خاص شفقنا- منذ ظهور “داعش”، رسميا في عام 2014 وعمليا عام 2003، على مسرح الاحداث في منطقة الشرق الاوسط وخاصة في العراق وسوريا، بالشكل الشنيع والملفت كان واضحا ان هذا التنظيم لا يتحرك في فراغ، وان هناك ارادة دولية مصممة على دعمه وحمايته ليتحول الى معول لهدم البلدان وتشتيت الشعوب في خدمة مجانية لم تحلم بها “اسرائيل” منذ زرعها في قلب العالم الاسلامي منذ نحو 70 عاما.
السهولة التي انتشر خلالها “داعش” جغرافيا في العراق وسوريا، رغم ان مناطق انتشاره كانت مكشوفة ولم تكن وعرة كما هي مناطق القاعدة وطالبان في افغانستان وباكستان، والسهولة التي انتقل بها عشرات الالاف من الشباب المتعاطفين مع “داعش” من مختلف بلدان العالم، الى العراق وسوريا، رغم معرفة حكومات تلك البلدان بالجهة التي يريد هؤلاء الشباب الذهاب اليها والسبب الذي يدفعهم لذلك، وسهولة حصول “داعش” على العوائد الضخمة من بيع النفط والاثار لدول، رغم وجود قرارات اممية في منع التعامل مع “داعش”، وسهولة حصول “داعش” على اسلحة متطورة من قبل الدول التي تدعي انها منخرطة في تحالف لمحاربتها ، سهولة عودة الاف الشباب من الذين قاتلوا في صفوف “داعش” في العراق وسوريا الى بلدانهم دون ان يتعرضوا للمساءلة او الاستجواب، رغم انهم معرفون لاجهزة الامن في تلك الدول، كل هذه الامور كانت واضحة منذ البداية للمراقبين وللاشخاص العاديين، الامر الذي زاد من الشكوك حول وجود مؤامرة كبرى تستهدف امن واستقرار الدول العربية والاسلامية لمصلحة امن واستقرار “اسرائيل”.
لم يتعرض الاسلام على مدى تاريخه الطويل لحملة تشويه ممنهجة كما تعرض لها على يد “داعش”، فحرق الضحايا وصلبهم واغراقهم بالماء وسلخ جلودهم وبتر اعضائهم والقائهم من مبان شاهقة، واغتصاب النساء والفتيات، واقامة اسواق النخاسة لبيع البشر، والتمثيل بالجثث، وتفجير المساجد والكنائس والحسينيات ودور العبادة والاسواق والشوارع والمدارس والجامعات والمستشفيات ورياض الاطفال، وتفجير الاثار التي يعود تاريخها الى الاف السنين، ومحو الاثار الاسلامية والمسيحية من الوجود، كلها فظائع كانت ترتكب باسم الاسلام، في خدمة مجانية كبرى ل”اسرائيل”.
الملفت ان امريكا كانت تدعي وعلى لسان كبار مسؤوليها، ان الحرب على “داعش” قد تستغرق عقودا طويلة، في محاولة لافساح المجال امام هذا التنظيم الارهابي التكفيري الوحشي لتحقيق ما تبقى من اهداف المخطط الامريكي “الاسرائيلي” في تفكيك بلدان المنطقة وشرذمة شعوبها.
امام هذا الموقف الامريكي المتماهي مع “داعش”، لم يكن امام شعوب المنطقة الا ان تتولى بنفسها مهمة الدفاع عن بلدانها واستقرارها وحاضرها ومستقبلها، فهب الشعب العراقي بعد فتوى الجهاد الكفائي التاريخية لسماحة السيد السيستاني، التي استنهضت كل عناصر القوة في الشعب العراقي، بعد ان دقت “داعش” ابواب بغداد عام 2014، فانتقل العراقيون من الدفاع الى الهجوم، وبدات هزائم “داعش” تتوالى.
الشعب السوري ومن خلال تماسكه ووقوفه خلف حكومته وجيشه، تمكن من ان يصمد وينتقل من مرحلة الدفاع الى الهجوم بعد احتواء الهجمة العسكرية و الاعلامية والسياسية والنفسية التي شنتها الجهات التي تقف وراء “داعش” في العالم والاقليم، وبدا يطهر ارضه شبرا شبرا من دنس “الدواعش” والتكفيريين.
حزب الله الى جانب الجيش اللبناني، تمكنا من الحيلولة دون تحويل لبنان الى ساحة لفظائع “داعش”، عبر انتقال مقاتلي حزب الله الى سوريا لمنازلة “داعش” هناك قبل ان يهدد اللبنانيين داخل مدنهم وقراهم، وقبل ان يستفرد بالسوريين، فسطروا ملاحم سجلها التاريخ بمداد من ذهب، لشباب ضحوا بانفسهم من اجل الدين والوطن.
الجمهورية الاسلامية في ايران، كانت اول بلد في العالم قدم الدعم الى العراق وسوريا، عندما هددت “داعش” بغداد ودمشق، بينما كانت امريكا والغرب والرجعية العربية يتفرجون على فظائع “الدواعش” بحق العراقيين والسوريين، وتمكنت من افشال المخطط الامريكي “الاسرائيلي” العربي الرجعي، المتمثل باستخدام الطائفية كسلاح لبث الفرقة والصراع والنزاع لمصلحة “اسرائيل”.
في عام 2014 عندما اعلن الارهابي ابو بكر البغدادي قيام دولة الخرافة من على منبر جامع النوري في الموصل، كان الفرحون حينها ، امريكا وحلفائها الذين كان يدعون كذبا معاداة “داعش”، فكانوا يطيرون فرحا، وهم يرون امنيتهم تحققت، حيث يقتل المسلمون بعضهم بعضا باسم المذهب والطائفة والقومية والعرق والمناطقية، بينما ابناء المنطقة والمقاومة ومحور المقاومة، فكانوا محزونين وغاضبين، لما وصلت اليه حال الامة على يد التكفيريين والصهاينة.
اليوم في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 بعد ان حرر السوريون البوكمال آخر منطقة تتواجد فيها “داعش” في سوريا، وبعد ان حرر العراقيون مدينة راوة اخر منطقة تتواجد فيها “داعش” في العراق، طويت صفحة “داعش” والى الابد في العراق سوريا، وارتسمت الفرحة على وجوه ابناء المنطقة ومحور المقاومة، فشتان بين من قاتل “داعش” استعراضيا وبين من قاتلها من اجل اجتثاثها وتخليص الامة من شرورها.
النهایة