شفقنا العراق- أكد أحمد الأسدي, الناطق الرسمي باسم تحالف “الفتح” العراقي، أن المحاصصة السياسية هي أساس الفساد الذي يعانيه العراق، وشدد في الوقت نفسه على أن الانتخابات النيابية المقررة الشهر القادم تعد “بوابة أمل سترسم مستقبل العراق”.
وفي حوار أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) في بغداد امس قال الأسدي :”الانتخابات القادمة هي بوابة أمل في عراق يحكمه أهله من خلال عملية ديمقراطية تحمل مشروع بناء حقيقي لهذا الوطن … وأعتقد أن هذه الانتخابات لا تقل أهمية عن انتخابات واستفتاء الدستور عام 2005 ، وانتخابات عام 2018 سترسم مستقبل الدولة لفترة من 10 إلى 15 سنة على أقل تقدير”.
ورأى أن المحاصصة في تشكيل الحكومات العراقية أدت إلى وجود حكومات “يشترك فيها الجميع ويعارضها تقريبا الجميع … وأصبح الشيعة في الحكومة يسكتون على السنة والسنة يسكتون على الشيعة والكرد يسكتون على السنة وهكذا … وقد أدى هذا إلى أن يكون الفساد آفة مستعصية”.
وشدد على أن “المحاصصة هي أس الفساد ولولاها لما استطاع الفاسدون أن يحموا أنفسهم على مدار أكثر من عشر سنوات … كما أنها فككت الكثير من مقومات النجاح في نظام الحكم وطريقة إدارة الدولة”. تجدر الإشارة إلى أن “تحالف الفتح” أسسه هادي العامري، أحد أبرز قيادات الحشد الشعبي، في وقت سابق من العام الجاري لخوض الانتخابات البرلمانية المقررة الشهر القادم.
وقال الأسدي :”ما نطمح إليه هو تشكيل جبهة وطنية سياسية موحدة تعمل بنظام التكامل السياسي: أي يكمل كل حزب أو كتلة أو تحالف داخل هذه الجبهة بعضها البعض، ومن لا يؤمن بسياسة هذه الجبهة أو يختلف معها يمكن أن يذهب باتجاه المعارضة، وقلنا ونؤكد مرة أخرى، لكوننا نريد أن نثبّت المسارات الصحيحة في العمل الديمقراطي، فإننا إذا لم نتمكن من أن نكون جزءا من حكومة أغلبية أو حكومة جبهة وطنية فإننا سنذهب باتجاه المعارضة لنؤسس لشيء حقيقي وهو إدارة العمل الديمقراطي”.
وحول التغيير الذي يقدمه التحالف للشعب العراقي، أشار الأسدي إلى أن التحالف هو “تحالف جديد يدخل برؤى جديدة وأهداف جديدة، ليست مبتدعة، وإنما مستخلصة مما تحقق من انتصارات ومن التجارب المتلكئة على مدار أكثر من 14 عاما”.
وأضاف أن “أهم ما يطلبه المواطن العراقي هو تغيير النظام، والمقصود تغيير الرؤى ومسارات البناء السياسي والإداري … الدولة العراقية بعد 2003 شابتها الكثير من الأخطاء، وخاصة في المجال السياسي والإداري، والمحاصصة التي زُرعت في طريق إدارة الدولة فككت الكثير من مقومات النجاح في نظام الحكم وطريقة إدارة الدولة ولذلك سنعمل من أجل تغيير طريقة إدارة الدولة والبناءات السياسية والإدارية والتركيز على أن تكون المواقع المهمة، في الأمور الفنية والإدارية، بيد المتخصصين الذين يتمتعون بالكفاءة ويستطيعون النهوض بنتائج هذا العمل”.
وحول أبرز ما يتضمنه برنامج “الفتح” للانتخابات العراقية، أوضح أن برنامج التحالف يتركز على “محاربة الفساد، وتمكين الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة وبسط الأمن وسلطة الدولة وحصر السلاح بيد الدولة، وتوفير الخدمات في جميع القطاعات، فضلا عن وضع حلول لعلاج مشكلة البطالة”.
وحول السبب في انتقاله من العمل متحدثا باسم الحشد الشعبي إلى السياسة، أوضح الأسدي :”أساسا أنا كنت سياسيا قبل أن تصدر فتوى المرجعية الدينية ويتشكل الحشد الشعبي. لقد كنت مستشارا في مكتب رئيس الوزراء للمصالحة الوطنية. وفي 2015 أديت اليمين الدستورية أمام مجلس النواب بديلا عن رئيس الوزراء حيدر العبادي. ثم انتقلت لجبهات القتال للدفاع عن العراق ومواجهة الإرهاب. وظللت بعملي كناطق للحشد الشعبي. وبعد النصر أصبح لزاما علينا أن نلتفت إلى مسارات أخرى. وعملي الآن في مجلس النواب مكمل لعملي السابق في الحشد الشعبي، حيث أعمل على متابعة حقوق أبناء الحشد الشعبي وشهدائهم وجرحاهم، كما أني عضو في لجنة الأمن والدفاع. وعندما يحتاجنا العراق فإن أيدينا على الزناد وأرواحنا لا تزال على أكفنا”.
وحول الأمور التي نجح فيها العبادي منذ توليه رئاسة الوزراء، قال العبادي “نجح بشكل جيد في إدارة التوازنات الخارجية والداخلية، حيث نجح في إدارة التوازن الخارجي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول الخليج، وما بين الولايات المتحدة وإيران، وما بين تركيا وإيران أحيانا … كما استطاع أن يدير التوازنات الداخلية: فلم يتقاطع بشكل مباشر مع أي كتلة من الكتل السياسية واستطاع إرضاء الجميع بنسبة معينة، واستطاع العبور بأجواء المعركة وصولا للانتصار في المعركة المباشرة مع داعش”.
واستطرد :”هذا هو المجال الذي نجح فيه العبادي، ولا أعتقد أن لديه نجاحات أخرى يمكن أن نشير إليها بشكل واضح … أما الفشل فأعتقد أن موضوعات مكافحة الفساد التي أعلن عنها على مدار ثلاثة أعوام لا تزال جعجعة لا طحين … رأينا بعض الحالات وهي حالات جيدة ولكن ليس هذا على مستوى المطلوب”.
وعما إذا كان يتوقع بقاء العبادي في منصبه، قال الأسدي :”من يحدد منصب رئيس الوزراء هو آراء الكتل السياسية التي تشكل الكتلة الأكبر أو الجبهة الأكبر أو غيرها من المسميات … وعادة بالعراق يكون اختيار رئيس الوزراء مفاجئ للجميع … ولذلك فإني أعتقد أن رئيس الوزراء القادم سيكون من الذين لا يتوقع أحد أن يكون رئيسا للوزراء”.
وحول ما إذا كان رئيس الوزراء القادم سيكون من تحالف الفتح، قال :”لسنا تحالفا من أجل السلطة أو من أجل الحصول على رئاسة الوزراء، ولكن إذا رأينا أن حقوق جماهيرنا وحقوق أبناء الحشد الشعبي تتطلب منا السعي لمنصب رئيس الوزراء فإننا سنذهب باتجاه ذلك”.
واستدرك :”لا حوارات حتى الآن حول رئاسة الوزراء لأنه لن تكون هناك كتلة كبرى في الانتخابات تفوز بفارق كبير عن بقية الكتل …نتوقع أن تكون النتائج متقاربة”.
وحول دور إيران في العراق، قال :”دور إيران منذ سقوط صدام (حسين) داعم للحكومة العراقية والدولة العراقية والقوات المسلحة العراقية. وهي من دول الجوار التي وقفت مع العراق في حربه ضد الإرهاب وداعش. وقدمت الكثير من المساعدات حتى أنها قدمت شهداء من مستشاريها الذين كانوا يتواجدون مع الحشد الشعبي من أجل تقديم الاستشارة العسكرية … أما فيما يتعلق بالانتخابات فإنها بالتأكيد تدعم نجاح العملية الانتخابية وإجراء الانتخابات بشكل شفاف … وعندما تسعى إيران إلى عراق مستقر فإنها بذلك تؤمّن مصالحها … فالعراق دولة جارة لإيران بينهما حدود تمتد لـ1400 كلم”.
وحول التداخل بين الحشد الشعبي وتحالف الفتح، قال الأسدي :”بداية، لولا الحشد لأصبح العراق في خبر كان ولم يعد له وجود، ولكن الحشد هيئة عسكرية مستقلة ليس لها علاقة بتحالف الفتح. الحشد مؤسسة عسكرية لا علاقة لها بأي تحالف سياسي وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة شأنها شأن وزارة الدفاع والداخلية”.
وفيما يتعلق بالسبب وراء عدم حل الحشد الشعبي رغم مرور شهور على إعلان العراق النصر على تنظيم داعش، قال :”إذا حُلّ الحشد فإن الفراغ الذي سيتركه لن يستطيع الجيش ولا أي قوة أخرى من القوات المسلحة أن تملأه. كما أن العراق لا يزال في قلب الخطر وكذلك المنطقة … الحشد وُجد ليبقى وسيبقى. وقد ارتبط الحشد بضمير الأمة والجماهير العراقية ومدعوم بشكل مباشر من المرجعية الدينية. وإذا نظرت إلى من طالب بإلغاء الحشد تجد أغلبهم لم يقفوا مع العراق ولم يدعموه”.
ونفى ممارسة الحشد أي ضغوط على السنة، واعتبر أن هذه “ادعاءات كاذبة”. وأوضح :”الحشد لا يمثل مذهبا ليستهدف مذهبا آخرا … الحشد هو المؤسسة الأمنية الأكثر تطبيقا للدستور فيما يتعلق بتوازن المكونات … لدينا في الحشد أكثر من 30 ألف متطوع سني وما بين 65 إلى 70 ألفا من الشيعة، فضلا عن الآلاف من المكونات الأخرى. ومثل هذه الادعاءات تخرج من سياسيين يتحدثون بمصالحهم السياسية”.
وشدد :”مخطئ من يعتقد أن معركتنا مع داعش انتهت، ومخطئ من يقول إن داعش في العراق انتهى … المعركة العسكرية انتهت ولكن المعركة الأمنية لم تنته. وكما كنا بحاجة للحشد أمس فإننا لا نزال بحاجة إليه اليوم”.
وبشأن موقف الحزب من وجود قوات أجنبية في العراق، شدد :”نرفض بقاء أي قوات أجنبية برية أو جوية أو بحرية في العراق بشكل غامض ودون موافقات رسمية … وحتى إذا كان يُقال إن هدفها هو التدريب، فإننا بحاجة إلى إعلان أعدادها وأماكن تواجدها وأن يتم هذا من خلال الأطر القانونية: أي أخذ الموافقات الدستورية والقانونية”.
وحول ما ينتظره العراق من ألمانيا والاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة، قال :”الاتحاد الأوروبي وألمانيا دعما العراق في الحرب على الإرهاب … ونتمنى أن يستمر هذا الدعم في مرحلة إعادة الإعمار والبناء … فالحرب دمرت الكثير من البنى التحتية واستنزفت الكثير من مواردنا. ونحن الآن بحاجة إلى دعمٍ من جميع الدول الصديقة من أجل النهوض بالواقع الاقتصادي، لأننا إن أردنا أن نقضي فعلا على الإرهاب فإن علينا أن نعالج القضايا الاقتصادية والبطالة وحاجة الشباب من أجل أن نمنع أي استغلال لهم من قبل الإرهابيين”.
النهایة