خاص شفقنا-بيروت-لم تعد الحرب اليمنية مجرد نزهة بالنسبة لدول العدوان، فصمود أبناء هذا البلد منذ أربع سنوات أمام كل المصاعب الإنسانية والإجتماعية والدمار الهائل الذي تشهده مختلف المحافظات، أربك التحالف العربي الذي تديره السعودية مسلحة بغطاء أمريكي يحجب أنظار العالم عن فظاعة الكارثة التي تزداد سوءا يوما بعد يوم وأفشل كل مساعيها لتحقيق الأهداف التي شنت هذه الحرب لأجلها.
وبالأمس أعلنت حركة أنصار الله تجميد عملياتها العسكرية لترمي بقرارها هذا الكرة في ملعب دول العدوان التي لم تتلقف هذه المبادرة التي كانت ثمرة مباحثات جمعت رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي والمبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيثس، ولكن سرعان ما ذابت هذه المبادرة بعد استمرار العدوان على المحافظات اليمنية برا وجوا وخصوصا في مدينة الحديدة اليمنية، والذي دفع بالحوثي إلى دعوة الشعب اليمني مجددا للتصدي للعدوان واستمرار مواجهته في جميع الجبهات القتالية.
وفي هذا السياق يشير عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد البخيتي في حديث لـ”شفقنا” أنه “لم يكن هناك أي تغير في موقف دول العدوان ولم نلمس أي تحول على المستوى السياسي والميداني، سواء بما يتعلق بإستمرار العدوان على اليمن أو بما يتعلق بالهدنة، لأن الغارات الجوية استمرت على مختلف المحافظات اليمنية إلى جانب الهجمات البرية”.
وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، قد أكد في افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة السابعة لمجلس الشورى السعودي على دعم المملكة لجهود الأمم المتحدة من أجل إنهاء الحرب في اليمن وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، والمبادرة الخليجية، هذه التصريحات اعتبرها البخيتي أنها عبارة عن “تحايل”، مشيرا إلى أنه “على السعودية أن توقف عدوانها على اليمن قبل دعوة بقية الأطراف اليمينة للحوار لأن الحرب لم تعد محصورة بالداخل اليمني بل أصبحت حربا إقليمية ودولية تورطت فيها عدة دول”، مضيفا أنه “وللمرة الأولى في تاريخ مجلس الأمن والنظام الدولي يصدر قرار بشرعنة عدوان دولي على دولة ومن دون أي مبرر”.
وقدمت بريطانيا إلى مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يطالب طرفي النزاع في اليمن بوقف القتال في ميناء الحديدة غرب البلاد واستئناف مفاوضات السلام، الذي اعتبره الحوثيون “مخيبا للآمال” ويعتمد على الرواية السعودية التي تدعي احتماء الجيش واللجان بالمواطنين في محاولة مفضوحة ومستهجنة، هدفها التبرير للجرائم المرتكبة بحق المدنيين، ومن هنا يقول البخيتي أن هذا القرار هو “بمثابة دعوة للحرب وليس للسلام، لأنه دعا إلى هدنة في الحديدة مما يعني أنه يدعم العدوان على باقي المحافظات اليمنية”، لافتا إلى أن القرار يأتي “بعد الخسائر التي تكبدتها دول العدوان التي تحاول إيجاد مبررات لفشل عدوانها في تحقيق أهدافه”.
وأضاف القيادي اليمني “أن تمرير الطرح البريطاني يتيح لقوى العدوان فرصة الإستعداد لجولة خامسة من المعارك في محاولة منه لإحتلال هذه المنطقة وتحقيق إنجاز ما فيها.
وتقاطعت تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع تصريحات للملك السعودي والتي أكدا فيها ضرورة الحد من النفوذ الإيراني في اليمن وربطه بعملية الوصول للسلام، وتعليقا على هذه التصريحات قال البخيتي :”يعلم الجميع أن ايران غير موجودة في اليمن، بل إن هناك عدوان دولي على هذا البلد وتدخلا في شؤونه الداخلية والسياسية عبر التاريخ، فما بين العام 2011 حتى 2014 كان الحاكم الفعلي لليمن هو السفير الأمريكي، وهذه الحقيقة يعرفها كل اليمنيين حتى قامت ثورة 2014 التي مكنت الشعب اليمني من إستعادة قراره وسيادته وإستقلاله، ما يعني أن الحرب التي نشهدها اليوم تستهدف سيادة وإستقلال اليمن ولا تستهدف ما يسمى بالنفوذ الإيراني”.
وأكد البخيتي أن ما يجمع اليمنيين مع إيران هو “قضية فلسطين”، مشيرا إلى أن “هذا العدوان الواسع علينا هو نتيجة موقفنا هذا “، مضيفا أن إستمرار هذه الحرب بحجة مواجهة النفوذ الإيراني هي مجرد ذريعة واهية وغير حقيقية”.
وحول مشاورات السويد التي أعلن المبعوث الأممي لليمن عن تلقيه تأكيدات من أطراف النزاع بالمشاركة فيها يشير البخيتي إلى أنه “لا ينبغي أن يكون الحوار من أجل الحوار فقط، وكان هناك جولات حوار في السابق ولكنها فشلت وبعضها فشلت قبل إنعقادها”، مؤكدا أن “حتى الآن لم نلمس وجود رغبة دولية حقيقية في وقف الحرب في المنطقة”.
ويتابع البخيتي “لكن بات من الواضح أن هناك حالة إدراك لدى قوى العدوان بأن توازن القوى لن يكون في صالحها في المستقبل، لذلك هي بدأت تحاول تحقيق أهدافها من خلال الحوار بعد أن عجزت عن تحقيقها من خلال المفاوضات إعتقادا منهم أننا سنضطر لتقديم تنازلات تمس بسيادة وإستقلال اليمن”، وأضاف”نقول لهم أنهم مخطئون وعليهم أن يتابعوا الحشد الكبير الذي حصل في مدينة الحديدة حيث أن وجود أكثر من 10 دول على الأطراف الجنوبية للمدينة في محاولة لإحتلالها لم تمنع أبناءها من الإحتفال بولادة النبي محمد ص”.
ودعا البخيتي دول العدوان لمراجعة حساباتهم مؤكدا المطالبة بسلام مشرف يضمن كرامة وسلامة الجميع سواء على المستوى الداخلي بين أطراف الصراع أو على المستوى الإقليمي والدولي بين اليمن كطرف وبين الدول المعتدية كطرف ثاني.
وشدد البخيتي على أن هناك إرادة شعبية قوية في مواجهة العدوان والتدخلات العسكرية وعلى العالم أن يحترمها وأن ينهي الحرب في هذه المرحلة. مؤكدا أنه “إذا ما استمر العدوان فإن مصالح الدول المعتدية على اليمن لن تكون مهددة فقط في داخل اليمن وإنما على المستوى الاقليمي”.
ولفت إلى أن هنالك حالة وعي بدأت تظهر في اليمن بعد أن أدركت المكونات السياسية والشعبية خطأ استدعائهم للتدخل العسكري الخارجي والذي قد وصل للطاقة القصوى بينما لا زالت القدرات العسكرية للشعب اليمني تتطور بإستمرار خصوصا على صعيد الصواريخ الباليستية والطيران المسير والذي ساهم في كسر حالة الجمود في توازن القوى التي طغت على الحرب في اليمن منذ بدايتها وعلى مدى أربع سنوات.
مهدي سعادي