خاص شفقنا-نُحيي في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان ذكرى استشهاد رمز الأهداف الرسالية، ذلك الذي لم يساوم على الإطلاق، صاحب المهمات الكبرى للمحافظة على وجود الامة، الرافضة التنازل عن وجودها، وهو الذي حمل منذ ولادته وحتى شهادته هدفا كبيرا .
“رحل أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب، وهو الذي قدِم وهو في تلك الاوضاع الصعبة في سلوكه وطريقته بل وقدّم بين يدي الامة أطروحة واضحة صريحة لا التواء فيها ولا تعقيد ولا مساومة ولا نفاق، وهكذا صمد بوجه المؤامرات التي ساهمت الأمة في حياكتها وصناعتها، حيث كانت هذه المساهمة على اساس جهل هذه الامة وعدم وعيها وانعدام شعورها بدورها الحقيقي، وعلي الذي خر صريعا في هذه الايام بمسجد الكوفة فاز وهو الذي قال “فزت ورب الكعبة”،بهذه الكلمات يفتتح رئيس المحكمة الحركية العليا القاضي السيد بشير مرتضى حديثه لـ”شفقنا”، عن عظمة علي في ولادته وحياته وشهادته.
ويضيف…واذا ما عرجنا على عظمته، لابد وان نذكر مناقبه، وصفاته، فهو الذي تمتع بأجمل الخصال، وهو امام الفصحاء وسيد البلغاء، وكان في زهده واخلاقه يضرب المثل وهو اسخى من السحاب واعبد الناس، يقضي ليله بالصلاة والتضرع والعبادة والخضوع لله تعالى، وكان احسن الناس خلقا وارقّهم طبعا وادْيَنَهم عريكة، وهو الذي لا تعد مناقبه ولا تحصى فضائله، وكم وُضعت من مؤلفات في هذه المناقب، وهو باب مدينة العلم وباب دار الحكمة وصاحب الاذن الواعية وهو من الذين اذهب الله عنهم الرجس اهل البيت وطهرهم تطهيرا وفيه نزل القرآن “إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)”
ويتابع القاضي مرتضى متحدثا عن تزامن ذكرى شهادته المباركة مع ليلة القدر،فيقول: “تقع شهادته المباركة في هذه الايام المباركة وهي ايام القدر، ايام الدعاء والالتصاق بالله والانفتاح عليه تعالى، وصدق التوجه والتواصل والالتزام والانضباط، فالدعاء، هذا الاتصال الذي يقوم بين العبد وربه، يشكل الانعكاسة لحالة الاستقرار والرضى والاستقامة وحسن السيرة وصدق الانتباه والحديث واليقظة المستمرة، فمن يتخيل ان الدعاء مخدر فهو مخطئ، ومن يتخيل انه يجمد فعالية الانسان او يقعد بهمة الانسان عن النشاط فهو مخطئ لا يفهم حقيقة الدعاء، ومن يتصور انه اعاقة حركة الانسان واستسلامه واتكاله فهو لم يدرك سر الدعاء وفعاليته، ومن يتصور انه يغني عن النشاط والكد والجد ايضا هو مخطئ، فالدعاء الصحيح الصادق هو الآتي من عبد لله صَدَقَ واخلص وعمل واجتهد وعاهد على الاستمرار في مزيد من الجهد”.
ولفت الى ان “الدعاء المطلوب المرغوب الذي نقيمه في هذه الليالي والذي نؤمن به ونؤمن بأن ليلة القدر هي الفرصة لهذا التواصل بين العبد وخالقه، هو الدعاء الصادر عن مؤمن مخلص في عقيدته ومدبر أموره لتكن هذه الكلمات المنحدر من عبد لله سالكا طرق الايمان وعارفا بالخالق والمخلوق بحياة قائمة على منطق واسس وسنن وقواعد”.
وخلص القاضي مرتضى بالقول: اذا كان هذا تصورنا لاستشهاد علي، وتصورنا لليلة القدر يكفي ان نقول يبقى علي يشكل فرصة مفتوحة للانسانية بكل ابعادها على خيرها ومكارمها ونبلها وشرفها وعلمها وحيويتها وعدلها، فكما علي يشكل هذه الفرصة في ولادته وشهادته وحياته، كذلك ليلة القدر تشكل الفرصة المفتوحة بين المخلوق والخالق، بين الانسان والحياة، فبين علي وبين ليلة القدر لقاء يجمع الانسان على قضية مقدسة فيها انعتاق من المادة والقيود وصغائر الامور وانعتاق وانفتاح على مساحات الحياة كلها مساحات الوجود والقيم والاخلاق.
ملاك المغربي