شفقنا العراق-نشر موقع سماحة المرجع الديني الاعلى آية الله السيد علي الحسيني السيستاني “دام ظله الوارف” استفتاءات حديثة حول “حقوق الوالدين” تابعها موقعنا.
السؤال: ما هي حدود طاعة الأب والأم؟
الجواب: الواجب على الولد تجاه أبويه أمران: الإحسان اليهما، بالانفاق عليهما إن كانا محتاجين، وتأمين حوائجهما المعيشيّة، وتلبية طلباتهما، فيما يرجع الى شؤون حياتهما في حدود المتعارف والمعمول حسبما تقتضيه الفطرة السليمة، ويعدُّ تركها تنكراً لجميلهما عليه، وهو أمر يختلف سعة وضيقاً بحسب اختلاف حالهما من القوة والضعف.
ومصاحبتهما بالمعروف، بعدم الإساءة اليهما قولاً أو فعلاً، وان كانا ظالمين له، وفي النص: «وإن ضرباك فلا تنهرهما وقل: غفرالله لكما».
هذا فيما يرجع الى شؤونهما. وأما فيما يرجع الى شؤون الولد نفسه، مما يترتب عليه تأذي أحد أبويه فهو على قسمين:
١. أن يكون تأذيه ناشئاً من شفقته على ولده، فيحرم التصرف المؤدي اليه، سواء نهاه عنه أم لا.
٢. أن يكون تأذيه ناشئاً من اتصافه ببعض الخصال الذميمة كعدم حبه الخير لولده دنيوياً كان أم اَخروياً.
ولا أثر لتأذي الوالدين إذا كان من هذا القبييل، ولا يجب على الولد التسليم لرغباتهما من هذا النوع. وبذلك يظهر أن إطاعة الوالدين في أوامرهما ونواهيهما الشخصية غير واجبة في حدِّ ذاتها.
السؤال: هل يجوز الإتيان بالعبادة كالصلاة والصوم والحج وقراءة القرآن وإهداء ثوابها إلى الوالدين وإن لم يكونا مسلمين؟
الجواب: لا يحرم إهداء ثوابها إليهما برجاء تخفيف العذاب عنهما.
السؤال: ما حكم والد يطلب من ابنته لبس (البوشية) مع العلم بأنٌ البنت تقلد من لايرى إشكالاً في إظهار الوجه أمام الأجنبي؟
الجواب: لايجوز لها مخالفة الاب اذا كانت موجبة لتأذيه الناشيء من شفقته عليها.
السؤال: ما حكم اساءة الاب معاشرة أولاده؟
الجواب: للاولاد على الاب حقوقاً عامة ثابتة لغيرهم أيضاً من قبيل عدم إيذائهم و الاساءة اليهم. و لهم حقوق أخرى خاصة بهم من جهة صلتهم به. كما أن للآباء حقوقاً مؤكدة على الاولاد كما جاء في القرآن الكريم، و اذا أساء الأب معاشرة أولاده فعلى الاولاد أن لا يقابلوه بالمثل جهد المستطاع خاصة إذا كبر و ضعف و احتاج الى صلتهم و اعانتهم فتلك فتنة شاء الله تعالى أن يمتحنهم به و لمن صبر و غفر إنّ ذلك من عزم الأمور و نسأل الله الهداية و التسديد للجميع.
السؤال: هل يجوز للانسان المطالبة بحقه من والديه؟
الجواب: نعم، له ذلك، ولكن عليه مراعاة الحدود الشرعية خاصة مع مثل الوالدة التي أكّدَ في الشريعة على رعايتها.
السؤال: لي اخ يبلغ من العمر ٢٩ عاماً وهو مازال يدرس وقد تقدّم لخطبة فتاة حديثا (قطع المهر) والمشكلة انه لا يعامل امه كما يرضي الله فهو يسمعها من الكلام ما يغضب الله من دون اي سبب مع العلم انها لم تؤذه قيد شعرة،بل لها الكثير من الفضل عليه في دراسته وزواجه وابي لا حيلة له معه غير النصيحة ومحاولة صده عن ايذاء امه وأخيه الصغير من دون جدوى وانا اطلب مشورتكم في ما عليّ فعله لأني لا املك غير الدعاء وخوفي على امي وابي؟
الجواب: لا نعلم ملابسات القضية ولكن علي العموم: يجب على الاولاد مراعاة المعاشرة بالمعروف مع الوالدين فان حقهما من آكد الحقوق بشهادة الضمير الانساني والفطرة السليمة، وقد اكد عليها الله تعالى حيث ذكر الاحسان الى الوالدين بعد عبادته تعالى، فقال عز من قائل: (وقضى ربك إلا تعبدوا إلا اياه وبالوالدين احساناً) واثبت حقهما حتى وان كانا كافرين رغم عظم هذه المعصية، وان للمعاشرة الحسنة مع الوالدين بركات وآثاراً في الدنيا والآخرة من حيث يحتسب المرء ومن حيث لا يحتسب كما ان للمعاشرة السيئة آثاراً سلبية سحيقة فيهما، فعلى المرء ان يحسن اليهما ويحذر عقوقهما، نسأل الله التوفيق والتسديد للجميع.
السؤال: ١- إذا كان أحد الوالدين مريضاً ويطلب ما يضرّه مثل طلب الحلوى وهو مصاب بالسكر ، فلو لم يلب الولد طلبهما حرصاً منه على صحتهما ، فهل يُعتبر الولد عاقاً أو عاصياً لهما أم لا ؟
٢- إذا تعارض أمر الأب مع أمر الأم وكان من موارد وجوب طاعتهما لتأذيهما من مخالفتهما،وكان الفعل بحدّ ذاته مباحاً فأيّهما يقدّم عند التعارض، رضا الأب أم رضا الأم ؟
الجواب: ١- لا يكون عاقاً ولا عاصياً بذلك فيما خيف عليهما من ضررٍ بليغٍ يلزمهما التجنب عنه، وكذا فيما كان الضرر معتدّاً به بحيث يكون ذلك خلاف الإحسان إليهما،لكن لابدّ مع ذلك من مراعاة اللين في القول والأدب معهما وإشعارهما بالعطف والرحمة ، ولو اقتضى عدم تأذيهما توفير بديل مثلاً وفّر لهما ذلك.
٢- يقدّم رضا الأم لتأكد مراعاة حقّها. نعم لو كان ما يلحق الأب من الأذى أكثر ممّا يلحق الأم بمقدار كثيرٍ بحيث يصبح وجوب مراعاة حقّهما في مستوى واحدٍ تخيّر في ذلك . ولو كان ما يلحق الأب من الأذى أكثر من ذلك المقدار أيضاً بمقدارٍ معتدٍ به بحيث يصبح وجوب مراعاة حقّه أشد فإنّه يجب تقديمه على حقّ الأم حينئذٍ ، والله العالم.
النهاية