خاص شفقنا-أغلب المراقبين السياسيين لمواقف الاتحاد الاوروبي وخاصة الدول الاوروبية الموقعة على الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1، وهي فرنسا وبريطانيا والمانيا، الرامية لتأمين مصالح ايران، من الاتفاق النووي، بعد خروج امريكا منه، يشككون بقدرة الاوروبيين على تأمين هذه المصالح، لعجزهم عن اتخاذ مواقف، سياسة كانت ام اقتصادية ، مستقلة عن امريكا.
لم يفرض الرئيس الامريكي دونالد ترامب بعد العقوبات النفطية بعد حتى اخذت الشركات الاوروبية وفي مقدمتها الفرنسية من الخروج من ايران، وفي مقدمة هذه شركة توتال الفرنسية، وكذلك الخطوط الجوية الفرنسية، لعجز الحكومة الفرنسية عن حماية هذه الشركات من العقوبات الامريكية.
منذ خروج امريكا من الاتفاق، لم تتوصل الدول الاوروبية الى صيغة عملية يمكن من خلالها التقليل من ضغط العقوبات الامريكية على ايران ، وحماية الشركات والراسمال الاوروبي في ايران، رغم كل التصريحات الرنانة للمسؤولين الاوروبيين وخاصة الفرنسيين، الذين يقودون الى جانب المانيا الاتحاد الاوروبي.
الملفت انه رغم صبر ايران على التسويف الاوروبي، وعجز الاوروبيين عن اتخاذ اي موقف يمكن ان يُشم منه رائحة الاستقلالية ازاء امريكا، وهروب الشركات الاوروبية الواحدة تلوالاخرى من ايران، نرى وزير خارجية احدى الدول الموقعة على الاتفاق النووي، وهو وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، يطالب ايران ان ترضخ من اجل التفاوض على حقها السيادي في امتلاك قوة صاروخية رادعة ودورها في دعم القضايا العربية العادلة.
لودريان قال ما نصه: أن “ايران لا يمكنها ان تتفادى مفاوضات حول ثلاثة ملفات كبرى اخرى تثير قلقنا، هي مستقبل الالتزامات النووية بعد عام 2025، ومسألة الصواريخ البالستية وحقيقة ان هناك نوعا من الانتشار البالستي من جانب إيران والدور الذي تلعبه إيران في المنطقة”.
من الواضح ان هذه القضايا هي نفس القضايا التي خرج ترامب من اجلها من الاتفاق النووي، وهي قضايا لا تمت من بعيد او قريب للاتفاق، لانه اتفاق خاص بالقضية النووية، ما ان هذه القضايا هي قضايا، وخاصة قوة الردع الايرانية، لا يمكن ان تتفاوض ايران عليها مع اي كان، مهما بلغت الظروف.
ليس من الواضح الاسباب التي دعت وزير خارجية فرنسا الى التطرق الى هذه القضايا، ودعوة ايران للتفاوض بشانها، في الوقت الذي تقف حكومة لودريان عاجزة عن احترام توقيعها على الاتفاق النووي، وهو توقيع يفرض عليها ان تلتزم ببنود الاتفاق وفي مقدمتها الاستثمار في ايران والحيلولة دون هروب الشركات الفرنسية من ايران.
اذا كانت فرنسا لا تستطيع ان تنفذ ما عليها من التزامات في اطار الاتفاق النووي، وهو اتفاق واضح وصريح، لانه يتناول موضوعا فنيا، ترى كيف ستتعامل مع قضايا فضفاضة لا يمكن حصرها في اطار واضح مثل قوة الردع الصاروخية الايرانية ودور ايران في دعم الحكومة السورية ضد العصابات التكفيرية وعلى راسها “داعش” والقاعدة، ودعم الشعبين اليمني والفلسطيني ضد العدوانين السعودي والاسرائيلي.
نفرض جدلا ان لودريان كان بامكانه يقول ما قال ، لوكان حقا تعاملت بلاده مع الاتفاق النووي، كدولة عظمى، عبر الالتزام ببنوده وحماية شركاتها الوطنية من تهديدات واهانات ترامب، لا كدولة عاجزة تتبع خطى دول أخرى، يقودها رجل، لا يتفق حتى شعبه على صحة سلامته العقلية.
النهایة