خاص شفقنا-ارقام مرعبة تلك التي اعلنت عنها منظمة الصحة العالمية حول تفشي مرض الكوليرا في اليمن والتي تنذر بوقوع كارثة انسانية كبرى قد تؤدي الى ازهاق ارواح مئات الالاف من اليمنيين وخاصة الاطفال والنساء، وسط صمت عربي واسلامي وعالمي مريب.
قبل ايام اعلنت الامم المتحدة إن عدد ضحايا مرض الكوليرا في اليمن منذ 27 أبريل/نيسان الماضي وحتى 30 يونيو/حزيران المنصرم، ارتفع إلى 1500 حالة وفاة ، كما تم تسجيل ربع مليون حالة اصابة ، مع اتساع الرقعة الجغرافية للوباء إلى 21 محافظة يمنية من أصل 22.
من الواضح ان ما اعلنته منظمة الصحة العالمية، والذي يؤكد أن اليمن يشهد أسوأ وباء على الإطلاق من حيث التفشي، كان عبارة عن ناقوس خطر قرعته المنظمة للعالم اجمع قبل ان تخرج الامور عن السيطرة في هذا البلد المنكوب بالحرب ايضا قبل الكوليرا.
كلام كثير قيل حول “مساعدات انسانية وطبية” لا تغني ولا تسمن من جوع، ارسلتها بعض الدول الى الشعب اليمني لمكافحة الكوليرا، بينما هذه الدول تشارك في الوقت نفسه في الحرب ضد الشعب اليمني، وهي الحرب التي كانت احدى اهم اسباب انتشار الكوليرا، فقبل اكثر من عامين وهي عمر الحرب، لم تسجل في اليمن ولا اصابة واحدة بالكوليرا.
القصف الجوي المكثف الذي تتعرض له اليمن والذي استهدف البنى التحتية، ومنها مصادر وشبكة المياة، واضطر اليمنيون الاستفادة من مياه الابار غير الصالحة، والتي لا يتم معالجة مائها بالشكل الصحيح لعدم توفر الامكانيات الخاصة بهذا الشان، مما تسبب في انتشار الكوليرا بشكل واسع في اليمن .
الجهات الصحية في اليمن وفي طار امكانياتها المحدودة بسبب الحرب، قامت وبشكل فوري بإغلاق الآبار التي ترتفع فيها نسبة التلوث البكتيري في خزانات التعبئة، وإعادة تأهيل وتصحيح تلك الآبار من خلال كلورتها وتعقيمها أو تحويلها لإستخدامات أخرى غير الشرب.
كل الاجراءات التي اتخذتها السلطات اليمنية من اجل وقف وباء الكوليرا، لا يمكن ان تقضي على الوباء في ظل استمرار الحرب التي دخلت عامها الثالث، فالقصف الذي يتعرض له اليمن لم يستثن منازل المواطنين والمستشفيات والمدارس والمساجد والطرق العامة والجسور وشبكات الاتصالات ومحطات الكهرباء والمعالم الأثرية، ففي مثل هذه الظروف هل يمكن وقف وباء ينتشر كالنار في الهشيم، بينما العالم اجمع يتحدث عن المعلول وهو الكوليرا، تاركا العلة وهي الحرب، تنهش بالشعب اليمني منذ اكثر من سنتين.
الإحصائيات التي نشرها المركز القانوني لرصد الحرب، تؤكد ان القصف استهدف 15 مطارا و14 ميناء مخلفاً أضرار جسيمة فيها ما جعلها خارج الخدمة، كما الحق القصف اضرارا بالطرق والجسور بلغت أكثر من ألف و520 ما بين طريق وجسر و281 خزانا وشبكة مياه و160 محطة كهرباء ومولدات و332 شبكة إتصالات، لتصبح أهم المنشآت الحيوية في اليمن خارج نطاق الخدمة، ما انعكس ذلك كارثياً على حياة مجمل اليمنيين.
وفي القطاع الإجتماعي دمر القصف أكثر من 402 ألف و76 منزلا، إضافة إلى تشريد أكثر من أربعة ملايين نازح، و706 مساجد، و757 مركزا ومدرسة تعليمية، وتوقف خمسة آلاف مدرسة، كما تم قصف 270 مستشفى ومرفقا صحيا و25 مؤسسة إعلامية.
كما استهدف القصف الوحدات الإنتاجية منها ألفا و616 منشأة حكومية، و660 مخزن أغذية و502 ناقلات مواد غذائية و535 سوقا ومجمعا تجاريا و313 محطة وقود سيارات و233 ناقلة وقود و271 مصنعا وألفين و517 وسيلة نقل.
ووفقا لإحصائيات المركز فإن القصف إستهدف ايضا 207 مزارع للدواجن وألفا و565 حقلا زراعيا و206 معالم أثرية و220 منشآت سياحية و103 ملاعب ومنشآت رياضية، لتصبح أهم القطاعات الخاصة والعامة والمختلطة خارج عملية الإنتاج، ما كلف الإقتصاد الوطني خسائر كبيرة وخلق أزمات إجتماعية تمثلت بالبطالة والفقر.
هل يمكن بعد هذا التدمير الهائل للبنية التحتية في اليمن، ان نتحدث عن مكافحة الكوليرا وانقاذ حياة الاطفال والنساء، الذين يشكلون اكبر ضحايا الكوليرا؟ ان الوضع الانساني الكارثي في اليمن يحتم على المنظمة الدولية والدول الفاعلة فيه، العمل عبر الضغط على الدول والجهات التي تقف وراء استمرار الحرب على اليمن، من اجل وقف هذه الحرب العبثية، التي تعتبر السبب الاول والاخير لانتشار المجاعة والكوليرا في اليمن، فمن العار ان يموت طفل يمني كل عشر دقائق، بسبب سوء التغذية ، بينما العالم يتفرج.
النهایة