خاص شفقنا- يروج “رموز المعارضة” السورية بشقيها “الاسلامي والعلماني، المتطرف والمعتدل”، وباختلاف مشغليها، منذ عام 2011 والى اليوم، اكذوبة مفادها ان الحكومة السورية “متواطئة” مع “اسرئيل”، وان كل ما قيل عن “المقاومة والممانعة” ضد “اسرائيل” ورفض التطبيع معها من قبل الحكومة السورية، هو “كذب في كذب”، بل ان بقاء هذه الحكومة يعتبر مصلحة “اسرائيلية”.
هذه الاكذوبة روجتها بشكل اكبر واوسع امبراطوريات اعلامية خليجية وتركية، عبر نقل اخبار وتقارير مزيفة عن “التواطؤ” السوري “الاسرائيلي”، وعن “تهديد” الجماعات التكفيرية في سورية لـ”اسرائيل” اذا ما تمكنت من السيطرة على سوريا، الامر الذي جعل “اسرائيل” تفضل وجود الحكومة السورية الحالية على الجماعات التكفيرية التي تقاتلها.
رغم ان الكذبة كبيرة وكبيرة جدا الا ان التكفيريين والامبراطوريات الاعلامية الخليجية والتركية لم تنفك تكررها في كل مناسبة، انطلاقا من فكرة انه كلما كانت الكذبة اكبر سيصدقها الناس، ولكن من سوء حظ “المعارضة السورية” والاعلام الخليجي والتركي، ان الطرف “الاسرائيلي” لم يتناغم بعد معها، فكثيرا ما تأتي الاخبار من داخل فلسطين المحتلة، عن احتضان المستشفيات “الاسرائيلية” لـ”الثوار الجرحى”، وعن تدخل “اسرائيل” عسكريا بين وقت واخر في الحرب المفروزضة على سوريا كلما ضيق الجيش السوري وحلفاؤه الخناق على التكفيريين لاسيما في الجولان، وكذلك التصريحات العلنية لزعماء “اسرائيل” المؤكدة لضرورة اسقاط الحكومة للسورية ودعم التكفيريين وتقديم كل انواع العون لهم.
آخر مواقف زعماء “اسرائيل” والتي كشفت عن جانب من العلاقة القائمة بين “داعش” و”اسرئيل”، هي تلك التي اعلن عنها وزير الحرب” الإسرائيلي” السابق، موشيه يعالون، في حديث مع موقع القناة التلفزيونية “الإسرائيلية” العاشرة، تعليقا على سقوط ثلاث قذائف من الجانب السوري على الجولان المحتل ليل الجمعة الماضي، عندما صرح أن “داعش” أطلقت النار مرة واحدة بالخطأ فقط باتجاه الجولان ثم اعتذرت عن ذلك على الفور.
واضاف يعالون أن أغلب حالات إطلاق النار كانت تحصل من أراضي تقع تحت سيطرة الجيش السوري، وأن الإيرانيين هم من يوجه بشن هجمات ضد “إسرائيل” وليس “داعش”.
قوات الاحتلال الصهيوني أعلنت مساء الجمعة الماضي، انها ردت على سقوط ثلاث قذائف صاروخية من سوريا داخل الجولان المحتل ، باستهداف مواقع للجيش السوري داخل الأراضي السورية.
ما صرح به يعالون يؤكد وبشكل واضح حجم ومدى التنسيق بين “داعش” والنصرة وباقي الجامعات التكفيرية الاخرى في سوريا وبين “اسرائيل”، فالاعتذار الذي تقدمت به “داعش” لـ”اسرائيل”، يكشف عن ان الذي وقع كان خطأ يتناقض مع “التعاون” القائم بين الجانبين في منطقة الجولان.
من الواضح ان ما اراد يعالون قوله ان العبد لا يضرب سيده، واذا ما وقع الامر سهوا فان السيد قد يصفح اذا ما اعتذر العبد وتذلل، ولا ندري من اين جاءت “داعش” بهذا الادب في مخاطبتها “اسرائيل”، فمن الواضح انه ليس ادبا، بل تضرعا وتذللا من عبد امام سيده، بعد ان ارتكب خطا في اداء وظيفته الملقاة على عاتقه يستحق العقاب، الامر الذي يكشف ايضا ان الوجه القبيح لـ”داعش” التي تذبح وتحرق وتسبي المسلمين وتدمر مقدساتهم، دون ان تكلف نفسها الاعتذار حتى عن جريمة واحدة من بين الاف الجرائم الوحشية التي ارتكبتها ضدهم منذ ظهورها المشؤوم في العراق وسوريا، هو وجه صُنع لارهاب وارعاب العرب والمسلمين حصرا.
الملفت ان الانظمة العربية والنظام التركي، الذين روجوا وسوقوا لكذبة وجود “تواطؤ بين الحكومة السورية واسرائيل”، وان التكفيريين هم من يشكلون خطرا على “اسرائيل” وليس الحكومة السورية، هذه الانظمة تهرول وكأنها في سباق لكسب ود “اسرائيل” والتطبيع معها ، فالعلاقات الحميمة بين هذه الانظمة و”اسرائيل”، عدا تركيا، كانت سرا من الاسرار، الا انها اليوم اصبحت من الاخبار العادية بل والمملة ايضا، ولا ندري كيف يمكن ان تسمح هذه الانظمة، التي تستجدي التطبيع من “اسرائيل”، والمسؤولة عن مد الجماعات التكفيرية بكل اسباب القوة، لهذه الجماعات ان تطلق رصاصة واحدة صوب “اسرائيل”.
الحرب الكلامية بين سورية والاردن، بعد الاخبار التي تناقلتها وكالات الانباء العالمية عن حشود عسكرية على حدود الاردن مع سوريا، تشير الى احتمال اندلاع مواجهة في منطقة درعا يكون أحد أطرافها الاردن وامريكا وبريطانيا وفرنسا و”اسرائيل” والطرف الاخر سوريا وحلفائها، وما قيل ايضا عن “وثيقة حوران” التي تم الاعلان عنها من قبل الجماعات التكفيرية وتدعو الى انفصال درعا عن سوريا ، كل ذلك يؤكد ان دور الجماعات التكفيرية بات مكشوفا للعالم وخاصة الشعب السوري، وهو دور لا علاقة له ب”الثورة” ولا “الثوار”، فهو دور يهدف الى تقسيم سوريا وتحويلها الى دويلات متصارعة متنازعة.
صحيح ان امريكا تعمل من خلال الجماعات التكفيرية لتحقيق اهدافها في المنطقة وفي مقدمة هذه الاهداف تقسيم سوريا والعراق وليبيا واليمن اليوم، ومصر وباقي الدول العربية الاخرى غدا، ولكن ما فات امريكا هو ارادة الشعوب التي ترفض الانجرار بشكل اعمى للمخططات الامريكية، فاذا كانت امريكا تمتلك السلاح والجماعات التكفيرية وبعض الحكومات التي تأتمر بأمرها، فان هناك شعوبا ترفض الذلة والمهانة وتمتلك ارادة المقاومة، وتتضاعف هذه الارادة عندما تكون المعركة على ارضها، فالتجربة التاريخية اثبتت ان اعتى الجيوش، انهزمت امام شعوب لم تكن تمتلك الا ارادة الحياة.