خاص شفقنا-الازمة التي تفجرت بعد استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وما اعقبها من تطورات دراماتيكية بعد دول فرنسا على خط الازمة، واجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، والاتصالات الهاتفية بين الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون والرئيس الامريكي دونالد ترامب، وبين ماكرون وعدد من رؤساء وزعماء المنطقة، كلها كانت تتمحور حول موضوع واحد، هو حزب الله.
الحيرة ستلازم بلاشك المراقب وهو يرصد كل هذا الكم الهائل من التطورات والاجتماعات والاتصالات بين دول عظمى ودول اقليمية ومنظمات دولية واقليمية، ليس لمناقشة خطر يهدد كوكب الارض قادم من الفضاء، بل لـ”ستشعار” هذه الجهات “للخطر الداهم الذي يهددها من قبل حزب الله”.
لا ندري ما هو الخطر الذي يشكله حزب الله على بعض الدول الخليجية وفرنسا وامريكا، لكي يحاول الرئيس الفرنسي ماكرون تدويل قضية استقالة الحريري، ويخطط لعقد اجتماع دولي لمناقشة “خطر حزب الله”، الامر الذي تلقفه الرئيس ترامب الذي شجع ماكرون في مسعاه من اجل التصدي لحزب الله؟!
من الواضح ان لا خطر يهدد هذه الدول من قبل حزب الله، ولكن خطر الحزب على “اسرائيل” والهزيمة التي لحقت بـ”داعش”، هو الذي يقف وراء كل هذا التحالف الامريكي الفرنسي العربي وخاصة الخليجي ضد حزب الله.
الهبّة التي تشهدها الجامعة العربية اليوم، والهبّة الفرنسية التي اتضح انها غير بريئة بشان موقفها من ازمة استقالة الحريري واحتجازه في السعودية، والتناغم الحاصل في المواقف بين فرنسا وامريكا حول حزب الله، والتسريبات “الاسرائيلية” المتزامنة مع هذه الهبّات والتطورات والاجراءات والمواقف، حول وجود اتصالات وتنسيق بين “اسرائيل” والدول الخليجية، بهدف التصدي لـ”ارهاب” حزب الله، كلها تكشف عن وجود طبخة يتم اعدادها من اجل التعرض للبنان باكمله تحت ذريعة التصدي لحزب الله.
صحيح ان كل هذا الجوقة تحركها “اسرائيل”، ولكن سرعة ايقاع هذه الحركة جاءت بعد هزيمة “المُنتج” الامريكي الغربي الصهيوني العربي الرجعي، المتمثل بـ”داعش” على يد ابطال حزب الله، والذي كان يعول عليه لتحقيق الهدف الامريكي الغربي الصهيوني، المتمثل بتفتيت سوريا والعراق ولبنان لمصلحة “اسرائيل”.
رغم ان الجيش السوري والعراقي واللبناني وحزب الله والحشد الشعبي والقوات الرديفة والمتحالفة معهم الى جانب ايران، كان لها الفضل في هزيمة “داعش”، الا ان امريكا و”إسرائيل” بدأت باستهداف حزب الله فقط حاليا على الاقل، لدوره المتميز في هزيمة “داعش”، وللانتقام منه للهزيمة التي الحقها اكثر من مرة بـ”اسرائيل” بعدما مرغ انف جيشها في وعل الهزيمة، ولدوره في افشال كل مخططات امريكا و”اسرائيل” في المنطقة.
الاطرش فقط من لا يسمع طبول الحرب التي تُقرع ضد حزب الله من قبل الجهات التي اشرنا اليها، فهذه الطبول وان كانت تُقرع منذ وقت طويل ضد حزب الله، الا ان صوت الطبول هذه المرة مرتفع جدا، الامر الذي يؤكد ان الجهات التي صنعت “داعش” غاضبة اشد الغضب على اعطاب حزب الله “منتجها” المفضل، لذلك يبدو انها فضلت ان تنزل بنفسها للميدان وبشكل مباشر لتحقيق اهدافها بنفسها بعد عن عجزت “داعش” عن ذلك.
كلمة اخيرة نقولها ولا نطيل، فالامر لا يستحق الاطالة والاطناب، صحيح ان طبول الحرب تقرع، ولكن لن تقع مثل هذه الحرب ابدا، لسبب بسيط، وهو ان حزب الله والحشد الشعبي وانصار الله وجيوش العراق وسوريا ولبنان، ليست كما تحاول تلك الجهات التي تدق طبول الحرب، اظهارها على انها كيانات تقف وراءها ايران، بل جزء لا يتجزا من شعوب هذه الدول، بل هي اكثر الجهات شعبية في تلك البلدان، وبفضل هذه الشعبية تمكنت من هزيمة “داعش” وكل الجماعات التكفيرية الاخرى وقبلها “اسرائيل”، فكثيرا ما اختلف حساب الحقل مع حساب البيدر، خاصة لدى الدول التي تناصب محور المقاومة العداء، وهو محور قائمة على ارادة الشعوب.
منيب السائح