شفقنا العراق- من يُشَرِّد ويَقتُل، من يقصف ويهدم، لن يأنبهُ ضميرهُ أن يسرق. هكذا وبعد عشرين يوماً من الحصار سوف يتفق المُتابِعون للأحداث أن ماحصل كان يتراوح بين حصدِ أرواحٍ وقصف منازِل فقط، ولكن الآن صار عليهم أن يضيفوا لقائمة جرائم القوات السعودية سرقات أو غنائم كما يحلو لهم أن يطلقوا عليها، وثقت بعضها قبل الحصار وتضاعفت خلال أيام الحصار العشرين.
من بينِ المثلِ القائل “حاميها حراميها” وحكايا قُطاع الطرق التي تُنسج غالب أحداثها في الصحاري حيث القوافل التي تتنقل من منطقة الى اُخرى، يخرج لنا ما يعرف بقواتِ الطوارىء السعودية التي يصطلح عليها عند الأهالي ب “اللاأمنية”. إجتياحٌ لحيٍ تاريخي زعم عرابوه أنه تارةً لسبب التنمية وتارةً أُخرى قضاءٌ على الإرهاب، بين هذا وذاك كانت أفعالهم منذ اللحظة الأولى مُختلفةً عن أقوالهم تماماً. قبل أن يبدأ الوقت لتقمص دور الحُماة او “اللصوص” في مسورة العوامية، كان لمنزل والد المعارض حمزة الشاخوري في حي الناصرة نصيباً من سلسلة حالات السرقة ولم تكن هي الإفتتاحية لبدء دور قُطاع الطرق فقد سبقتها حالات أخرى في القطيف، لم يكتفوا بتحطيم أبواب المنزل والعبث بمحتوياته، بل امتدت أيديهم إلى مبالغ مالية ومجوهرات ثمينة كأنهم يكافئون أنفسهم على ما اقترفوه. اعتقالٌ تعسفي وسرقة ممتلكات، كان هذا نتيجة عملية إقتحام المنزل وهي نتيجةٌ متطابقةٌ جداً من حيث الكيفية مع أي قصةٍ من قصص قطاع الطرق الخيالية، وأبعد عن أن تكون بطولة رجال أمن.
وفي حالة مشابهه يختلف فيها الزمان والمكان، تقع على بُعد شهرٍ من الأولى. اقتحامٌ آخر على طريقة قطاع الطرق مرة أُخرى، هذه المرة كانت في حي الريف الواقع في شمال العوامية والذي لم يكن ضمن مخطط التمنية المزعوم، ولكن ولأنهم يتبعون ماتمليه السلطات عَلَيهِم اقتحموا المكان، تخريبٌ وعبثٌ بالممتلكات، يليه إعتقال الشاب مكي المختار، ثم يبدؤون بالبحث عن كل ما خف وزنه وغلا ثمنه، والنتيجة سرقةُ مبلغٍ مالي قُدِر لاحقاً بعشرة آلاف ريال وأجهزةٍ إلكترونية.
حيٌ آخر تطاله أيدي عناصر القوات السعودية، في منطقة كربلاء العوامية الواقع جنوب المسورة، حيٌ هجرهُ سُكانه طلباً للسلامة والأمن، أمِن الناس ولكن الحي لم يكن في ذات الحال، في هذا الحي ترك الناس أشياءهم وممتلكاتهم على أمل العودة لاحقاً، لم يخطر ببالهم أن قوات الطوارئ لصوصٌ أيضا في الوقت ذاته، هكذا فوجئت أم حسن حين عادت لمنزلها في اليوم السادس من الحصار لترى ما لا يسر البال ولا الخاطر، عناصرٌ من القوات السعودية وقد استباحوا حرمة منزلها، في مشهد تبدلت فيه الأدوار وأصبح صاحب الدار ضيفاً غير مرحبٍ به يُسألُ عن سبب قدومه.
في مشهدٍ كان الأكثر صدمةً للسكان ولشاهد العيان (ع.ص) كان في تلك العمارة السكنية التي تقع على شارع الإمام علي او مايعرف ب”المنطقة المحرمة”. عاد سكان تلك العمارة بعد أن سُمح لهم العودة من أجل أن يلملموا حاجياتهم وممتلكاتهم والتي كان من ضمنها مبالغ مالية ومجوهرات ثمينة وأجهزةً إلكترونية، ولكنهم لم يجدوا إلا الفراغ الذي كان يملأ المكان عن بكرة أبيه شقق خاوية على عروشها كأن لم يقطنوها ابدا .
جريمةٌ لا تحتاج الى تقفي أدِلةٍ وتحقيقٍ مطول لأنه لا يمكن أن يكون المجرم فيها إلا الذي كان يحاصر المنطقة بأكلمها.
في العوامية سلسلة انتهاكات ترقى للجريمة الانسانية اقترفتها القوات السعودية واجهزة وزارة الداخلية التي يفترض بها توفير الأمن للأهالي، وكل الوقائع والأحداث تكشف إجراماً اكتملت سلسلته بسرقات يظن اللص فيها أنه يكافئ بها نفسه على المجهود الذي بذله في إنجاح الحصار على العوامية بمباركةٍ من سُلطةٍ لم يرى الناس منها اعترِافا بعدلٍ أو قانون. جرائم بهذا الحجم تحصل على مرأى الجميع وما خفي محال أن يكون أهون.
النهایة