خاص شفقنا- بيروت-من الجنوب ومن مدينة صور التي كانت القاعدة الأساس لمسيرة تحرير الإنسان قبل تحرير الأرض، ومن منطلق الإمام السيد موسى الصدر الذي انتهجت اقواله وخطاباته كدستور لي في عملي، ذلك الإمام الذي أحيا فينا مشاعر الكرامة الإنسانية ودفعِهِ للإحساس بكرامته وألا يسمح للحرمان بأن يكون بابًا لإذلاله، انطلقت مسيرتي، فخطابات الإمام كانت مشروعا تغييريا ببعد انساني جامع، مدّ يده للجميع متخطيا بذلك كل الأفكار والنمطيات ليكون جسرا لكل ابناء الوطن، وجاء الرئيس نبيه بري بعد تغييب الامام ليكمل هذه المسيرة”.
بهذه العبارت بدأت الوزيرة والمرأة الوحيدة في الحكومة اللبنانية الدكتورة عناية عز الدين حديثها مع وكالة شفقنا.
تُعبر الوزيرة الجنوبية عن فخرها واعتزازها بانتمائها لمجتمع مقاوم وبأنها تربت في كنف أسرة جنوبية ضحّت وناضلت وكافحت لتربية اولادها على الدين القيّم والأخلاق والاستقامة وخرّجت شهيدا ينتمي لصفوف حركة أمل.
حركة أمل أوصلتني وأنا أمثل المرأة المقاومة
لا تتردد الوزيرة الجنوبية في التأكيد بأن حركة أمل أوصلتها لهذا المنصب، لكنها تشير الى انها عندما عُيّنت في الحكومة اللبنانية أصبحت تمثل كافة الشعب اللبناني، لافتة الى أن الرئيس نبيه بري “مؤمن بدور المرأة بالحياة السياسية وبقدراتها وطاقاتها, ومؤمن بأنها عنصر مهم بالتغيير, حتى في بعض الاماكن والاحيان اهم من الرجل، وتستطيع تقديم نماذج ناجحة وصالحة فبالعلم والاخلاق نكسر الحواجز”.
واعتبرت عز الدين أن “المرأة يجب ان تملك ثقة بنفسها على أنها تستطيع ان تتبوأ كل المراكز, الامر الذي يحتاج الى عمل حثيث ومثابرة وليس فقط لأمل ورجاء، داعية الى التصرف بشفافية واخلاق وعدم الخضوع للضغوط التي قد تحرفنا عن مسارنا، “بل علينا ان نقنع الاخرين بأنه بالارادة والعمل نحقق النجاح”.
“شئتُ أم أبَيْت فأنا أمثل المرأة المقاومة وصوتها”، هكذا تابعت حديثها عن المرأة المقاومة مؤكدة أن هذه المرأة ليست موجودة فقط في الجنوب بل هي كل امرأة وطنية لأي منطقة او طائفة انتمت، تناضل من اجل تحصيل حقوقها ومكانتها في المجتمع، واضافت “أتمنى أن اكون عند مستوى التمثيل هذا، وأن أجد بالفعل طموحاتهن.”
واشارت الوزيرة عز الدين الى ان “المرأة امام تحد بحيث أن على هذا المجتمع أن يعترف بأنها تملك إمكانيات تؤهلها للخوض في الكثير من المجالات تماما كالرجل، كما أنها ليست في موقع التنافس مع الرجل بل مع أنفسنا، وعندما يحقق الانسان مرتبة معينة من العلم يصبح قادرا على أن يُلِمَّ ببعض المجالات”.
الحقوق التي تسعى اليها المرأة يجب أن تكون مصانة بالقانون
واذ تعبر الوزيرة عز الدين عن ثقتها بنفسها تؤكد أن هذه الثقة التي منحت لها تُحمّلها مسؤوليات مضاعفة، واضافت، “ليس لديّ عقدة المرأة والرجل، و لكن يجب ان يتكامل عملنا لوصول الانسان الى مدارك الكمال، آملة ان تكون كل الحقوق التي تسعى اليها المرأة مصانة بالدستور والقانون، فرسالة الإمام المغيب السيد موسى الصدر “معًا من أجل الإنسان” واضحة، وهو جاءَ بمشروعٍ تغييريّ ببعدٍ إنسانيّ شامل.”
واكدت الوزيرة الطبيبة في معرض حوارها مع وكالتنا أن النجاحات التي حققتها المرأة في كل العالم هي نجاحات قُوننت، فموضوع المرأة هو ثقافة تبدأ من التربية في المنزل، والاسلام فصل في هذا الموضوع فالأسرة هي مقدسة بعد نعمة الاسلام، وخارج نطاق الأسرة خاطب الإسلام الطرفين بشكل متساوٍ ويجب ان تتاح لهما الفرصة لتحقيق ذاتهما وطموحاتهما.
كما تطرقت الى موضوع حق الحضانة للاطفال مشيرة الى ان الموضوع يجب ان يبحث مع رجال الدين والقضاة والمحاكم الشرعية ورؤساء الطوائف ويجب ان يؤخذ بعين الاعتبار، معلنة الى انها مع إقرار قانون حق المرأة إعطاء الجنسية لأولادها.
الحجابُ ليس حاجباً هو محفز ودافع للنجاح
وحول تركيز بعض وسائل الاعلام على حجابها شددت عز الدين على أن المرأة يجب ان تثبت ذاتها بحجاب أو بلا حجاب، “ومن يعتقد ان الحجاب هو حاجب اقول لهم بل هو محفز ودافع للعمل والنجاح”، رافضة ان يكون موضوعا مطروحا للنقاش في بلد يتفاخر أبناؤه بحرية التعايش والعيش المشترك وحرية الأديان”.
وشددت على ان حرية المعتقد هي حق يكفله الدستور ويجب ان يفعّل ويرفع عن الرفوف وان تدرس مفاعيله العملية في التربية المدنية في المدارس، متمنية أن تقدم النموذج الذي يكسر كل هذه النمطيات الخاطئة عن الإسلام والحجاب، فما يحدث من أفعال همجية ولا أخلاقية باسم الإسلام أساءت كثيرًا للدين واستغل الغرب هذا الموضوع لخلق حالة الإسلاموفوبيا.
6 شباط نقل لبنان من العصر الأطلسي الاسرائيلي الى عصر التحرير
تعود عز الدين بذاكرتها الى تاريخ 6 شباط 1984، مؤكدة ان هذه الذكرى نقلت لبنان من العصر الأطلسي الى عصر التحرير والكرامة والانتماء اللبناني، ولا يمكننا ان نمر مرور الكرام عليها، فرأس الحربة آنذاك كانت حركة أمل وابطالها بالمشاركة مع القوى الوطنية الأخرى، وقتها قال الرئيس بري “الآن نستطيع ان نتفرغ للتحرير وسنفوز فوزا عظيما وسنصنع المستقبل”.
لا تتردد في الحديث عن المقاومة بل تعتبرها فعل مستمر ونمارسه يوميا، والهدف منها أولا هو مقاومة العدو الإسرائيلي لنعيش بكرامة ونستعيد ارضنا وحقوقنا، مشيرة الى ان هذه الكرامة يجب ان نعبر عنها بكل مسارات حياتنا وكل حقول العمل التي نخوضها.
وتابعت “فبالاضافة الى القيم الوطنية التي نملكها، نحن مرتبطون بعقيدة دينية وايمانية، ويجب ان تكرس هذه المفاهيم في كل ميادين العمل، فعندما يرتبط هذا العمل بهدف اعلى واسمى يتحسن التوجه ويتجاوز ذاته وتصبح قيمة العمل لديه هدفها المجتمع وخيرها اوسع”.
الاصلاح الاداري يحتاج الى قرار سياسي وطني
وحول تجربتها في الوزارة عُينت بها والتي تتعاطى تحسين الإدارات الرسمية تقول عز الدين ” حكومتنا ليست حكومة تكنوقراطية، والوزارة التي عينت بها هي وزارة التنمية الإدارية التي تتعاطى تحسين الإدارات الرسمية والعامة ولديّ إلمام بأعمال الإدارة كوني مديرة مختبـر، وقريبا جدا سنعرض مسودة الاستراتيجية الوطنية للحكومة الالكترونية على رئاسة مجلس الوزراء، ونؤلف اللجنة الوطنية لاعداد هذه الاستراتيجية، لكن هذا يحتاج موارد بشرية ومالية وهذه احدى التحديات التي يمكن ان نواجهها، وتابعت متحدثة عن الصعوبات التي تواجهها “ان هذه الوزارة هي من دون حقيبة وليس لدينا آلية دستورية او فرض للسلطة على الادارات المعنية. مشيرة الى ان الحكومة بقصر عمرها هي معنية بإرساء مسارات واستراتيجية طويلة الأمد للاصلاح.
وفيما يخص انجازات الوزارة، قالت عز الدين “أُقرَّ استعمال الرقم الموحد للتعريف بالمواطنين، وكذلك موضوع حق الوصول للمعلومات، فاليوم الوزارة بصدد إعداد الآلية التي تنظم حق الوصول للمعلومات، وعملنا على تشريعات عدة في ملف مكافحة الفساد، لافتة الى أن عملية الاصلاح الإداري تحتاج إلى قرار سياسي وطني استراتيجي يضم رؤية شاملة.
ولفتت الى ان الجو العامّ في جلسات مجلس الوزراء جوٌّ إيجابيّ، لأننا نلمس نية الجميع بتحسين البلد وتطويره رغم ما يقوله البعض أنها حكومة انتخابات، ولكن جميع الوزارات تبذل ما بوسعها.
العبور الى الدولة يبدأ بقانون انتخاب عادل
وحول موضوع قانون الإنتخاب ترى عز الدين ان العبور الى الدولة يبدأ بقانونٍ انتخابي عادل يحفظ عدالة التمثيل ويؤمّن نسبة مشاركة عالية. مشيرة الى ان وجود هكذا قانون يساعد على تثبيت الناس في ارضهم ووطنهم ويساعد على إلغاء الطائفية ويحاكي تطلعات الشباب عندها يشعرون بقيمة أصواتهم وحقهم في المشاركة في صناعة الخيارات الوطنية والسياسية، متمنية ان تؤخذ مصلحة الوطن اولا.
واكدت أن “قانون الانتخاب وما ينتج عنه يحدد موازين القوى في الفترة المقبلة، وطرحنا الامثل في حركة امل هو دائرة النسبية.
وعن ملف النازحين السوريين في لبنان، أشارت عز الدين الى إن المدخل لموضوع النازحين هو مدخل إنساني فنحن نتعاطف ونستنكر ما حصل لسوريا والنازحين السوريين، ولكن يجب ألا ننسى أن لبنان كذلك دولة تعاني من أزمات معيشية فائقة وبنيته التحتية مهترئة، ولكن هذا لا يبرر العشوائية والفوضى التي اتبعتها الدولة بالتعامل مع هذا الموضوع ويجب أن يصبح التعاطي معهم بشكل منظم أما الشق السياسيّ فمتعلق بالتواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية لإعادة النازحين لأرضهم.
السيد السيستاني صمام الأمان
وحول ما يجري في العالم العربي اكتفت الوزيرة عز الدين بتوجيه تحية اكبار واجلال وتقدير للمرجع السيد السيستاني مبدية اعجابها بحكمته ونظرته الثاقبة في مقاربة كل الأزمات التي يمر بها العالم الاسلامي بشكل عام والعراق بشكل خاص، واعتبرت ان سماحته صمام أمان في وجه مشاريع التكفير والتفتيت التي اجتاحت المنطقة فحافظ من خلال فتوى الجهاد على وحدة العراق ومنع سقوطه فريسة الفتنة.
كما واشادت بدوره في تحصين العيش المشترك واستيعاب الضغوطات الخارجية منوّهة بتوجيهاته الدائمة للمجاهدين وحرصه على ضرورة التعامل بأخلاق وانسانية ووطنية مع المدنيين من كل اطياف الشعب وهذه التوجيهات يجب ان تنسحب على كل العالم .
حسين شمص