خاص شفقنا-المتتبع لواقف وتصريحات مسؤولي تركيا ، السياسيين والعسكريين، بشأن استعداد الجيش السوري لشن هجومه الكبير الاخير على معقل تنظيم القاعدة الارهابي في ادلب واستعادة هذه “المحافظة السورية” الى سيادة الدولة، يشعر بأن الاتراك يتحدثون عن محافظة تركية، يحاول الجيش السوري ان يشن هجوما عليها.
نفس المتتبع، يصاب بصدمة، وهو يرى زعماء امريكا والغرب و”اسرائيل” والرجعية العربية، وهم يتباكون بحرقة، على حقوق الانسان، والانسانية ، والاطفال والنساء، والمدنيين، في ادلب، المهددين بالقتل والفناء باستخدام السلاح الكيمياوي من قبل الجيش السوري، مهددين الجيش السوري بالويل والثبور وعظائم الامور اذا ما تجرأ وحرك قطعاته العسكرية نحو ادلب.
اذا ما ما تناولنا بعض تفاصيل الموقفين التركي والمحور الامريكي من ادلب، ستكون الصدمة اكبر، بسبب الصلافة والعنجهية والنفاق والكذب والعدوانية والاستهتار بالراي العام العالمي الذي يميز هذين الموقفي اللذين كشفا عن حجم الظلم الذي انزلته هذه العصابات المجرمة التي مولتها هذه الدول، بالشعب السوري منذ اكثر من سبع سنوات.
وكالات الانباء والفضائيات، وفي مقدمتها التركية، نقلت وبمنتهى الصلافة، اخبار بالصوت والصورة لطوابير طويلة من الدبابات والمدرعات والمدافع وناقلات الجند التركية وهي تعبر الحدود الدولية بين تركيا وسوريا، الى داخل العمق السوري، كما نقلت ايضا احدث الاسلحة الثقيلة والمتوسطة الى الجماعات الارهابية التكفيرية، كل ذلك من اجل منع الجيش السوري من استعادة سيادة الدولة السورية على محافظة ادلب.
ورافقت هذه التحركات العسكرية المكثفة تهديدات اطلقها كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين الاتراك، للسلطات السورية تحذرها من مغبة القيام باي عمل عسكري ضد ما وصفته بـ”المعارضة السورية” في ادلب، والتي قد تتحول الى كارثة انسانية، رافضين المساس بهذا الوضع الشاذ في ادلب، من اجل الابقاء عليه كخنجر مسموم مغروس في خاصرة سوريا.
لم يواجه العدوان التركي الصارخ على سوريا، اي انتقاد ولوفي حدوده الدنيا، من قبل الامم المتحدة ،ولا المنظمات الدولية، ولا منظمة التعاون الاسلامي، ولا الجامعة العربية، ولا الحكومات العربية، وكأن الجيش التركي ينقل قواته داخل الاراضي التركية، لا اراضي دولة اخرى ذات سيادة، تسعى الى لتطهير ارضها من وجود عشرات الالاف من اخطر واشرس واكثر العصابات الاجرامية في العالم، وفي مقدمتها القاعدة و”داعش”، بشهادة هذه الدول والمنظمات الدولية نفسها.
النفاق الدولي يتكشف اكثر، اذا ما عرفنا، ان نحو 70 بالمائة من محافظة ادلب التي تتباكى عليها تركيا وامريكا والغرب و”اسرائيل” والرجعية العربية، هي في قبضة مسلحي القاعدة (هيئة تحرير الشام)، وباقي ادلب بيد العصابات التي تعتبر نفسها امتداد لتركيا في سوريا، وبعض بقايا ما يعرف بـ”الجيش السوري الحر” الممول من قبل تركيا وامريكا والرجعية العربية.
رعونة التصرف التركي في ادلب ،كشفت عن ان الحلم الذي راود اردوغان، في اقتطاع اراض من سوريا وضمها الى تركيا ، تمهيدا لتجزئة تركيا الى امارات يتلاعب بها “سلطان” اسطنبول، بدأ يُقبر، وان الحلم اصلا لم يكن سوى احلام عصافير، وهذه الرعونة المتمثلة بغزو سوريا، كشفت عن حجم المؤامرة الكبرى التي واجهت سوريا خلال السنوات السبع الماضية، والتي كانت مقدمة لاقامة الشرق الاوسط الجديد في في الاستراتيجية الامريكية “الاسرائيلية”، والتي كانت تنفذ بحذافيرها بالمال العربي والمسلم، وبالشباب العربي والمسلم، من الذين نسفت الوهابية التكفيرية ما تبقى في رؤوسهم من باقي عقول، فتحولوا الى راس حربة في هذا المشروع الامريكي “الاسرائيلي” الجهنمي.
اما بكاء مجرمي الحروب وعتاة اليمين المتطرف في امريكا و“اسرائيل” والرجعية العربية من امثال ترامب وبولتون وبومبيو وماتيس وابن سلمان وابن زايد، على المدنيين في ادلب، وتفجر مشاعر الانسانية لديهم، فهي تكشف ايضا مدى استهتار هؤلاء بعقول ومشاعر الشعوب التي تراقبهم وهو يشاهدون اجساد اطفال اليمن اليوم المحاصرين المرضى والجوعي منذ نحو اربع سنوات، وهم يحترقون يوميا بنيران الصاورخ والقنابل الامريكية والغربية على يد اخوة لهم في الدين والقومية، دون ان تسقط دمعة واحدة من عيونهم الوقحة.
دموع التماسيح هذه تذرف على ادلب، بينما يعرف هؤلاء التماسيح ان ادلب تحولت منذ سنوات الى ملجا ومهرب لعشرات الالاف من مسلحي القاعدة الذي انسحبوا من حلب ودرعا والغوطة الشرقية وباقي مدن سوريا التي تطهرت من رجسهم، بعد ان رفضوا القاء السلاح والاحتكام للعقل والمنطق، فهؤلاء المجرمين تحولوا الى مدنيين مسالمين تخشى عليهم امريكا الحنون وترامب ذو المشاعر الانسانية، من السلاح الكيمياوي السوري الذي تنبأ به العراف ترامب، قبل ان يستخدمه الجيش السوري، وهدد بالتدخل مباشرة لانقاذ مسلحي القاعدة من هذا السلاح!
جميع هذه الحقائق تؤكد صوابية القرار السوري ومحور المقاومة، بتطهير ادلب من التكفيريين وتجفيف هذه الغدة المتقيحة والى الابد، دون الاعتناء بتهويل المهزومين في المحور الامريكي التركي، وقبر المخطط الكارثي الذي كان يستهدف سوريا ومنطقة الشرق الاوسط برمتها، ولن تفصل سوريا عن موعد اعلان النصر الكبير الا بعض الوقت.
النهایة