شفقنا العراق- أُسدِلَ الستارُ مساء الجمعة على فعاليات النسخة الثانية من مؤتمر الكفيل الدوليّ للمتاحف، الذي أقامه متحفُ الكفيل للنفائس والمخطوطات التابع للعتبة العبّاسية المقدّسة، واستمرّت فعاليّاته ليومين تحت شعار “المتاحفُ حضارةٌ واقتصاد” وبمشاركة وحضور شخصيّات أكاديميّة ومهتمّين بالشأن المتحفيّ من داخل العراق وخارجه.
حفل الختام الذي احتضنته قاعة الإمام الحسن عليه السلام بحضور الأمين العام للعتبة العبّاسية المقدّسة المهندس محمد الأشيقر ابتُدئ بتلاوة آياتٍ بيّنات من الذكر الحكيم.
جاءت بعد ذلك كلمةٌ للجنة المؤتمر العلميّة ألقاها رئيسها الدكتور إبراهيم سرحان، وممّا جاء فيها: “كان للأمانة العامّة للعتبة العبّاسية وإدارة متحف الكفيل الفضل الكبير في إقامة هذا المحفل العلميّ العالميّ، فكان لها قصب السبق في ولادة فكرة مؤتمر متخصّص بعلوم المتاحف، وهيّأت كلّ الإمكانيات وهي تسعى من خلال ذلك لتطوير متحفها المتخصّص -متحف الكفيل للنفائس والمخطوطات- وسبل النجاح والرقيّ بعمله، ومن بديع صنيعها أنها فتحت ذراعيها لكلّ المختصّين في الهيئات المعنيّة بالآثار والمتاحف وأساتذة الجامعات في داخل العراق وخارجه دون تحفّظ”.
وأضاف: “واحتراماً منها للتخصّص العلميّ أنّها شكّلت لجنة علميّة تقوم على إعداد وتنظيم المؤتمر من أساتذة أكفّاء من مختلف الجامعات العالميّة والعراقية، من بغداد والمستنصرية وبابل والكوفة والمعهد الشرقي الألمانيّ للآثار في ألمانيا، ناهيك عن المشاركة الفاعلة لكوادر متحف الكفيل”.
موضّحاً: “انبثق المؤتمر ليضع خطوطاً عريضة لأسس علم المتاحف وماهيّته والارتقاء بمستوى البنى التحتية لها والعرض المتحفيّ من خلال توظيف العلوم الأخرى المساندة لهذا العلم”.
وبيّن سرحان: “قُدّم للمؤتمر أكثر من ستّين بحثاً علميّاً في مختلف صنوف المعرفة ذات الصلة بعلم المتاحف، وعرضت جميع تلك البحوث على أساتذة متخصّصين في هذا المضمار من مختلف الجامعات العراقيّة لتقييمها وفق شروط البحث العلمي، وحاز عشرون بحثاً منها لباحثين عراقيّين وعرب وأجانب معايير القبول وانسجامها مع محاور المؤتمر، وقد ألقي منها خمسة عشرة بحثاً على مدى ثلاث جلسات”.
متابعاً: “لقد بذل الأساتذة وكلّ العاملين في اللجنتين العلميّة والتحضيريّة جهوداً علميّة وتنظيمية عالية المستوى لإظهاره بالمستوى العلمي اللائق، وفاءً لحامل لواء الحقّ وصاحب المكان المقدّس أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)”.
من ثمّ تلا الدكتور إبراهيم سرحان توصيات المؤتمر وكانت على النحو الآتي:
1 – ضرورة الاستمرار بعقد المؤتمر وجعله دوريّاً كلّ سنتين، لما له من فائدة كبيرة باعتباره مؤتمراً تخصّصيّاً فريداً في معالجة قضايا المتاحف وتطويرها، فضلاً عن إدامة الصلة بين العلماء والمختصّين والمهتمّين بشأن المتاحف وتطوير البحث العلميّ في هذا المجال.
2 – مدّ جسور التواصل بين متحف الكفيل للنفائس والمخطوطات مع المتاحف الوطنيّة والعالميّة، بغية تبادل الخبرات والبحث عن آخر المستجدّات في تقنيّات العرض المتحفيّ، وسبل الحفاظ على المقتنيات المعروضة وفق أحدث الأساليب العلميّة في العالم.
3 – أكّد المؤتمرون على تطوير عمليّات معالجة الآثار في المختبرات والورش التابعة لمتحف الكفيل للنفائس والمخطوطات في العتبة العبّاسية المقدّسة.
4 – يُهيب المؤتمرون بأقسام وكليّات الآثار في الجامعات العراقيّة والهيئات والمؤسّسات ذات العلاقة الى ضرورة عمل ورشٍ مشتركة ودوريّة مع متحف الكفيل، لكونه سيعود بالنفع العلميّ على كلا الطرفين لاسيّما وأن أغلب أقسام وكليّات الآثار ما زالت ناشئة، فهي تمتلك الكفاءات العالميّة إلّا أنها تفتقر الى الإمكانيات الفنيّة المتوفّرة في متحف الكفيل، وهذا ما سيطوّر مخرجات تلك الأقسام والكليّات وتسهم الكفاءات فيها لتطوير الجوانب العلمية للمتحف.
5 – تطوير البحث العلميّ في مجال علوم المتاحف لشعبة الدراسات في هذا المضمار والاستعانة بالعلوم الساندة لتطوير البنى التحتيّة للمتاحف وتوفير البيئة الملائمة للعرض المتحفيّ.
6 – توصي اللجنة العلميّة للمؤتمر الحالي وبعد إقرار المؤتمر الدوليّ الثالث أن يكون شعاره: (المتاحفُ حضارةٌ وتقنيّاتٌ علميّة)، وهي دعوةٌ لكلّ المختصّين في الحضارة والتنقيبات لاستخدام التقنيّات العلميّة للإسهام في تطوير البنى التحتيّة للمتاحف.
ليكن مسك الختام توزيع الشهادات التقديرية ودروع المهرجان على الباحثين والمشتركين والمساهمين في نجاح فعالياتة .
المشاركون يؤكّدون أنّه كان نقلةً نوعيّة على مستوى العمل المُتحفيّ والرقيّ به..
أكّد عددٌ من المشاركين في مؤتمر الكفيل الدوليّ للمتاحف أنّ النسخة الثانية منه كانت نقلة نوعيّة على مستوى أمثاله من المؤتمرات، وذلك لما شهده من تنوّع في الطرح الموضوعيّ الذي لم يتمّ التطرّق اليه سابقاً، إضافةً الى تنوّع الباحثين سواءً أكانوا من الأكاديميّين أو المختصّين بالشأن المتحفيّ، آملين في الوقت نفسه أن تشهد الدورات اللاحقة منه تطوّراً أكثر واستقطاباً لنخب متحفيه أكبر، وهذا ليس بالصعب على إدارة متحف الكفيل أو القائمين على هذا المؤتمر.
جاء ذلك خلال اختتام فعاليات الجلسات البحثيّة لمؤتمر الكفيل الدوليّ للمتاحف التي أقيمت الجمعة بحضورٍ ومشاركةٍ فاعلة لباحثين من داخل العراق وخارجه، حيث كانت هناك جلستان بحثيّتان.
الجلسة الصباحيّة: ترأّسها الدكتور ابراهيم حسين الجبوري والأستاذ أحمد ناجي سبع مقرّراً، وقد تضمّنت إلقاء ملخّصات لستّة بحوث كانت لباحثين من داخل وخارج العراق، وكانت كما يلي:
البحث الأوّل: للباحث الدكتور يوسف حجيم الطائي من جامعة الكوفة وكان موسوماً بعنوان: (دور التسويق المتحفيّ في كسب رضا الزبون الدوليّ.. متحف الكفيل أنموذجاً) وبيّن الباحث في بحثه: “أنّ عمليّة التسويق المتحفيّ عن طريق الزبون قد تكون من خلال الخدمات والمنتجات المقدّمة الى الزبون، ولابدّ من أن تكون هناك عمليّة تعريف ونقل هذه المعلومات الى الزبون أو المستهلك الدوليّ، سواء كانت هذه المنتجات آثارية أو أثريّة على المستوى المحلّي والعربي والعالمي، وبالتالي نحتاج الى عمليّة تسويق في كيفيّة إيصال هذه المنتجات الى أكبر شريحة ممكنة”.
البحث الثاني: للدكتور أنمار عبد الجبار جاسم من جامعة القادسية وحمل عنوان: (متاحف الآثار في العراق بين الواقع والطموح) وكان هذا البحث بحثاً مشتركاً مع الأستاذ حسام مزاحم محمد أيضاً من جامعة القادسية، حيث تمحور هذا البحث حول ثلاثة محاور رئيسية هي اللقى الآثارية وحالة المتاحف في العراق والمشاكل والأفكار التي تطرح، حيث تمّ التطرّق الى المتاحف العراقيّة بشكلٍ تفصيليّ، عن المساحة الكليّة للمتحف وعن القطع الأثرية الموجودة فيها وعن التواريخ المهمّة التي تمّ فيها التنقيب منذ عام (2000 – 2011) في جميع مناطق العراق.
البحث الثالث: كان مناصفةً بين الدكتور عزيز محمد أمين والأستاذ قدري علي عبد الله من جامعة صلاح الدين، وحمل عنوان: (دور المتاحف في حفظ وحماية القطع الأثرية وعرضها.. متحف أربيل أنموذجاً). حيث ركّز الباحثان فيه على أمرين مهمّين، أحدهما التكلّم بنبذة تاريخيّة عن متحف أربيل الحضاري، والأمر الثاني عن اللقى الأثرية التي تمّ الكشف عنها خلال الأعوام الأخيرة ليس في أربيل فقط بل في كردستان عموماً.
البحث الرابع: للدكتور حاكم جبوري الخفاجي من جامعة الكوفة وكان تحت عنوان: (إيجابيات شبكة التواصل الاجتماعي وأثرها في الترويج المتحفيّ) وتحدّث فيه عن شبكات التواصل الاجتماعيّ وأثرها في الترويج المتحفيّ وما لها من أثر في نفس المتلقّي وكيفية إيصال حضارات الشعوب الى تلك الدول.
البحث الخامس: كان للأستاذ عباس عبد منديل وقد حمل عنوان: (الأسلوب الفنّي للعرض المتحفيّ ومستلزماته) وأوضح فيه بعض الأساليب الفنية للعروض المتحفيّة وبعض مستلزماتها.
البحث السادس: كان من نصيب الأستاذ علي عبد الحسين عبادة من العتبة العبّاسية المقدّسة وحمل عنوان: (واقع الترميم في المؤسّسات العراقية وغير الحكومية.. مركز ترميم المخطوطات في العتبة العبّاسية المقدّسة أنموذجاً)، حيث تمّ خلال الجلسة عرض أعمال مركز ترميم المخطوطات في العتبة العبّاسية المقدّسة والمراحل التي يمرّ بها المخطوط.
أمّا الجلسة المسائيّة التي دارها الدكتور حيدر فرحان من جامعة بغداد وساعده فيها الدكتور نعيم عودة الزيدي عميد كلية الآثار في جامعة المثنى، فقد تضمّنت قراءة لملخّصات بحثين كانا على النحو التالي:
البحث الأوّل: للدكتورة داليا علي عبد العال من مصر، وكان بعنوان: (أحدث أساليب الصيانة العلاجية للمنسوجات)، وقد قدّمه بالنيابة عنها الدكتور سعيد عبد الحميد مدير عام المتاحف الأثرية في القاهرة بسبب تعرّضها لوعكة صحيّة منعتها من الحضور للمؤتمر.
وتحدّث البحث عن التصوير الفوتوغرافي كأداةٍ مهمّة من أدوات المرمّم لتسجيل وتوثيق الأثر قبل وبعد وأثناء مراحل العمل، بالإضافة الى التحليل الكيميائيّ الذي اعتبره الباحث نوعاً من أنواع التحاليل التي يجب أن تعضد بتحاليل وفحوص أخرى لتأكيدها.
البحث الثاني: كان للدكتورة هدى علي حيدر، وهو بعنوان: (المتاحف بين جدليّة الأسلوب والعرض الفنّي)، إذ تنقّلت من خلاله الى بعض العصور والسلالات البشريّة القديمة، وما وصل الينا من إرثٍ حضاريّ امتداداً للعصور الإسلاميّة، وهذه الجلسة لم تخلُ من المداخلات القيّمة والنقاشات المثمرة التي أضفت الفائدة لدى كلٍّ من الباحث والمتلقّي.
كما شهدت الجلستان الصباحية والمسائية مداخلات عدّة من قبل الحاضرين أثرتها بالآراء والأفكار البنّاءة، هذا وقد قام الباحثون بدورهم بتوضيح وبيان ما يلزم توضيحه.
النهایة