خاص شفقنا- خلال حملته الانتخابية طرح الرئيس الامريكي دونالد ترامب نفسه كمنقذ لامريكا من الاتفاق النووي الذي وقعته ايران مع السداسية الدولية ومن ضمنها امريكا باعتباره “اسوء اتفاق” وقعته بلاده مع طرف خارجي، وهدد بتمزيقه فور دخول البيت الابيض.
تهديدات ترامب ضد الاتفاق النووي لم تكن بسبب ارضاء اليمين المتصهين واللوبي الصهيوني في امريكا، و”اسرائيل” وبعض الدول الخليجية، بل جاءت ايضا انطلاقا من الخلفية السياسية لترامب الذي لا يرى افقا لحلول وسط مع ايران، فكل خياراته محصورة بين القوة العسكرية وفرض الحظر.
اغلب المراقبين الدوليين كانوا يتوقعون مصيرا سيئا للاتفاق النووي مع دخول ترامب الى البيت الابيض، لاسيما انه ضم في ادارته الجديدة شخصيات سياسية لا يمكن وصفها الا بالحاقدة والكارهة لايران، فهؤلاء لا يرون مشكلة في المعمورة الا وايران متورطة فيها، حتى قال بعض الظرفاء ان ادارة ترامب تحمل ايران مسؤولية ارتفاع درجة حرارة الارض والانهيارات الجليدية في القطب والفيضانات والاعاصير وثقب طبقة الاوزون، ولم يكتفوا بالاتهامات بل لوحوا باستخدام القوة لمواجهة ايران.
ترامب سيدخل قريبا عامه الاول وهو في البيت الابيض، الا انه مازال في طور التهديد ولم ينتقل الى مرحلة التنفيذ بشأن الاتفاق النووي ، رغم انه نفذ او في حال تنفيذ اغلب وعوده الانتخابية، الامر الذي اثار حفيظة “اسرائيل” واللوبي الصهيوني واليمين المتصهين وبعض الدول الخليجية الذي اخذ بعضهم يعيد ذات النغمة التي كانت مرتفعة في عهد باراك اوباما بشان وجود اتفاق امريكي ايران من وراء ظهورهم.
الحقيقة التي لا يريد حلفاء واتباع امريكا في المنطقة والعالم قبولها هي ان لا ادارة اوباما ولا ادارة ترامب ولا اي ادارة امريكية اخرى بامكانها ان تستخدم القوة ضد ايران لوقف برنامجها النووي او فرض ارادتها عليها، فالرئيس الامريكي السابق اوباما اعلنها صراحة وعلى الملأ انه ما كان سيقدم على التوقيع على الاتفاق النووي مع ايران لو كان بمقدوره تفكيك اخر مسمار في هذا البرنامج بالقوة.
الحقيقة التي قالها وبشكل صريح وعلني الرئيس اوباما ، يحاول ترامب التهرب منها بطرق لا يمكن وصفها الا بالطفولية والاستعراضية ، فالرجل يعرف انه اعجز من ان ينفذ تهديده بتمزيق الاتفاق النووي، فامريكا ليس لديها من خيار اخر الا الالتزام وتنفيذ هذا الاتفاق، فالخيارات الاخرى ستكون كارثية لا على المنطقة فحسب بل على العالم وامريكا ايضا.
ما يحاول ترامب اخفاءه يكشف عنه بعض اعضاء ادارته ومنهم وزير الخارجية ركس تيلرسون الذي اعلن وبصراحة انه لا يؤيد موقف ترامب من البرنامج النووي الايراني وانه يختلف معه في هذا الشان لان امريكا ليس امامها من خيار الا احترام الاتفاق والعمل ببنوده ما دامت ايران ملتزمة به وما دام القوى الخمس الكبرى ملتزمة به تحترمه.
الملفت ان اعضاء ادارة ترامب الذين يكنون حقدا هستيريا ضد ايران بدأوا يتساقطون واحدا تلو الاخر غير مأسوف عليهم، وان صوت الواقعية السياسية بدا يرتفع داخل ادارة ترامب بشان كيفية التعامل مع الاتفاق النووي، حرصا على عدم انزواء امريكا وعزلها ، وتجنب اي مغامرات عسكرية لا تجلب لامريكا سوى الكوارث والخيبات.
ان عنتريات ترامب قبل وبعد الانتخابات بشان ايران والبرنامج النووي الايراني اصطدمت بالوقائع على الارض، وهي وقائع اقنعه بها النظام الحاكم في امريكا، النظام الذي يعرف قبل غيره ماذا يعني الاصطدام عسكريا مع ايران، بهدف حرمانها من حقوقها التي تضمنها المواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية، فقوة ايران ليس بقدراتها العسكرية الهائلة فحسب، التي اقبرت والى الابد كل احلام الطغاة بالتعرض لايران، بل بقوة حقها ومنطقها ودبلوماسيتها ونظامها السياسي القائم على السيادة الشعبية الدينية.
النهایة