خاص شفقنا-بيروت-إن التراث هو الهوية الثقافية للأمة، والتي من دونها تضمحل وتتفكك داخلياً، وقد تندمج ثقافياً في أحد التيارات الحضارية والثقافية العالمية القوية.وانطلاقا من هذه الهوية تكتسب المخطوطات عموما والقرآنية خصوصا اهمية كبيرة، خصوصا أنها تساعد على قراءة التراث وتمثل الطريق الأساسي الذي يجب ان نعبر منه إذا ما أردنا التجديد والتحريك في سبيل إحياء التراث والإستفادة منه في عالمنا المعاصر.
وفي هذا السياق سيحتضن قصر الاونيسكو في بيروت الاثنين المقبل المعرض القرآني الاول من نوعه في لبنان والذي سيضم مخطوطات ومطبوعات وأدوات قرآنية نادرة ومميّزة وقديمة من مكتبة الشيخ علي حسن خازم الشخصية.
ويعتبر المعرض جولة متحفية لتطوّر كتابة وزخرفة وتذهيب وتزيين المصحف الشريف وطباعته، وكذلك لتطوّر كتابة وتنسيق علوم القرآن الكريم وتفسيره وترجماته وطباعتها، اضافة الى استعراض نماذج أدوات الكتابة والحفظ من العصر النبويّ الى يومنا هذا.
وفي مقابلة خاصة مع موقع “شفقنا”، لفت منظم المعرض القرآني “صحف” المسؤول الثقافي في تجمع علماء جبل عامل وعضو مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين في لبنان الشيخ علي خازم إلى أن جمع المخطوطات التي ستعرض كان يتم لغرض الدراسة باعتبار انه كان يدّرس علوم القران وتاريخه، مضيفا أن”هناك أيضا جمع قديم باعتبارات مختلفة أبرزها مواجهة الاشكالات التي تثار في مباحث علوم القرآن وعلومه كانت هي السبب الرئيسي لتجميع عدد من المخطوطات والمطبوعات القرآنية القديمة”. مشيرا الى أن مسالة حفظ هذه المخطوطات وحمايتها من التلف “يحتاج الى حافظات خاصة وجو مناسب وأدوية محددة”.
وتابع “وبما ان عدد المخطوطات الموجودة في مكتبتي أصبح كبيرا إلى جانب مجموعة من الادوات المتعلقة بالقران الكريم، وليس المادة الورقية منها فقط، رأيت انه يجب ان تعرض على الجمهور بغرض اعادة الوعي بنفس الكتاب، لأن المصحف ككتاب تتم قراءته عادة من باب التدين ولا يلاحظ الكثير من التفاصيل الموجودة فيه ككتاب”. مشيرا إلى أن المعرض موجه “لكل الناس ولاصحاب الاختصاصات والذين سيجدون مجالا للانتقال بين الاقسام الموجودة في المعرض والاستفادة من عناوينها اضافة الى المتعة البصرية بملاحظة النسخ القرآنية التي تضمنت نماذج رائعة من الفنون التي دارت حول كتابة وزخرفة وتذهيب القران الكريم”.
وحول الاهتمام بالتراث القرآني خصوصا والاسلامي عموما بين الماضي والحاضر اعتبر الشيخ خازم ان “الاهتمام بالعلوم القرآنية وتفصيلها قائم في العالم الاسلامي بمستويات حديثة ومتطورة نظرا الى الاطروحات الموجودة في هذا العالم، لكن قديما كان الاهتمام اكثر بالمصاحف والعلوم القرآنية، فمثلا احد الخطاطين مات وهو يكتب النسخة 107 من نسخ المصحف الذي هو من قام بتخطيطه، وسابقا كانت السلطة تهتم بشكل اكبر بدعم الخطاطين بما يحتاجون من انواع ورق ومواد تزيينية”.
مضيفا أنه ”لا يمكننا نفي ان هناك محاولات لتجديد وكتابة النص القرآني وطباعة او تخطيط مصاحف تحتوي على لمسات فنية تخضع للضوابط العلمية طبعا، وحتى أن بعض المؤسسات ذهبت الى حد اعادة طباعة ما كان محفوظا من نسخ مميزة او ما تبقى منها وهذه العملية تساهم باعادة احياء التراث المصحفي الكتابي”.
ونوه الشيخ خازم إلى ضرورة أن يعود الجميع للتعرف “على المصحف ككتاب”، مؤكدا ان “مسؤولية التوعية لهذا الجانب من العلوم القرآنية تقع على كل من يمكن ان يساعد فيه”.
وحول تأثير وسائل التواصل الإجتماعي في الحد أو توفير انتشار المخطوطات القرآنية والتراث الإسلامي يقول الشيخ خازم إن الاستفادة من هذه الوسائل سيكون من خلال المصحف الالكتروني وما يشابهه لسهولة الاستخدام، لكن عالم الانترنت أعاد الحياة من جانب آخر إلى هذا العلم من خلال سهولة الوصول الى النسخ القديمة الموجودة في مختلف انحاء العالم، يعني اليوم بامكاننا الدخول إلى المكتبات العالمية والحصول على المخطوطات حتى النادرة منها“.
وختم الشيخ خازم بالقول أن “ما أقوم به هو خدمة لن يكون لي فيها فضل الا ان اوفق لإعادة إحياء الإهتمام بالقران الكريم ككتاب ومنه طبعا الانتقال الى التدبر والعمل بالتوجيهات القرانية”.
مهدي سعادي