شفقنا العراق- كثيرةٌ هي المشاريع القرآنيّة الهادفة التي يتبنّاها معهدُ القرآن الكريم في العتبة العبّاسية المقدّسة، ومن هذه المشاريع مشروع عرش التلاوة، وهو مشروعٌ فتيّ يهدف الى الاستفادة من الخبرات والطاقات القرآنيّة الكبيرة الموجودة في العراق وإظهارها وإبرازها الى العالم الإسلاميّ، والعمل على تنمية هذه المواهب والأخذ بيدها تبعاً لمنهاجٍ خاصّ بهذا الأمر، أمّا المشروع الآخر -مشروع أمير القرّاء- فهو مشروعٌ قرآنيّ يُقام للسنة الرابعة على التوالي بإشراف أساتذةٍ أكفاء من داخل العراق وخارجه، ويهدف إلى خلق جيلٍ قرآنيّ متميّز يأخذ على عاتقه إكمال المسيرة القرآنيّة بخطواتٍ ثابتة وبإعداد الموهوبين الصغار في التلاوة على نظامٍ حديثٍ ضمن دراسةٍ فنيّة يتمخّض عنها إخراج مجموعةٍ من القرّاء البراعم وإيصالهم الى مستوىً جيّد من التلاوة.
هذان المشروعان الرائدان اللذان يشرف على تنفيذهما مركزُ إعداد القرّاء في معهد القرآن الكريم اجتمعا في يومٍ مبارك وهو يوم الجمعة وفي بقعةٍ مطهّرة ومباركة وهي صحن أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، لتصدح حناجرُ مشتركي المشروعين بتلاواتٍ قرآنيّة مباركة شغفت القلوب وأسرت المسامع لتحلّق بالحاضرين والزائرين في رحابٍ قرآنيّة واسعة، ليسود جوٌّ من التفاعل والروحانية الكبيرين في اقتران أنفاس القرآن بأنفاس المولى أبي الفضل العبّاس(عليه السلام).
حيث افتُتِح هذا المحفلُ بتلاوةٍ مباركة من مدرسة الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي تلاها الموهوب محمد جاسم صبر من المدرسة القرآنيّة في قلعة سكر، تلتها تلاوةٌ عطرة من مدرسة الشيخ المنشاوي بصوت الموهوب محمد سموأل من محافظة بابل، جاءت بعدها تلاوةٌ مباركة من مدرسة الشيخ أبي العينين شعيشع تلاها الموهوب أحمد جعفر رزوقي من معهد القرآن الكريم فرع بابل، تلتها تلاوة من مدرسة الشيخ الشحات محمد أنور بصوت الموهوب سجاد حسين رحيم من مؤسّسة الثقل الأكبر في العاصمة بغداد، وكان مسك ختامها مع الطريقة العراقية التي تلاها القارئ المدرّب بلاسم جليل.
ومع ارتفاع درجات الحرارة وقلّة ساعات تجهيز الكهرباء وانقطاعها في أغلب الأوقات، وتزامناً مع الامتحانات النهائيّة لطلبة المراحل الدراسيّة المنتهية من طلبة السادس الإعدادي، فتحت العتبةُ العبّاسية المقدّسة أبوابها لهؤلاء الطلاب من أجل المذاكرة والاستعداد لأداء امتحاناتهم النهائيّة، التي تعتبر من أهمّ المفاصل المحوريّة في حياتهم التعليميّة لكونها سوف تحدّد مستقبلهم.
حيث وجّهت الأمانةُ العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة بتهيئة أماكن خاصّة للمذاكرة مجهّزة بكافّة التجهيزات التي يحتاجونها لتساعدهم على التركيز في مذاكرتهم، فمنذ ساعات الصباح الأولى تستقبل العتبةُ المقدّسة عشرات الطلبة منهم مَنْ يتّخذ من سراديب التوسعة مكاناً لدراسته وآخر من أواوين الصحن الشريف وآخر داخل مكتبة العتبة المقدّسة أو في الصحن الشريف، ولهم حريّة التنقّل داخل هذه الأماكن، فجميع ما يحتاجه الطالب متوفّر من ماءٍ بارد وإنارة وتبريد متواصل، وجميعُها خلقت أجواء مثاليّة للمذاكرة المدرسيّة، فالتواجد في نوعيّة من الأماكن خاصّةً الطاهرة وأيضاً المراجعة بين أقرانهم يُعدّان عاملين نفسيّين لهما أهميّة كبيرة في اجتياز رهبة الامتحانات.
الطلبة من جانبهم بيّنوا أنّ أجواء العتبة المقدّسة تختلف جذريّاً عن أجواء البيت أو الساحات والحدائق العامّة التي يلتجئ البعض لها من أجل القراءة، وهذا عائدٌ الى ما أعدّته العتبةُ المقدّسة للزائرين والطلبة إضافةً للخدمات المقدّمة، وإنّ هذه الأجواء الروحانيّة تُساعد الطالب على التركيز في القراءة والحفظ وهو يستعدّ لخوض الامتحانات النهائيّة، كذلك أنّ هذه الأجواء تجعل منّا ونحن بجوار أبي الفضل العباس(عليه السلام) أن نأخذ منه الطاقة والعزيمة من أجل النجاح والتفوّق.
النهایة