خاص شفقنا-بيروت-لم تكن زيارة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عمان ولقائه خلالها بالسلطان قابوس بن سعيد زيارة عابرة، اذ تشكل اول لقاء رسمي يعقد في هذا المستوى منذ عام 1996، في إشارة إلى توقيع اتفاقية فتح مكاتب تمثيل تجاري، تمت فى ذلك العام.
وتعليقا على دلالات وأهمية هذه الزيارة في بُعديها الدولي والعربي يقول الباحث الاستراتيجي والديبلوماسي الدكتور وليد عربيد لـ”شفقنا” أن سلطنة عمان استطاعت من خلال الدبلوماسية الهادئة والناعمة التي انتهجتها أن تكون دولة وسطية في ظل الحوارات والمناقشات والأزمات في قضايا متعددة شهدتها الساحة العربية عموما والخليجية خصوصا، مشيرا إلى ان السلطنة لعبت دورا محايدا في أزمة الخليج وكانت إلى جانب الكويت تساهم في حلحلتها إضافة إلى انها ولا تزال حتى اليوم تحاول فض الصراع اليمني السعودي الذي وصفته بالحرب العبثية.
ولفت عربيد إلى التغير الذي تشهده العلاقات الدولية والذي يجعل من سلطنة عمان لاعبا أساسيا ليس في الخليج فقط بل في بحر العرب والمحيط الهندي، مؤكدا أن زيارة نتنياهو لعمان والتي هي الاولى منذ عام 1966 تشير إلى وجود ضغط دولي كبير على مسقط وتؤكد بالوقت ذاته دورها كوسيط وخاصة ان عمان تعد دولة مقبولة من الإيرانيين ومن قبل العدو الإسرائيلي أيضا ومن الممكن أن تكون مفتاح الحل لإيجاد نقاط متقدمة من أجل فتح حوار ما.
ويتابع عربيد أن موقع عمان الجيوسياسي والجيوستراتيجية وارتكازها على منطقتين فيهما ممرات مائية مهمة وهما مضيق هرمز ومضيق باب المندب عزز من موقعها في الدبلوماسية الإقليمية وحتى الدولية وهذا ما دفع بالدول الكبرى إلى فتح الباب أمام السلطنة للعب دور الوسيط.
وقال عربيد:” أنا أعتقد أن في العلاقات الدولية وخاصة الجديدة أنه يجب دائما إيجاد دولة من الممكن أن تلعب دور الوسيط وهذه الدولة الآن هي عمان لأنها لا تتدخل في شؤون الدول الاخرى وحافظت على استقرارها الداخلي”، ويضيف أن السعودية التي تعاني من أزمات داخلية ودولية واقليمية بحاجة اليوم إلى أن يكون لديها ممر مائي نافذ على بحر العرب الذي سيشهد صراعات كبيرة مستقبلا وهذا يحتم عليها أيضا قبول عمان كوسيط قد يسهم في تخفيف الصراع في اليمن أيضا.
وأشار عربيد إلى أنه إذا أرادت السعودية أن تلعب دورا ما وتحسن من موقعها الذي تراجع فإن عليها أن تسعى لإلغاء صفقة القرن والتصدي لتبعاتها، لأن العدو الإسرائيلي مقتنع تمام بأهمية إنجاز هذه الصفقة ويلتقي مع العديد من الدول العربية بهذه الأفكار.
وتعليقا على مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي لفت عربيد إلى أن تركيا إستطاعت أن تلعب دورة “تفكيكيا” في حلحلة عقد هذه القضية التي أظهرت تورط إستخباراتي امريكي فيها وجعل اسطنبول في موقع حجر الزاوية في مسألة التقارب الإسلامي-الإسلامي، مؤكدا أن هذه القضية تفرض على السعودية إعادة النظر في مواقفها السياسية والإستراتجية من أمريكا وإلا فإنها ستتفتت من الداخل من خلال الصراع الذي قد ينشب بين أفراد العائلة المالكة.
اذا فإن اللقاء الذي شهدته عمان هل فعلا هدفه تسليم مسقط دور الوسيط في الأزمات الإقليمية والقضايا التي تشكل قلقا لنتنياهو وكيانه الغاصب؟ أم أن تجاوز السلطنة للخطوط الحمراء والقبول بجلوس سلطانها مع رئيس وزراء يتفنن في اغتصاب الأرض العربية هو إعلان رسمي عن انخراطها في صفوف المطبعين مع هذا الكيان؟ولماذا إختار نتنياهو هذا التوقيت تحديدا؟ هذه التساؤلات تحتم علينا الإنتظار لتكتمل الصورة وينجلي الغبار لتتكشف الأهداف الحقيقية لهذه الزيارة وهذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.
مهدي سعادي