خاص شفقنا-العملية الفدائية التي نفذها ثلاثة شبان من مدينة أم الفحم في يوم الجمعة الماضية في باحة المسجد الاقصى واسفرت عن مقتل شرطيين صهيونيين واصابة اخر واستشهاد الشبان الثلاثة، جاءت لتؤكد ان القدس مازالت بوصلة الثوار رغم كل المحاولات لاعطاب هذه البوصلة لتشير الى اتجاهات بعيدة كل البعد عن القضايا المصيرية للامة.
من اهم الوسائل التي استخدمتها الصهيونية لاعطاب البوصلة الفلسطينية العربية الاسلامية المشيرة دوما للقدس، هي الجماعات التكفيرية وعلى راسها القاعدة و“داعش”، فمنذ ظهور هذه الجماعات، والفوضى تعم العديد من البلدان العربية والاسلامية التي يقتلُ ابناؤها بعضهم بعضا انطلاقا من افكار لا علاقة لها بالدين الاسلامي الحنيف وتعاليمه السامية من قريب او بعيد.
ليس هناك اي ذكر لفلسطين او القدس او المسجد الاقصى او غزة في ادبيات الجماعات التكفيرية، كما لم تطلق هذه الجماعات رصاصة واحدة نحو الكيان الصهيوني، بل على العكس تماما فكل ضحايا هذه الجماعات هم من المسلمين وخاصة السنة، الذين يدعون زورا الدفاع عنهم، فلا وجود لاي دعوة او تشجيع على مقارعة الصهيونية او الجهاد في فلسطين في تعاليم الجماعات التكفيرية، فكل “جهادها” ينحصر في العراق وسوريا وليبيا ولبنان واليمن وافغانستان وباقي البلدان العربية والاسلامية.
ما كان للجماعات التكفيرية المسلحة وعلى راسها القاعدة و“داعش” ان ترى النور وتحمل السلاح وتزهق ارواح مئات الالاف من المسلمين وتشرد الملايين منهم حصرا، لولا وجود الفكر التكفيري الذي تم استخراجه من بطون الكتب الصفراء التي تتعارض في مجملها مع ما جاء في القران الكريم وتعاليم الاسلام السمحاء.
ما كان للفكر التكفيري ولا الجماعات المسلحة التكفيرية التي خرجت من رحم ذلك الفكر ان يخرج الى الوجود ويتحالف مع الصهيونية العالمية ضد العرب والمسلمين وضد قضيتهم المركزية فلسطين لولا وجود امريكا التي استخدمت كل امكانياتها ونفوذها على الحكومات العربية والاسلامية التي تدور في فلكها، من اجل اخراج هذا الوحش التكفيري من رحم الفكري التكفيري ب“التعاون” مع الصهيونية العالمية.
منذ اكثر من 7 اعوام والماكنة الاعلامية الامريكية الصهيونية العربية الرجعية تواكب الهمجية التكفيرية، وتحاول اظهارها على انها قراءة اخرى عن الاسلام، وان هذه القراءة تجد في اتباع باقي المذاهب الاسلامية وفي مقدمتها اتباع مدرسة اهل البيت عليهم الاسلام، العدو الاول والاخير للمسلمين والذي يجب استئصاله من جذوره مهما كلف الامر، حتى لو اختفت بلدان من الخريطة، او تشرد عشرات الملايين من شعوب هذه البلدان، كما حصل في ليبيا وسوريا والعراق واليمن وافغانستان، ففي خضم هذه الفتن الطائفية العاصفة لا تجد اي اشارة من قريب او بعيد الى “اسرائيل” او جرائمها المقززة ضد اهالي غزة او الشعب اللبناني.
بعد كل ما حصل في الشرق الاوسط من كوارث وفتن طائفية، تجرأت بعض الحكومات العربية على ان تعلن صراحة ان “اسرائيل” لم تعد عدوة للعرب، بل ان هناك من اخذ يروج لـ“اسرائيل” على انها حليفة استراتيجية للعرب في اطار التصدي للعدو المشترك وهو “ايران والشيعة”، على اعتبار ان لا خطر يفوق خطر “ايران والشيعة” على العرب، وان كل ما كان يقال عن “اسرائيل” وجرائمها لم يكن صحيحا.
اهمية عملية القدس الاستشهادية انها جاءت بعد كل هذه المحاولات المكثفة لمحو القدس من ضمير ووجدان الانسان الفلسطيني والعربي والمسلم، ولتؤكد ايضا ان من المحال تحقيق هذه الغاية عبر خلق اعداء وهميين للعرب والمسلمين، او تسويق قضايا لا وجود لها على ارض الواقع ك“الصراع السني الشيعي” او “الصراع العربي-الفارسي” او حتى “الصراع العربي-العربي”، فكل هذه الصراعات هي صراعات وهمية اُريد منها الهاء العرب والمسلمين عن قضيتهم المركزية فلسطين، لذا كل ما فعله التحالف الصهيوتكفيري تحت اشراف امريكا لاطفاء جذوة القدس في قلوب المسلمين، لم يكن سوى كيد ساحر.
النهایة