خاص شفقنا–بیروت- في لقاء خاص نظمه معهد المعارف الحكمية والفلسفية استعدادا لقدوم شهر رمضان المبارك وتحت عنوان “تهيّأ لضيافة الرحمن” (كيف نستعد لاستقبال شهر رمضان)، توقف فضيلة الشيخ شفيق جرادي عند الآية الكريمة: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ” مشيرا الى انها تظهر لنا النقطة المركزية وتحدثنا عن عظمة القرآن الكريم باعتباره كتاب هدى وأُنزل بهدف هداية الناس.
وتابع بالقول “بينات من الهدى” اي كل ما يرتبط بعملية الهدي والهداية انما كانت في كتاب الله، أما الفرقان فهو الامر الذي فصلت فيه الامور التي يجب ان تتبعها ونتجنّبها. مشيرا الى ان الباري عز وجل اردا ان نستحضر بأذهاننا انه مع حلول شهر رمضان نزل القرآن ويصف لنا هذه المهمة التي حملها القرآن مع نزوله”.
ثم توقف الشيخ جرادي عند الرواية التي وردت عن الرسول الأكرم “ص” والتي تقول “واسألوا ربكم بنيّات صادقة وقلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه فإن الشقيّ من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم” اي التركيز على الدعاء وموضوع النية وان يكون القلب خاليا من الاثم والمعصية وان تطلب من الله التوفيق من اجل الصيام وتلاوة الكتاب فوصف الرسول هذا الشهر بالعظيم واعتبر ان الأصل فيه هو ان تعم المغفرة كل الناس والذين يستثنون منها هم الاشقياء.
وقال: عندما نستعد للتحضر لشهر رمضان، يخطر ببالنا امرين، الأول هو الصوم نفسه وما يرافق موضوع الصوم من عبادات، فالعبادات لها ما نعتادها كصلاة الليل وقراءة القرآن وهي عبادات فردية، لافتا الى ان هناك امور من العبادات ترتبط بالوضع الاجتماعي في شهر رمضان الذي يتحول الى عبادة صرفة فإذا كانت مساعدة الناس مثلا هذا الامر يصبح صرف عبادة كالصدقة وغيرها…
وطالب الشيخ جرادي فيما يخص الشان العام من العبادات التعرف في الكتب الوارد فيها الاعمال الواجبة والمستحبة والقيام بكل ما يكون في كل يوم بيومه، مطالبا بأن نلزم انفسنا ليلة شهر رمضان او قبله وضع خطبة النبي في استقبال شهر رمضان نصب اعيننا وان نذكر ارشاداته “ص” في الامور العبادية في هذا الشهر، فمن المعيب علينا ان نسأل فلان وفلان من الناس ماذا نفعل في شهر رمضان بالوقت الذي ذكر لنا النبي بالتفصيل ماذا علينا ان نفعل.
ونصح بأمر معنوي مفاده “ان تشعروا قلوبكم وكأنكم جلوس بين يدي رسول الله محمد “ص” وانه هو الذي يخطب بكم ويدوّن ما الذي يتحدث به الرسول وان ينوي النية بأن يُودِع النبي محمد بكل هذه الأعمال التي قررالاتيان بها، فإن كنا نعتقد ان ولاية الرسول موجودة وثابتة الى قيام الساعة لا يمكن ان تنقطع عن الناس فإتمّوا بالنبي محمد”.
ودعا الى الاهتمام الخاص بقراءة القرآن الكريم والتي هي على مستويات، ففي شهر رمضان المبارك اصل ان تحمل القرآن فيه اجر وثواب واذا لم تستطع التدبر يكفي ان تنوي نية القراءة لله تعالى على نية كسب الأجر والثواب”.
اما ما هو من الامور العظيمة في هذا الشهر يشير فضيلته، وهو ان يقنع المرء نفسه بالحقيقة التي قالها الله ان هذا القرآن هو هدى للناس وبأنه عليك احداث التغيير في حياتك من خلال علاقتك بالقرآن ليحدث في قلبك انوار اللطف والهداية والرحمة والتغيير وان تعمل – لمن يستطيع– التفكر ولو بآية واحدة كل يوم، فكل اية تتحدث عن سبيل من سبل الهداية، مشيرا الى ان الفرصة المثلى هي شهر رمضان ويجب ان لا نفوّتها قراءة واستفادة”.
اما بخصوص ما يشمل البرنامج العام للشهر الفضيل، يتابع سماحته، فهو الذي اورده الرسول في خطبة استقبال شهر رمضان التي ينهيها بالقول “واسألوا الله فيه بنيات صادقة” وهي النية التي انعقدت على اساس لا رياء فيه، لافتا الى انه بالنية الصادقة يخرج المرء بحب حق الله تعالى، وأول ما يحصّله من خلال النية هو ان يحقق ما قاله النبي والأئمة الاطهار “نية المرء خير من عمله” والله تعالى يقول “الصوم لي وانا اجزي عليه”.
وختم بالقول: “اهل العرفان يقولون حتى يتلقى الانسان من الله كل العطاءات هناك خطوتان يجب القيام بهما اولهما التخلية اي ان يستغفر ربه ويتوب ويراقب كل اعماله ويطلب من الله بتذلل ان يعينه ثم بعدها يذهب للقيام بالاعمال الصالحة التي تثبت قلبه ويفعلها ويؤديها وهي ما تسمى التحلية اي يصبح قلبه محليا بلبوس الايمان وجواهر التقى وفي المرحلة الثالثة يقع الدور على الله تعالى، فهؤلاء الذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا ولا يبعد ان تكون هذه المسألة من القرآن والانبياء والأئمة عليهم السلام .
ملاك المغربي