شفقنا العراق-أجرى موقع التعاون الدولي الشيعي للأنباء (شفقنا) مقابلة مع آية الله الشيخ علي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وقد تناول الجزء الأول من اللقاء مجمل الأزمات التي تمر في عالمنا الإسلامي وكذلك الشرق الأوسط، بدءا من العلاقات الإيرانية السعودية وما شهدتها أخيرا من توترات بعد تولي الملك سلمان مقاليد الحكيم في المملكة، والعدوان على اليمن، وكذلك الإرهاب في المنطقة وظهور داعش والأزمة السورية وبوادر تقسيم الشرق الأوسط، والخلافات الشيعية-السنية.
وأكد رفسنجاني خلال اللقاء إمكانية تحسين العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية إذا ما أبدى الجانبان استعدادهما لذلك معا، مرحبا بتطوير العلاقات مع الدول العربية.
كما أبدى رفسنجاني امتعاضه من السياسات غير العقلانية التي اتخذها حكام السعودية الجدد، موضحا إن السعودية لا تشهد وضعا جيدا، مؤكدا في الوقت نفسه ضرورة اللجوء إلى حوار وتفاوض عقلاني يمدد جسور الثقة ويقضي على بوادر الخوف بين البلدين، فإيران لا تريد توجيه سلاحها ضد أحد.
وشدد رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام على حلحلة الخلافات مع الدول العربية وعلى رأسها السعودية عبر طرق سليمة يتخذها الجانبان، مشيدا بالعاهل السعودي الراحل ملك عبد الله الذي وصفه بالمعتدل والعاقل، منتقدا أداء حاشية الملك سلمان وتطرفهم.
وفي جانب آخر اعتبر رفسنجاني إن قضية الإرهاب باتت مرتبطة بالقضايا العقائدية داخل الجماعات السنية والشيعية، مؤكدا إن الوهابيون يشكلون غالبية الجماعات التي تقوم بأعمال إرهابية تحت عنوان الإسلام، كما إن الإرهاب بات قضية عالمية بعد أن كان قضية اقليمية.
وأشار رفسنجاني إلى إن داعش وبعد أن وجد له موطئ قدم في العراق وأفغانستان، أخذ يركز على إيران لما تمثله من ثقل للتشيع، مؤكدا إن قوة الجمهورية الإسلامية وما تتمتع به من إمكانيات حالت دون ترجمة أهداف داعش في إيران، ففي كل يوم يتم اعتقال عدد من الأشخاص أو الجماعات المرتبطة بداعش.
وفيما يتعلق بتقسيم الشرق الأوسط، اعتبر إن الدول الغربية هي من تريد تقسيم العراق، وسوريا، وإيران، حتى لا تبقى دولة قوية في المنطقة، ومن ثم يتحول المشهد إلى حالة من النزاع والتوتر بين دول صغيرة.
ودعا رفسنجاني المسلمين إلى تجنب ما يثير الحقد والكراهية بين الشيعة والسنة، مؤكدا ضرورة اللجوء إلى الحوار والابتعاد عن ممارسة العنف ضد الآخر، محذرا من تصاعد التطرف في المنطقة، ووصفه بالفيروس الذي ينشأ منه الإرهاب، محذرا من تحوله إلى حرب عالمية جديدة.
كما واعتبر الإرهاب حلقة جديدة تضاف إلى تحديات الشعوب، بعد الدكتاتورية والاستعمار، وقال إن الإرهاب وانعدام الأمن في مصر كانا وراء تراجع الثورة المصرية وسقوط الإخوان، مما جعل المصريين يلجؤون إلى العسكر من جديد.
وأضاف رفسنجاني إن الإرهاب بات سيد الموقف في البدان الإسلامية، ومع الأسف يتذرع هذا الإرهاب بسلاح الدين، ولا يمكن مواجهته إلا بصف إسلامي موحد بين الشيعة والسنة، وبثقة متبادلة بين المسلمين يمكننا من المضي إلى الأمام.
وحول الأزمة السورية، رأى رفسنجاني إن هناك خطر كبير ينتظر سوريا، فدخول روسيا على الخط، أثار امتعاض أميركا والاتحاد الأوروبي.
ولم يستبعد رفسنجاني إمكانية التدخل العسكري من جانب أوروبا في سوريا، ووصفه بالكارثة الجديدة إذا ما حدث.
بعض الحوزات العلمية تعاني من النظرة السطحية وغياب القضايا الحديثة
وفي الجزء الثاني، تناول آية الله رفسنجاني قضايا ذات صلة بالحوزة العلمية وأهميتها وتحدياتها، وتأثيرها على الساحة، كذلك قضية الفقه السياسي، ودور المرجعية في العالم الإسلامي وحلحلة الأزمات.
شدد رفسنجاني على ان “رسالة الحوزات العلمية واضحة وبينة، فعليها في المقام الأول تعليم الدين على كل المستويات، وأن تعرف من تخاطب وفي أي زمن وظرف يعيش المجتمع”، موضحا إن “النظرة السطحية تمثل مشكلة في الحوزات، وما يجب عليها هو الحفاظ على المبادئ”.
وبين الشيخ رفسنجاني بأن “الحوزات العملية تعاني من غياب القضايا الحديثة في موادها، فالعالم قد تغير واختلف عن السابق”، داعيا إلى “تغيير فحوى رسالتها عند التطرق إلى القضايا الحديثة”.
واستطرد قائلا: فالرسائل العملية اليوم لم تختلف كثيرا عن سابقاتها، إذ لم تعالج الكثير من القضايا، هذا في حين إن العالم تغير وتحول، ولما كان الدين رؤية للمهد إلى اللحد، فعليه أن يغطي كل شيء في جميع الأزمنة والأمكنة. خذوا قضية الاستهلال وما يرافقها من خلاف في العمل بدل توحيد الجهود لرؤية الهلال نموذجا، فقد أضاعت فرصة خلق اجتماع كبير للمسلمين في عيد الفطر، فمنهم يعيد اليوم، ومنهم يعيد غدا، وهكذا دواليك. وأظن إن الحوزات العلمية وفي هذا الإطار لم تقم بواجبها الرئيسي بالشكل الجيد”.
وتابع: أما النقطة الأخرى تتعلق بمكانة الحوزات العلمية الشيعية سابقا، إذ كانت معزولة بعيدة عن الدور الحكومي السياسي، مما أدى إلى ترك وإهمال جزء مهم من الفقه والاجتهاد، أي الأحكام السياسية والحكومية، وفي المقابل شهدت قضايا الأحوال الشخصية تطورا وتناولا واسعا، أما اليوم ومع إن الشيعة لديهم دولة ديمقراطية متطورة، إلا إن الحوزات العلمية لم تنجز بعد عملا ملحوظا في مجال الفقه السياسي والحكومي، كما إن منهج الاجتهاد أيضا لا يزال منهجا تقليديا، ولم يواكب التطور الذي شهده علم القانون والكثير من العلوم الإنسانية الأخرى.
كما أشار إلى “وجوب بناء علاقة وطيدة بين العلماء والمجتمع، خاصة بعد أن تأسست حكومة دينية وتولي العلماء مسئوليات خطيرة، وهذا يعد شرطا لإنجاز المهام”، مشيرا إلى أن “علماء الدين لم يكن بمقدورهم سابقا بناء العلاقات مع كل طبقات المجتمع، فكانت العلاقة الدينية المحدودة هي السائدة”.
وتابع رفسنجاني “أما اليوم فقد ازدادت قنوات الاتصال بأبناء الشعب، لكن الكثير لا يزال ينتهج الأفكار والأساليب القديمة نفسها، وبما ان نظامنا ديني فأصبحت العلاقة في إطار الحاكم والمحكوم، لكن الإسلام يرى بان الناس يجب ان يقرروا مصيرهم والحكومات يجب أن تتبع الشعب في إطار أصول الدين”.
كما شدد على “ضرورة استقلال الحوزات، ودراسة الأمر ليتضح هل انها تتمتع باستقلالية أم لا” موضحا إن توفير الظروف للتعبير عن الأفكار يجب ألا يخيف رجال الدين إن نطقوا بالحق وبينوا المنطق الديني”.
وقال رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام ان “الحكومة الإيرانية يديرها علماء الدين ويتوقع أبناء المجتمع منها ان تقوم بالقضايا الحكومية وفقا لاستيعابها للأمور، هذا في حين إن الحوزات العلمية لم تتناول تعليم مثل هكذا قضايا ولم تعمل في هذا المجال، كما إنه ليس من مجال تخصصها”.
النهاية