خاص شفقنا-الفضائح التي فجرها الرئيس الامريكي بسبب تصريحاته وسلوكياته خلال اجتماع الناتو الذي عُقد في بروكسل، وكذلك خلال زيارته الى بريطانيا في الايام القليلة الماضية، لم ولن تكن الاخيرة، فالرجل اعتاد العيش مع وبين الفضائح من مختلف انواعها، دون ان تساهم سنوات عمره التي تجاوزت السبعين ، في بلورة شيء من الحكمة في راسه.
في اجتماع الناتو اطلق ترامب للسانه العنان وتحدث كبلطجي مع حلفائه في الحلف، مذكرهم بـ”فضل” امريكا عليهم في حمايتهم وتوفير الامن والاستقرار لهم، مطالبا اياهم بدفع المزيد من الاموال لامريكا اذا ارادوا ان تواصل حمايتها لهم.
الهجوم الاعنف لترامب استهدف بالدرجة الاولى المستشارة الالمانية انجيلا ميركل التي اتهمها بانها المسؤولة عن جعل المانيا أسيرة لروسيا، لانها تحصل على ما تحتاجه من طاقة من روسيا، وهو ما اعتبره الالمان والغربيون، اهانة شخصية لميركل، كما اعتبروه تدخلا سافرا وغير مبرر في شؤون دولة كبرى وحليفة تقليدية لامريكا مثل المانيا.
المهزلة التي اثارها ترامب في بروكسل اثارت حفيظة حتى الامريكيين انفسهم الذين اعتبروا تصرفات وسلوكيات وتصريحات ترامب، قد حطت كثيرا من مكانة امريكا لدى حلفائها الغربيين.
وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري اكد ان ترامب يفضح امريكا ووجه انتقادا لاذعا له واصفا سلوكه في اجتماع حلف الناتو بالغريب والمعاكس، مشددا على إن ترامب يدمر سمعة امريكا في العالم بشكل مطرد، ويجعل خصوم امريكا من اصدقائها ويتحالف مع من كانوا يهاجمون الديمقراطية الامريكية.
ونشر كيري تغريدة على “تويتر” قال فيها: “لم أر رئيسا يقول شيئا غريبا أو غير مجد مثل ترامب ضد الناتو وألمانيا، كان الأمر مخزيا ومدمرا ويطير في وجه المصالح الفعلية للولايات المتحدة الأمريكية. ما كان معروضا في قمة بروكسل لم يكن سلوك قائد قوي ومبدئي وحكيم.. كفى، فهذا ليس جيدا بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية.
محطة الفضائح الاخرى لترامب تمثلت بزيارته لبريطانيا، حيث شن هجوما غير مسبوق ضد رئيس وزراء بريطانيا تيريزا ماي منتقدا سياستها ازاء خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، معتبرا سياستها ستدفع امريكا للتعامل مع الاتحاد الاوروبي بدلا عن بريطانيا، مشيدا في الوقت نفسه بشخصية بوريس جونسون وزير خارجية بريطانيا الذي استقال من حكومة تيريزا ماي.
تدخل ترامب بالشان الداخلي البريطاني لم يكن هفوة او زلة لسان ،فترامب واعضاء ادارته الحالية والسابقين، من اكبر المنادين بتفكيك الاتحاد الاوروبي، من اجل وأد اي تكتل اقتصادي يمكن ان ينافس امريكا على هيمنتها على العالم، فلم يمر سوى يوم او يومان على تصريحات ترامب، حتى ذكرت صحيفة ديلي تليغراف في عددها الصادر يوم امس السبت إن ستيف بانون المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتقد أن الوقت قد حان كي ينافس جونسون، ماي، على منصبها.
الصحيفة نقلت ايضا عن بانون قوله إن “تيريزا ماي لديها الكثير من المزايا العظيمة. لكن لست متأكدا من أنها الزعيمة الصحيحة في الوقت الصحيح وحان الوقت لجونسون ان يقود بريطانيا.
السبب الاول والاخير وراء الدعم الامريكي لجونسون هو قيادته حملة الانفصال البريطاني الأساسية في استفتاء عام 2016، وقد استقال من منصب وزير الخارجية يوم الاثنين الماضي احتجاجا على استراتيجية ماي التي قال إنها تقتل ”حلم الانفصال البريطاني“ عن الاتحاد الأوروبي بعدم الثقة في النفس.
الرد البريطاني على فضائح ترامب وتدخله بالشان البريطاني وباقي دول الاتحاد الاوروبي، لم يأت رسميا بل شعبيا، فنزل اكثر من100 الف متظاهر بريطاني الى الشوارع احتجاجا على زيارة ترامب لبلادهم، منددين بسياساته العنصرية والمتطرفة والتدميرية على مستوى العالم اجمع، مطلقين بالونا كبيرا يمثل طفلا يرتدي حفاظات، في اشارة واضحة الى ان ترامب ليس سوى طفل لا يفهم شيئا.
كنا نتمنى ان يتعظ بعض الزعماء العرب وخاصة في الدول الخليجية، التي ترى في ترامب آخر حكماء امريكا وتتقرب اليه زلفى بمئات المليارات من الدولارات وبالملايين من براميل النفط، من الامريكيين والغربيين الذين هم اقرب من العرب الى ترامب فهم عشيرته، حيث لا يرون فيه الا “فضيحة” او “طفل” كبير، فردود الفعل الغربية ازاء شخصية ترامب، عكست من بين ما عكست، حقيقة ان “الكرامة” كانت المحرك الرئيسي لها، وهو محرك لا اثر له لدى أولئك “الزعماء”.
فيروز بغدادي