شفقنا العراق-لا يختلف اثنان على انه، لم يحضى اي مرشح لرئاسة الحكومة بعد عام 2003 على دعم وقبول مثل الذي حصل عليه رئيس الوزراء الحالي السيد عادل عبدالمهدي، ان كان على مستوى الشارع او المرجعية الدينية او الكتل السياسية، وهذا الامر يحسب لعبدالمهدي ويوضح مدى مقبوليته كشخصية سياسية تتمتع بكثير من الميزات التي دفعت العراقيين الى اختياره وتفضيله على منافسيه في قيادة المنظومة الحكومية في الفترة المقبلة.
كما لابد لنا ان لا نتجاهل الظروف السياسية والاجتماعية التي رافقت اختيار عبدالمهدي لرئاسة الحكومة، التي تزامنت مع سخط شعبي وصل الى ذروته في محافظة البصرة على سوء الخدمات واستشراء الفساد بشكل ملفت ومخيف بحيث دفع المواطن العراقي الى ان يفقد ثقته بالحكومة السابقة وكذلك بالحكومات التي قبلها، ودفعه الى الضغط بشدة من اجل تصحيح المسار ووضع الامور على جادة الطرق الصحيحة التي تؤمن للمواطن العراقي مستقبله وتضمن حقوقه وعيشه الكريم كما يستحق.
وكانت اكبر حالة دعم تلقاها عبدالمهدي في اختيار تشكيلته الوزارية، هي انطلقت من كتلة بدر /احدى الكتل الثلاث الكبيرة الفائزة بالانتخابات/، بترك باب الدعم مفتوحا امام عبدالمهدي من اجل اختيار كابينته بنفسه مع التأكيد على ضرورة ان تكون عملية اختيار الوزراء تتم وفق شروط الكفاءة والنزاهة والتخصص وخلو سيرة الوزراء من اي ملاحقات قانونية او اتهامات ارهابية او قضايا فساد او تزوير شهادات.
الا ان هذا الدعم الذي تلقاها عبدالمهدي كان يقابله اصرار من بعض الكتل على تمكين المحاصصة في عملية اختيار الوزراء ، ما ادى الى اختلال التوازن في العملية برمتها وانتجت ما انتجته من كابينة وزارية فيها الكثير من نقاط الضعف التي لم يكن تتوقعها الكتل والشخصيات الوطنية في البلد.
واختار مجلس النواب، يوم الخميس الموافق 24 من تشرين الثاني الماضي على 14 وزيرا في كابينة رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي، فيما قرر ارجاء التصويت على عدد اخر من الوزراء.
وصوت مجلس النواب على ثامر الغضبان وزيرا للنفط ونائبا لرئيس الوزراء لشوؤن الطاقة وفؤاد حسين وزيرا للمالية ونائبا لرئيس الوزراء للشؤون المالية ومحمد الحكيم وزيرا للخارجية وبنكين ريكاني وزيرا للإعمار والاسكان ونعيم ثجيل الربيعي وزيرا للاتصالات وعلاء عبد الصاحب وزيرا للصحة”.
كما صوت ايضا على وزير التجارة محمد هاشم وصالح الجبوري وزيرا للصناعة وصالح حسين وزيرا للزراعة واحمد رياض وزيرا للشباب والرياضة وعبد الله اللعيبي وزيرا للنقل ولؤي الخطيب وزيرا للكهرباء وباسم الربيعي وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية وجمال العادلي وزيرا للموارد المائية”.
ومن المقرر ان ينطلق مجلس النواب يوم الثلاثاء المقبل بتمرير من بقي من الوزراء لاكمال الكابينة الوزارية، ما اذا تعرضت هذه العملية للتجاذبات السياسية والتأخير.
الا انه ليس هناك اي مبرر امام مجلس النواب، الا باستكمال قوام الكابينة الوزارية يوم الثلاثاء المقبل، لاسيما وان المشكلة التي أرجأت استكمال العدد قد حلت بنسبة كبيرة، وخاصة مشكلة الوزراء الأمنيين التي حلت بالتوافق بين جميع الكتل السياسية.
الملاحظات السلبية على عملية اختيار الوزراء
رغم البوادر التي تبناها عبدالمهدي قبل تشكيلة الحكمة، مثل نقل مكتبه خارج المنطقة الخضراء، وفتح بوابته الاليكترونية امام العراقيين لتقديم انفسهم لنيل استحقاق الاستوزار خارج نطاق الكتل السياسية وضغوطها، الا ان التشكيلة التي قدمها عبدالمهدي الى مجلس النواب لا تستطيع حتى الكتل والشخصيات الوطنية التي دعمت عبدالمهدي ان تخفي عيوبها ، والتي كانت اوضحها حالة الاستعجال السائدة على شخصيتها العامة، ما يؤكد بان عملية التدقيق في سير الوزراء كان ضعيفا ومستعجلا.
كما لا يمكن اغفال وضوح حالة المجاملة لبعض الكتل السياسية التي فيما يبدو اتت اكل ضغوطها، بفرض شخصيات على عبدالمهدي، منهم من متهم بشبهات الفساد او دعم الارهاب او شبهات بارتباطه متعلقة بالمساءلة والعدالة. وهذا الامر يؤشر حالة ضعف كبيرة في مضمون الكابينة الحكومية .
واكبر مشكلة في عملية اختيار الوزراء، هي ما اشرت وسجلت على البعض منهم بمؤشرات على البعض منهم بتورطهم في عمليات ارهابية استهدفت المواطنين والقوات الامنية في حقبة تاريخية معينة ، وهذه مشكلة كبيرة بان تسلم مؤسسة مهمة من مؤسسات الدولة العراقية الى شخصية متهمة بهكذا اتهامات دون ان يتم تدقيق ملفه وسيرته .
الا ان هذه الاخطاء التي وقعت في عملية اختيار الوزراء ما زالت في بدايتها وتحتاج الى جهود كبيرة من قبل عبدالمهدي وكذلك مجلس النواب لتداركها، والتي يجب ان تكون اولى خطواتها هي النظر بمطالب الكتل السياسية التي تصب في مصلحة الحكومة ومستقبلها.
لذا على عبدالمهدي ان يدرك ان مهمته الكبيرة والصعبة لم تنتهي باختيار بعض الوزراء، ولا تنتهي بإكمال قوام كابينته الوزارية، انما هناك مهام مستحدثة طرأت على خلفية عملية الاختيار، وهي اعادة التدقيق بالسير الذاتية وعدم الالتفات الى بعض الكتل التي فرضت بعض الوزراء ، وحينها سيتلقى عبدالمهدي دعما اخرا واقوى من الكتل التي وقفت معه ودعمته في بدايات مهمته .
محمود المفرجي الحسيني
————————-
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–