خاص شفقنا- لم تمر امريكا منذ تأسيسها ، في عزلة على الصعيد الدولي ، كما تمر بها الان في ظل رئاسة الفريق العنصري والمتطرف الذي يقوده دونالد ترامب ، فمن بين نحو 200 دولة ،هي مجموع دول العالم ، ليس هناك من يطبل لسياسة ترامب سوى “إسرائيل” والسعودية والامارات البحرين.
هذه الحقيقة تبدت وبشكل واضح على خلفية الموقف الاحادي الجانب والاستعلائي للادارة الامريكية ، الرامي الى فرض حظر ظالم على ايران ، ترفضه الامم المتحدة ، والاتحاد الاوروبي و روسيا والصين واقرب حلفاء امريكا التقليديين في جميع انحاء العالم.
لم يساير امريكا في انتهاكها للقانون الدولي ، بالخروج من الاتفاق النووي مع ايران وفرض الحظر الاحادي الجانب عليها ، اي بلد في العالم ، وهو ما جعل هذ الحظر يترنح قبل ان يبدأ ، فبعد لغة التهديد التي خاطبت بها ادارة ترامب الدول التي ستواصل شراء النفط الايراني بعد 4 تشرين الثاني نوفمبر ، تراجعت هذه الادارة واستثنت الدول التي كانت ومازالت تستورد النفط الايراني ، تحت ذريعة ان هذا الاستثناءات مؤقتة.
من المعروف ان الاقتصاد الامريكي لا يتجاوز الاربعين بالمائة من اقتصاد العالم ، وهذه النسبة ، رغم تأثيرها الذي لاينكر الا انها ، لن تستطيع ان تشل نسبة الستين بالمائة من اقتصاد العالم ، لاسيما لو كانت هناك ارادة سياسية وراء هذه النسبة ، ترفض سياسة الاستفراد الامريكي بالقرار الدولي.
ليس هناك من ينكر ان الاقتصاد الايراني سيتأثر سلبا بالعقوبات الامريكية على قطاعي الطاقة والمال ، ولكن هذا التاثير لن يكون كما يتمنى الثلاثي ترامب بولتون بومبيو ، فايران ستستمر ، وفقا لاغلب خبراء الاقتصاد ، ببيع نحو مليون او مليون ومئتين وخمسين الف برميل ، اي نصف ما كانت تصدره سابقا ، من دون ان تتأثر حجم عائداتها كثيرا بسبب ارتفاع اسعار النفط الى الضعف.
ان مواصلة الصين والهند واليابان وتركيا وكوريا الجنوبية ودول اخرى شراء النفط الايراني ،حتى بكميات اقل ، بالاضافة الى تفعيل الالية المالية بين ايران والاتحاد الاوروبي ، والتجربة الضخمة التي راكمتها ايران خلال العقود الاربعة الماضية في ظل الحظر الامريكي والاوروبي والعالمي ، ستجعل نتائج الحظر الامريكي ، ترتد سلبا على ترامب شخصيا ، وتقضي على كل أمل له بالبقاء في البيت الابيض ، بعد انتهاء ولايته هذه.
ان صفة التخبط التي تعتبر العنوان الابرز للسياسة الامريكية على الصعيدين الداخلي والخارجي ، في ظل رئاسة ترامب ، ستلازم ايضا سياسة الحظر ضد ايران ، كما لازمت كل سياسات هذه الادارة بدءا بالقضية الفلسطينية ، ومرورا بالهجرة وعلاقاتها مع الناتو والاتحاد الاوروبي والصين و روسيا ، وانتهاء بظاهرة العنف التي تضرب المجتمع الامريكي جراء خطاب الكراهية لترامب ضد الملونيين والاقليات العرقية والدينية.
لا نبالغ ان قلنا ، ان من المستحيل ان تنجح أمريكا في تنفيذ رغبة ترامب بتصفير النفط الايراني ، فهذه الرغبة تعني تركيع العالم للوصول الى تركيع إيران ، وهي رغبة صبيانية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.
ماجد حاتمي