، أو ما يسمونه “المد الشيعي” خوفاً على مناصبهم.
وفي ظل تواجد الإرهاب التكفيري الذي يدعي الإسلام في المنطقة ، تصبح مهمة التعريف بالفكر الشيعي أصعب، حيث لا يميز الكثير من الناس في الغرب بين المذاهب الإسلامية المختلفة، المتطرفة منها والمعتدلة، رغم أن ذلك لا ينفي تواجد نخب مطلعة على الفكر الشيعي وتعتبر الإمام الحسين (ع) رمزاً مهماً في تاريخ البشرية.
إن أول ما يمكن الحديث عنه كسبيل لمواجهة الهجمات الإعلامية بشكل عام، هو التركيز على النقاط الجامعة بين الشيعة في المحاضرات التي تلقى في محافل عديدة وفي المواضيع التي يتناولها الإعلام الشيعي، وتوحيد الصف، لأن التماسك الداخلي هو عامل أساسي في التصدي للضربات الخارجية.
لا بد من استغلال ذكرى عاشوراء لإظهار الصورة الحسنة عن الشيعة، الذين يتقبلون كافة الأديان والمذاهب، كذلك اعتماد مستوى راق في الحوار و في الرد على الاتهامات والإساءات من خلال الابتعاد عن الاتهام المضاد والإساءة للمذاهب والأديان الأخرى ورموزها، كي لا يقع الناس في الفتنة، خاصة أن الإمام الحسين (ع) بسيرته واستشهاده بات عابراً للزمان والمكان والأديان.
بالإضافة إلى ما تقدم، يبدو من المهم التركيز على مضمون المجالس العاشورائية، وليس فقط على الشكل أو على سرد القصص، بل الاستفادة من هذه الأخيرة من خلال استخلاص العبر والقيم من شهادة الحسين (ع) ونهضته ونشر تعاليم الرسول (ص) وأهل بيته، إلى جانب شرح كل العبارات والشعارات والمراسم التي تشكل ذريعة لمحاربة الشيعة فيها وإيضاح معناها الحقيقي، بهدف نشر الوعي لدى الناس كي لا ينجرفوا مع الأفكار المضللة، ويصبحوا قادرين على التصدي للحملات بالحجة والمنطق بعيداً عن العصبية، كل من موقعه في المجتمع. وتشكل الثقافة الحجر الأساس في بناء سد منيع بوجه الهجمات المستمرة، سواء كانت على مستوى معرفة الذات أو معرفة الغير.
ويبقى الثبات على نهج أهل البيت (ع) والتمسك به، دون التقوقع على النفس و المغالاة، من أهم النقاط التي كانت ولا تزال أفضل وسيلة لإجهاض كل المحاولات التي تقوم بها دول و حكومات، لحرف الشيعة عن عقيدتهم وإدخالهم بالفتن، بهدف إبعادهم عن الخط المقاوم الذي تعلموه من الإمام الحسين (ع) و من عاشوراء.
النهایة