خاص شفقنا-من الصعب ملاحقة شطحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب لكثرتها التي خرجت عن العد والرصد ، حتى باتت تصريحاته وتغريداته مثارا للسخرية من الامريكيين قبل الاخرين.
آخر السفاسف الترامبية كانت اشادته قبل ايام بـ”المناخ الديمقراطي” في البحرين خلال استقباله سفير البحرين لدى اميركا، عبدالله بن راشد بن عبدالله آل خليفة، في البيت الأبيض.
ولم يتوقف ترامب عند هذا الحد بالاشادة بالديمقراطية في البحرين بل ذهب الى ابعد من ذلك، عندما اكد ان المناخ الديمقراطي الذي تتمتع به البحرين يجعل منها نموذجاً يحتذى به من قبل البلدان الأخرى في المنطقة.
الكلام المضحك الذي ادلى به ترامب حول ديمقراطية البحرين لم يكن الاول ولن يكون الاخير لترامب الذي يسعى بكل ما اوتي من امكانات ان يبقى في دائرة الضوء حتى لو كان الامر على حساب شخصيته ومركزه كرئيس لاقوى دولة في العالم.
البعض يرى ان ترامب لا يقصد اثارة ضحك واستهزاء وسخرية الاخرين بكلامة وتصرفانه، فالرجل مفصول عن الواقع، فهو لا يرى الواقع كما يراه الاخرون، لذلك لا يمكن اعتبار اشادته بالديمقراطية في البحرين او اعتباره لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو حمامة سلام، و“اسرائيل” واحة الديمقراطية، والانظمة الخليجية افضل الانظمة في مجال “الحرية وحقوق الانسان وتداول السلطة”، وان الارهاب الوهابي التكفيري تموله وتدعمه ايران، وان حزب الله يعتبر تهديدا للمنطقة، وان الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1 الذي احال دون وقوع حرب مدمرة في منطقة الشرق الاوسط، بانه اسوء اتفاق.
ترامب لا يعلم ماهي الاتفاقيات النووية الموقعة بين بلاده وروسيا، الأمر الذي كان واضحا خلال مكالمته الهاتفية الأولى مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث أبدى ترامب جهلًا واضحًا بأحد أهم الاتفاقيات التي من المفترض أن تلتزم بها إدارته إزاء ترسانتها النووية، فحين تطرق بوتين إلى اتفاقية “ستارت -3” التي تفرض على الطرفين خفض ترسانتهما النووية مبديًا رغبته في تمديدها، أوقف ترامب المحادثة، واستدار لمستشاريه يسألهم عما تحويه هذه الاتفاقية، ليستكمل ترامب مكالمته غاضبا على الاتفاقية، وأبلغ بوتين أنها تدخل في قائمة الاتفاقيات الفاشلة الموقعة من قبل إدارة أوباما، لأنها في رأيه تصب في مصلحة روسيا.
ان انفصال ترامب عن الواقع لا يرتبط بالقضايا السياسية والدولية فحسب بل يشمل حتى الجانب الشخصي من حياته، فهو لا يذكر حتى شكل علم بلاده، فقد تحول عيد ميلاد زوجته ميلانيا إلى مناسبة للسخرية لم تخل من نكهة سياسية على مواقع التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما نشر ترامب تغريدة على صفحته في “تويتر” تتضمن عبارة: “يوم ميلاد سعيد للسيدة الأولى ميلانيا” مرفقة بصورة للعلم الأمريكي وقد احتوى في زاويته على 39 نجمة بدلا من 50 هي عدد الولايات التي تتكون من أمريكا.
عندما يصل جهل ترامب وانفصاله عن الواقع الى حد عدم معرفته شكل علم بلاده، او اتفاقية ستارت 3 ، فان جهله ازاء ما يجري في البحرين سيكون اكثر قبحا من جهله بالامور الخاصة بالدول الاخرى ومن بينها البحرين، فترامب الذي يمتدح الديمقراطية في البحرين، لا يعرف أن البحرين تحتل المرتبة 142 على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2016، ضمن 180 دولة يتضمنها الجدول الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود، كما تاتي البحرين أيضا كثامن أسوء دولة على مؤشّر حرية الإنترنت. فالبنية التحتية لشبكة الإنترنت تخضع لسيطرة السلطات بشكل مطلق، مما يسهل عملية مراقبة المعلومات. في حين لجنة حماية الصحفيين(CPJ) صنفت البحرين في المرتبة الثانية عالميا من حيث ترتيب الصحفيين المسجونين بحساب عدد السكان.
ووفقا لمنظمة “هيومان رايت ووتش”، فإن “محاكم البحرين تقوم بدور محوري في الحفاظ على النظام القمعي”، وأنها تحكم بشكل روتيني على المتظاهرين السلميين بالسجن لفترات طويلة، في حين من النادر ما تتم محاكمة أفراد قوات الأمن لعمليات القتل غير القانونية، بما فيها المرتكبة أثناء الاحتجاز، وقد احتفظت البحرين بمعدّلها الاستثنائي من حيث هي الأعلى في العالم في نسبة أعداد الشرطة إلى عدد السكّان، أي ما يعادل 6 أضعاف المتوسّط العالمي.
النهایة