خاص شفقنا- المتتبع لاداء امريكا في اطار مكافحة “داعش” منذ ظهورها في العراق عام 2014، وقبل هذا التاريخ في سوريا، يلحظ عدم استعجال وتأني امريكي لافت يصل الى حد التجاهل وكأن امريكا تنتظر شيئا ما من وراء ظهور وانتشار “داعش” على مساحات واسعة في العراق وسوريا.
جميع الخبراء العسكريين اكدوا حينها ان هناك شكوكا تحوم حول دور امريكا في انتقال “داعش” من سوريا الى العراق بمئات السيارات على شكل طوابير طويلة في الصحراء الفاصلة بين سوريا والعراق، دون ان تقوم الطائرات الامريكية التي كانت تحوم في سماء المنطقة على مدار الساعة بقصف هذه الطوابير الطويلة من السيارات، ولا حتى باشعار السلطات العراقية بانطلاق هذه السيارات وبشكل مكثف ومكشوف نحو الحدود العراقية.
في 10 العاشر من حزيران/يونيو عام 2014 كانت الموصل قد سقطت باكملها في قبضة “داعش” التي اخذت تهدد بغزو بغداد وكربلاء والنجف، ولم ينقذ العراقيين والعراق حينها من المصير المجهول سوى الفتوى التي اطلقها المرجع الديني الاعلى سماحة السيد علي السيستاني، في 13 تموز/يوليو عام 2014، والتي دعا فيها العراقيين إلى الجهاد الكفائي.
العراقيون استجابوا لفتوى سماحة السيد السيستاني، وخرج الحشد الشعبي من رحم الفتوى وضم في بداية الامر ابناء الطائفة الشيعية ، وانضم اليهم لاحقا ابناء العشائر السنية من المناطق التي سيطرت عليها داعش في محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار ، وكذلك إنخرط في صفوف الحشد آلاف أخرى من مختلف الأديان والقوميات كالمسيحيين والتركمان والأكراد.
تمر اليوم ثلاث سنوات على الغزو “الداعشي” للعراق ومازالت القوات المسلحة العراقية الى جانب قوات الحشد الشعبي، تحاول طرد “داعش” من مناطق الموصل وغرب العراق، الامر الذي يؤكد ان سياسة المماطلة الامريكية في محاربة “داعش” وعدم جديتها في هذا الشأن هو الذي جعل “داعش” تبقى كل هذه الفترة جاثمة على صدور العراقيين.
لم يفصل بين سقوط الموصل والفتوى التاريخية للسيد السيستاني اقل من شهر واحد، اي ان الحشد الشعبي كان قد تشكل وعلى اهبة الاستعداد لاستعادة المناطق التي احتلتها “داعش” ومن بينها الموصل، ولكن وبشهادة قادة في كبار في الحشد ونواب وسياسيين عراقيين، ان امريكا كانت تماطل وتحاول تاخير مواعيد العمليات العسكرية لاقتلاع “داعش” من ارض العراق.
هذه السياسة الامريكية تكررت ولكن بشكل اكثر كثافة في سوريا، حتى وصل الامر بامريكا ان قامت بقصف الجيش السوري والقوات المتحالفة، للحيلولة دون وصولها الى الحدود العراقية، في محاولة واضحة لانقاذ “داعش” على الاقل على المدى القريب، لذات الاهداف التي سعت وراءها في العراق من خلال المماطلة في محاربة “داعش”.
خلال الايام القليلة الماضية قصفت الطائرات الامريكية مرتين الجيش السوري والقوات المتحالفة معه وهي تتقدم في عمق البادية بالقرب من منطقة التنف الواقعة على الحدود السورية الاردنية العراقية، بذريعة حماية المسلحين الذين دربتهم امريكا في الاردن ويتواجدون في تلك المنطقة، بينما السبب الحقيقي من وراء هذا القصف، هو تأخير موعد هزيمة “داعش” للتاكد من نضوج مخطط تقسيم سوريا.
في تحرك يعكس ارادة الحكومة السورية وحلفائها، في افشال المخطط الامريكي لتقسيم سوريا ، قام الجيش السوري وحلفاؤه من التقدم الى الغرب من منطقة التنف وصولا الى الحدود العراقية في محور بطول 100 كيلومتر وبعرض اكثر من 20 كيلومتر ، يفصل بين مسلحي “داعش” الى الشرق ومسلحي ما يعرف بالجيش الحر الى الغرب، وبذلك تكون سوريا قد احبطت حلم امريكا بتقسيم سوريا.
ما قامت به القوات المسلحة السورية الى جانب القوى الرديفة، والجيش العراقي الى جانب الحشد الشعبي، جاء ردا على سياسة امريكا التي تحاول من خلال زيادة عمر “داعش” ، توظيف الوقت من اجل ايجاد بدلاء ل”داعش” في العراق وسوريا، بعد هزيمة “داعش”، وكذلك اعطاء فرصة اكبر امام المخططات الامريكية الرامية لزرع بذور التقسيم والفتن في العراق وسوريا وتلغيم مستقبل البلدين.
ان الحكومتين العراقية والسورية وكذلك الجيش العراقي والسوري والقوات الشعبية الرديفة لهما، نجحوا رغم كل الضغوط الامريكية، في افشال المخطط الامريكي الرامي لتقسيم العراق وسوريا بعد ان التقت القوات المسلحة العراقية والحشد الشعبي مع القوات المسلحة السورية والقوات المتحالفة معها عند الحدود غرب الموصل، وكذلك بعد وصول القوات المسلحة السورية الى الحدود مع العراق في غرب منطقة التنف لاول مرة بعد ما يقارب اربعة اعوام.
النهاية