خاص شفقنا – ا تجد بين زعماء الدول التي تورطت في شن الحرب على الشعب السوري منذ اكثر من ست سنوات، من هو اكثر تطرفا وتورطا في هذه الحرب، من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي كان يحلم بإعادة “امجاد” اجداده العثمانين من بوابة سوريا وعلى اشلاء شعبها.
من اكثر مواقف اردوغان تطرفا في الحرب على سوريا، كان موقفه “العنيد وغير القابل للنقاش او حلول الوسط” من الرئيس السوري بشار الاسد، فكان يدعو ويطالب ويصر على اسقاطه، وجند كل امكانيات الدولة التركية، بالاضافة الى استخدامه خزائن الدول الخليجية التي كانت مفتوحة له على مصرعيها، لتغطية نفقات شحن عشرات الالاف من التكفيريين، من مختلف انحاء العالم الى سوريا، بعد تدريبهم وتسليحهم في تركيا ، لتحقيق هذه الغاية.
اليوم وبعد مرور 6 سنوات وبعد تدمير سوريا وتشريد نصف شعبها وسقوط مئات الالاف من القتلى والجرحى، يعلن نائب رئيس وزراء تركيا محمد شيمشك وامام مؤتمر دولي كبير ، إنه لم يعد بوسع أنقرة أن تصر على تسوية الصراع في سوريا بدون مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد.
شيمشك وفي كلمة القاها في جلسة عن سوريا والعراق في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس يوم الجمعة 20 كانون الثاني / يناير، قال ان علينا أن نتحلى بالنهج العملي والواقعية .. ان الحقائق على الأرض تغيرت كثيرا وبالتالي لم يعد بوسع تركيا أن تصر على تسوية بدون الأسد ، هذا غير واقعي.
لسنا هنا في وارد الحديث عن المسؤولية القانونية والاخلاقية لزعماء تركيا وعلى راسهم اردوغان ، ازاء الدماء التي اريقت في سوريا خلال السنوات الست الماضية، وازاء مصير الملايين من اللاجئين والمشردين السوريين في سوريا والمنطقة والعالم، وارزاء الخراب الذي حل بسوريا، فهذه من مسؤولية الامم المتحدة والمحاكم الدولية والتاريخ والاجيال القادمة، ولكننا نرى في تصريحات شيمشك استداراة كبيرة، وقد تكون حقيقية، في سياسة اردوغان ازاء الرئيس السوري والحرب على سوريا.
صحيح ان التناقض هي سمة ملازمة لاردوغان وسياسته من سوريا، الا ان اختياره شخصية ثانوية في سلم قيادة حزبه، لتمرير استدارته ازاء الازمة السورية، جاء لتقليل ردود الفعل التي قد تثيرها هذه الاستدارة في الداخل التركي وعلى الصعيدين الاقليمي والدولي وكذلك بين الجماعات المسلحة التي تدعمها انقرة في سوريا، وهي استدارة طالما رفضها اردوغان حتى قبل اسبوع من الان عندما اعلن المتحدث باسمه ، إن أنقرة ما زالت تعتقد أن عودة السلام إلى سوريا وتوحدها باتت مستحيلة في وجود الرئيس السوري بشار الأسد.
هناك من يحاول تبرير استدارة اردوغان الى الوراء ازاء الحرب المفروضة على سوريا ، باعترافه بالخطأ وتحكيمه للعقل، بعد ان ورطته السعودية وقطر في اتخاذ مواقف غير عقلانية وبعيدة عن الواقع من سوريا والنظام السوري، وهناك من بررها بطعن امريكا والغرب له بالظهر بوقوفهما الى جانب عدوه اللدود فتح الله غولن، والبعض بررها بدخول روسيا الى جانب النظام السوري ، وبالتالي سحبت البساط من تحت اقدام تركيا في سوريا.
رغم اننا لا ننكر وجود بعض الصحه في تلك التبريرات الا انها لا يمكن، حتى لو كانت مجتمعة ، ان تغير موقف اردوغان من الحرب على سوريا ، نظرا لشخصيته اردوغان المتصلبة والغارقة في احلام اعادة “امجاد الدولة العثمانية”، الا ان العامل الرئيسي الذي جعل اردوغان يتراجع بهذا الشكل العلني عن مطلبه برحيل الرئيس السوري، هو صمود الشعب السوري امام الهجمة الوحشية التي تعرض لها واستهدفت وجوده ، فلم يتعرض شعب في العالم خلال العقود الاخيرة، الى حرب اُستخدمت فيها كل الاساليب القذرة التي تخرج عن نطاق التصور الانساني، لكسر صموده ومقاومته، كما تعرض الشعب السوري ، فقد تم استخدام الترغيب والترهيب والحرب الاعلامية والنفسية والحرب العسكرية والتقتيل والتجويع والتعطيش والفتن الطائفية والدينية والقومية، ضد هذا الشعب، الا انه بقي مرفوع الراس بفضل صموده ومقاومة جيشه، ووقوف محور المقاومة الى جانبهما، الامر الذي لم يدفع اردوغان الى التراجع عن مواقفه السابقة فحسب ، بل دفع جميع اعداء سوريا الى التراجع واعادة النظر في سياستهم ازاء سوريا والرئيس السوري بشار الاسد.
النهاية