خاص شفقنا-قبل ایام اجرى موقع عراقي لقاء مع ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق السيد برونو جيدو خلال زيارته الى مدينة كربلاء المقدسة، تحدث فيه جيدو عن دور المرجع الديني الاعلى سماحة اية الله السيد علي السيستاني في حفظ امن واستقرار العراق، وكذلك تأثير هذا الدور على اداء المنظمة الدولية في العراق.
من ابرز ما قاله جيدو في ذلك اللقاء عن السيد السيستاني، كان حول فتاوى سماحته حول ضرورة مساعدة النازحين من مختلف اطياف الشعب العراقي بغض النظر عن القومية اوالمذهب، ومساهمة هذه الفتاوى في الهام المنظمة الدولية بافكار لإزالة التمييز العنصري ونشر المحبة والمصالحة بين العراقيين.
سماحة السيد السيستاني ليس بحاجة لشهادة من احد، رغم احترامنا الكبير للسيد جيدو، على دوره في حفظ وحدة العراق واستقراره و وقوفه في وجه كل المؤامرات التي كانت تستهدف العراق كوجود منذ الغزو الامريكي عام 2003 وحتى الان، فهذا الدور اصبح كالشمس في رابعة النهار، وليس هناك من ينكره الا حاقدا او مغرضا، الا اننا سلطنا الضوء على ما جاء في حديث السيد جيدو، من اجل تذكير البعض، الذي مازال غارقا في احقاد مرضية او في اطماع مادية، ويحاول بائسا النيل من المنزلة الرفيعة للسيد السيستاني في قلوب العراقيين بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية والسياسية والمناطقية، فسماحته هو الخيمة التي يستظل تحتها كل العراقيين دون استثناء.
المتتبع المنصف والمحايد لفتاوى ومواقف سماحة السيد السيستاني حول مختلف القضايا الخاصة بالعراق منذ الغزو الامريكي وحتى اليوم، بدءا من الانتخابات التي اسست للعراق ما بعد الطاغية وغزو التكفيريين للعراق بالتوطؤ مع ايتام صدام، ومرورا بالتفجيرات التي استهدفت اتباع اهل البيت عليهم السلام والمسيحيين والايزديين وباقي الاقليات الدينية والقومية الاخرى وابرزها التفجير الذي استهدف مرقد الامامين العسكريين عليهما السلام في سامراء، وانتهاء بمأساة احتلال “الدواعش” لاجزاء من العراق وما ترتب عنه من مآسي كمجزرة سبايكر وسبي العراقيات، سيتلمس خطابا واحدا وبنفس واحد ، يدعو الى الوحدة والاتحاد ونبذ الفرقة والشقاق، والى حرمة الدم العراقي، وعدم تحميل اتباع الطائفة السنية، الذين يصفهم السيد السيستاني بـ”انفسنا”، مسؤولية فظائع التكفيريين، فهؤلاء لا يمثلون الا انفسهم، ولا يجب وضعهم في خانة اي مذهب او قومية عراقية، فهم لا دين لهم ولا مذهب، والعراقيون منهم براء.
فتاوى سماحة السيد السيستاني التي اشار اليها ممثل مفوضية اللاجئين في العراق، كانت تنزل على العراقيين كالبلسم لجراحهم التي كانت تنزف دما بسبب افاعيل “الدواعش”، فحالت دون حصول اي عمليات انتقامية يمكن ان تصدر عن بعض الاشخاص تحت هول التفجيرات والجرائم التي كانت تحصد ارواح المئات والالاف من الابرياء، كما حصل في تفجير مرقدي الامامين العسكريين (ع)، ومجزرة اسبايكر، ومقتلة الكرادة، والاف التفجيرات المجازر الاخرى.
فتاوى سماحة السيد السيستاني لم تنقذ العراق كوجود وجغرافيا وكيان، ولم تنقذ العراقيين من الحرب الداخلية والاقتتال والفوضى فحسب، بل ساهمت تلك الفتاوى في نشر السلام والمحبة والتسامح والمصالحة ونبذ العنصرية والطائفية بين العراقيين، وذلك من خلال دعوة سماحته اهالي المحافظات العراقية وخاصة اهالي محافظتى النجف الاشرف وكربلاء الى مد يد العون الى النازحين من المناطق الغربية من العراق خلال معارك التحرير، وفتح ابواب منازلهم للنازحين، في محاولة للتاكيد على ان لحمة الدين والوطنية هي اكبر اي لحمة اخرى، وان العراقيين هم شعب واحد قبل كل شيء.
اما النازحين في مناطق محافظات نينوى البعيدة عن الوسط والجنوب، فقد تكفلت لجنة الإغاثة التابعة لمكتب سماحة السيد السيستاني بتقديم المساعدات الغذائية العاجلة لهم عبر إرسال عشرات الالاف من السلال الغذائية التي وزعت على الالاف من العوائل التي هربت من المعارك بين الجيش العراقي والحشد الشعبي من جانب و”الدواعش” وايتام صدام من جانب اخر.
رغم ان الحشد الشعبي يتألف من خيرة ابناء الشعب العراقي الذين لبوا نداء سماحة السيد السيستاني لمواجهة “الدواعش” لدفع شرهم عن العراق ومقدساته، الا ان ذلك لم يمنع سماحته من تذكير ابطال الحشد الشعبي، خلال فتاوى عديدة، الالتزام بالاخلاق المحمدية الاصيلة وائمة اهل البيت عليهم السلام، في قتالهم “الدواعش”، والعمل على تجنيب المدنيين الاذى، خلال تحريرهم من نير واستعباد “الدواعش”.
قبل 13 عاما وتحديدا في اليوم الثاني من شهر اب عام 2004، عندما اعتدى التكفيريون على المسيحيين والكنائس في العراق، وكانت هذه الظاهرة محصورة بالعراق ، ولن تنتقل بعد الى سوريا ولبنان ومصر، وقف سماحة السيد السيستاني موقفا حازما من تلك الاعتداءات، منددا بها واصفا منفذيها بالمجرمين في بيان صدر عن مكتب سماحته، الذي اعتبر الاعتداء على المسيحيين هو اعتداء يستهدف وحدة العراق واستقراره واستقلاله، مؤكدا على وجوب احترام حقوق المواطنين المسيحيين وغيرهم من الاقليات الدينية ومنها حقهم في العيش في وطنهم العراق في أمن وسلام.
هذه الفتوى وغيرها الكثير، هي التي حفظت العراق، وهي التي عززت من وشائج الوحدة بين العراقيين، وعملت على نشر المحبة والتسامح بينهم، فالرجل الذي صدرت عنه هذه الفتاوى يحترمه ويبجله كل العراقيين، لذلك تدخل فتاواه وبسهولة قلوب العراقيين وعقولهم، فهي صادرة من قلب كبير، ضم العراقيين دون ادنى اعتبار لخلفيتهم الدينية او القومية او المذهبية.
رغم كل المآسي التي واجهها الشعب العراقي بسبب التواجد الامريكي في بلدهم، وبسبب عصابات البعث الصدامي وعصابات التكفيريين “الدواعش”، الا ان العراقيين حالفهم الحظ عندما منّ الله عليهم بوجود السيد السيستاني، الذي نجح في ان يقود سفينة العراق عبر بحر من الامواج المتلاطمة، كانت كافية لاغراقه في اعماق المجهول، لولا الوجود المبارك لسماحة السيد السيستاني حفظه الله ورعاه للعراقيين والانساية جمعاء.
النهایة