خاص شفقنا- تاريخ الاعلان عن العقوبات الامريكية ضد ايران، لم يكن اعتباطيا ولا حتى فنيا، بل سياسيا مقصودا، فالادارة الامريكية التي اختارت بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر، ليكون موعدا لسريان الدفعة الثانية من العقوبات بعد انسحاب الرئيس الامريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في 8 أيار/مايو الماضي، كانت تبني على تاثير هذه العقوبات على ايران، واستغلال هذا التاثير، بهدف التأثير على الانتخابات التشريعية النصفية التي تجري في 6 تشرين الثاني.
الرئيس الامريكي ترامب اختار موعد فرض الحظر على ايران بوقت قصير جدا من تاريخ الانتخابات النصفية، ظنا منه ان الحظر سيؤدي الى حدوث صدمة في ايران ومحور المقاومة بشكل عام، وهو ما سيعتبره انجازا كبيرا لادارته، وتجيير هذا الانجاز بالتالي لصالح الحزب الجمهوري في الانتخابات التشريعية امام الحزب الديمقراطي الذي كان يعتبر الاتفاق النووي بين امريكا والاتحاد الاوروبي وروسيا والصين وبين ايران، من اهم انجازات ادارة الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما الديمقراطية.
التعجيل بفرض العقوبات على ايران من قبل ترامب، كان بهدف استغلال اجواء “النصر” التي ستترتب عن الحظر قبيل الانتخابات، الا ان السحر انقلب على الساحر، فلم تحدث صدمة في ايران، ولم تسجل اسواق صرف العملات في ايران اي ارتفاع للدولار امام الريال الايراني، بل على العكس تماما شهدت العقارات في ايران حركة نشطة في البيع والشراء، بعد ركود دام شهورا، بسبب الحرب النفسية التي شنتها مريكا بعد الدفعة الاولى من العقوبات في 8 اب/اغسطس الماضي، الامر الذي وجه ضربة الى خطط ترامب في استغلال نتائج الحظر لصالح حزبه في الانتخابات.
العزلة التي فرضها ترامب على امريكا بسبب اخطاء صهره جاريد كوشنر الذي يقدم مصلحة “اسرائيل” على مصلحة امريكا والتي ظهرت كحقيقة غير قابلة للنقاش، من خلال مواقف دول العالم اجمع من العقوبات الأمريكية التي وصفت من قبل هذه الدول، بانها غير قانونية ومرفوضة ومتنمرة وفاشلة وحاقدة، وهذه العزلة ستزداد يوما بعد يوم.
الملفت ان اول مؤتمر صحفي لوزيري الخارجية والخزانة الأميركيين، بعد سريان مفعول الحظر الامريكي، لم تنقله وسائل التلفزة الامريكية، وهو المؤتمر الذي اعلن فيه وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو: أن حزب الله يشكّل تهديداً للبنان والمنطقة وكذلك الحوثيين في اليمن، وقال ان “الملك السعودي لطالما دعمنا، وأن إيران هي القوة المزعزعة لاستقرار الشرق الأوسط اليوم”.
لما كان موقف امريكا من الاتفاق النووي ومن اعادة الحظر على ايران، لا يستقيم مع اي منطق سياسي، تحول هذا الموقف الى ما يشبه المسخرة، على صعيد العالم اجمع، فهذه منظمة ويكليكس قامت بنشر صورة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان وهو يذبح شخصا يمثل اليمن في حين يمسك الرئيس الامريكي دونالد ترامب بقدميه، وسبقته بعبارات قصيرة تشير الى ما قامت به السعودية وتقوم به ايران والموقف الاميركي من الجانبين.
تقول ويكيليكس:
-السعودية الوهابية قتلت امريكيين في 11 سبتمبر، وترامب يفرض عقوبات على ايران.
-السعودية تدعم وتجهز “داعش”، ايران تحارب “داعش”، وامريكا تفرض عقوبات على ايران.
-السعودية تقتل خاشقجي وتقطع جثته، وترامب يفرض عقوبات على ايران.
-السعودية تقتل الشعب اليمني، وترامب يفرض عقوبات على ايران.
من الواضح ان ترامب ومن حوله، يعملون على بعث الحياة في ثقافة الكاوبوي.. إنه الصلف الأمريكي بأبشع صوره.
جمال كامل