خاص شفقنا- تدعي امريكا انها “زعيمة العالم الحر”، التي تضع كما تزعم، حقوق الانسان، في سلم اولوياتها عندما تقيم علاقاتها مع البلدان الاخرى، ولطالما تدخلت وبشكل سافر في شؤون البلدان الاخرى تحت ذريعة الدفاع عن هذه الحقوق، الا انها على ارض الواقع دعمت وساندت وساعدت كل الانظمة الدكتاتورية والاستبدادية والقبلية والاسرية المعادية للشعوب.
امريكا لم تدعم الانظمة الاستبدادية فحسب بل ساهمت وبشكل لا لبس فيه في اسقاط الانظمة الديمقراطية في العالم، وخير مثال على ذلك اسقاط الحكومة الوطنية المنتخبة شعبيا برئاسة الدكتور محمد مصدق عام 1953 في ايران، واسقاط الحكومة الوطنية المنتخبة شعبيا برئاسة سلفادور الندي عام 1973 في شيلي، بتدخل سافر من قبل وكالة المخابرات المركزية الامريكية (السي اي ايه).
الانقلابان الامريكيان في ايران وتشيلي، ساهما في صعود انظمة دكتاتورية مستبدة حكمت بالحديد والنار في ايران وشيلي وسقط الالاف ضحايا هذين النظامين، كما كان الانقلابان عبارة عن انتقام امريكا من الشعبين الايراني والشيلي لانتخابهما شخصيات وطنية تعمل على خدمة الشعب وتقف امام الاطماع الامريكية.
ما يقال في امريكا عن دعم امريكا لحقوق الانسان، بغض النظر عن انتماء هذا الانسان دينيا او عقائديا او حزبيا او قوميا اوجغرافيا، الا اكذوبة، واول من فضح هذه الاكذوبة هو النظام الامريكي نفسه، بسبب ممارساته المعادية لحقوق الانسان وتطلع الشعوب نحو التحرر والاستقلال.
منذ نحو 7 سنوات ومعظم الشعب البحريني يطالب وبشكل حضاري بحقوقه المشروعة من نظام ال خليفة العائلي المتخلف والمستبد، الا ان حراكه السلمي قُمع بالحديد والنار، وتعرض لابشع انواع الظلم والاضطهاد، حيث قامت سلطات ال خلفية باستقدام المرتزقة من مختلف انحاء العالم ومنحتم الجنسية البحرينية، واستخدمتهم كعصا غليظة ضد الشعب الاعزل، فارتكبوا هؤلاء المرتزقة جرائم يندى لها جبين الانسانية ، فقتلوا الاطفال وهم في بيوتهم بالغازات السامة، وغيبوا الالاف في السجون والمعتقلات، واسقطوا الجنسية عن المواطنين البحرينيين الاصليين بذريعة تهديد امن النظام الدكتاتوري الطائفي، وقطعوا ارزاق كل من يعارض سياسة النظام حتى بالكلام فطردوا الالاف من وظائفهم، الامر الذي اثار حفيظة حتى المنظمات التابعة للامم المتحدة، التي لم تعد تقدر التغطية على الظلم الذي يتعرض له شعب البحرين.
بعد ان فشل نظام ال خليفة الطائفي المستبد من اسكات صوت الشعب، حاول يائسا استخدام ورقته الاخيرة من خلال استهداف قادة الحراك السلمي الشعب، لاخراج الحراك الشعبي من طبيعته السلمية فاعتقل علماء الدين الذين كانوا من اهم الاسباب في بقاء الحراك سلميا، رغم قمع واستقزاز النظام، وفي مقدمة هؤلاء العلماء الشيخ علي سلمان الامين العام الجمعية الوفاق، وتوج سياسته الهوجاء والعبثية بفرض الحصار على الفقيه الكبير والمرجع الديني الاعلى في البحرين اية الله الشيخ عيسى قاسم البالغ من العمر 74 عاما، ومضى على حصره نحو عام ونصف العام، حتى تدهورت صحته وفقد نصف وزنه.
الملفت انه في الوقت الذي تعم البحرين تظاهرات شعبية حاشدة انتصارا لاية الله عيسى قاسم، ورفضا للحصار الأمني والعسكري ضده، وفي الوقت الذي اصدرت فيه منظمة أمريكيّون من أجل الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان في البحرين بيانا وصفت حصار آية الله عيسى قاسم وحرمانه من العلاج، بانه نموذج للاضطهاد الذي تمارسه السلطات البحرينية ضد مكون أساس من مكونات الشعب، نرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستقبل ولي عهد نظام ال خليفة الاستبدادي، سلمان بن حمد آل خليفة في البيت الابيض يعقد معه صفقات لبيع طائرات من طراف اف 16 تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار، بالاضافة الى تمديد اتفاقية التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والبحرين لمدة 15 عاما.
الملفت ان ترامب أشاد بالتعاون الدبلوماسي والاقتصادي بين بلاده والبحرين وقال ان علاقات بلاده بالبحرين ترجع لزمن طويل، وهي علاقات جيدة، وسوف تتحسن.
من الواضح ان هذه المليارات التي دفعها نظام ال خليفة الى ترامب، ما هي جزء صغير من جزية يجب ان تدفعها البحرين، كما دفعتها شقيقات البحرين الخليجيات وفي مقدمتهن السعودية التي ضخت في ميزانية امريكا اكثر من 110 مليارات دولار تحت عناوين صفقات اسلحة واستثمارات.
ان سرقة اموال الشعب البحريني من قبل نظام ال خليفة ومنحها لترامب السمسار العنصري، تاتي في اطار “عملية الحلب” المستمرة التي يمارسها ترامب للخزائن الخليجية، والا ما حاجة البحرين لمثل هذه الصفقات الضخمة لشراء الاسلحة بينما هي تحت الوصاية والحماية الامريكية المباشرتين، فهذا البلد الخليجي الصغير يضم قاعدة الأسطول الامريكي الخامس، الذي يتالف من حاملة طائرات أميركية وعدد من الغواصات الهجومية والمدمرات البحرية وأكثر من سبعين مقاتلة، إضافة لقاذفات القنابل والمقاتلات التكتيكية وطائرات التزويد بالوقود. ويتواجد اكثر 3500 بحار امريكي، فيما يقدر عدد السفن التابعة لسلاح البحرية الأميركي والراسية في البحرين بسبعة عشرة سفينة.
منذ أواسط 2008 بدأ الأسطول الامريكي بتوسيع قاعدته في البحرين، وتحديدا في ميناء سلمان شرق العاصمة المنامة، على مساحة سبعين فدانا، بتكلفة تقدر بحوالي 580 مليون دولار، وتتضمن التوسعة الجديدة التي نفذها واشرف عليها قيادة الهندسة في البحرية الأميركية، مرافق عديدة بينها مركز عمليات وميناء ومساكن للأفراد ومبان إدارية وغيرها.
النهایة