خاص شفقنا- بيروت-ما إن يذكر ابو الفضل العباس، حتى تتجسد معاني التضحية والايثار امام كل من عرفه، فقمر بني هاشم من نسب عريق وسلالة علوية مباركة، والده امير المؤمنين علي بن ابي طالب، وأمه فاطمة بنت حزام الملقبة بأم البنين، ابنة فحول العرب واشرافهم، وليس غريبا ان يتحلى بهذه الصفة التي سطرها في اروع صورها يوم العاشر من محرم، وكان إلى جانب ذلك، القمر في روعة بهائه وجميل صورته ولذا لقب بقمر بني هاشم، وكما كان قمراً لأسرته العلوية فقد كان قمراً في دنيا الإسلام إذ أضاء الطريق وفاز بالنصر الشهادة في سبيل المبدأ.
لقد جسد ابا الفضل العباس الايثار في اهم صورة وذلك عندما وصل في العاشر من محرم الى ضفة نهر العلقمي في كربلاء وأحس ببرودة الماء واراد ان يشرب فتذكر عطش اخيه الامام الحسين فاصر الاّ يشرب وراح يردد يا نَفْسُ من بعدِ الحسينِ هُوني وبعدَهُ لاَ كُنْتِ أنْ تَكوني، ليختم حياته في اعظم قمم التضحية والإيثار في سبيل الحق، يفتتح القاضي السيد حسين تفاحة حديثه لوكالة “شفقنا”.
ويعرف سماحته مفهوم الإيثار على انه اختيار الشيء وتقديمه على غيره، يقال آثره عليه أي فضّله، وآثرتك إيثارا أي فضلتك، واستأثر بالشيء على غيره، وهو أن تفضل الآخرين على نفسك فيما أنت محتاج إليه، لافتا أن للإيثار أهمية كبرى في حياة المسلم، فمضافاً إلى كونه عبادة من العبادات التي يترتب على فعلها الأجر والثواب، هناك جملة من الفوائد الأخرى منها نفي الحرص والطمع، فقد ورد عن الإمام علي عليه السلام: “أفضل السخاء الإيثار”.
ويرفض القاضي تفاحة مقارنة مدرسة كربلاء بالواقع الذي نعيشه اليوم، مشيرا الى انه شتان ما بين تلك المدرسة وتلك المجتمعات وبين ما وصلنا اليه اليوم، متأسفا من القيم والمبادئ التي نسفت في مجتمعنا العربي والإسلامي واذا ما اردنا المقارنة فإننا نسيء الى ابي الفضل العباس والقيم التي حملها وثار من أجلها في سبيل اعلاء راية الحق.
ودعا الى “جعل هذه الفئة من الناس هي القدوة والخيار والمثل، ونحيي قيمهم ليس قولا خصوصا واننا بعيدين كل البعد عن القيم والعمل والتطبيق وان نكون في التضحية والايثار وفي الاخلاق التي مارسها العباس في كربلاء الذي ظل ينادي اخيه سيدي ومولاي الى ان تلفظ انفاسه الاخيرة وقال كلمة “أخي” فالاحترام يتقدم على الاخوة”.
ملاك المغربي