خاص شفقنا- اخترنا لكم لهذا الاسبوع مقال لمحمد علي ابطحى مستشار الرئيس السابق محمد خاتمى و الذي نشرته صحيفة اعتماد الايرانية بمناسبة اسبوع الوحدة الاسلامية.
غالبا ما تكون العادات والتقاليد الاجتماعية و الدبلوماسية و الدينية متشابهة، فهي تبدأ من العائلة ويتسع نطاقها وصولا الى الامة ككل. ومن المعروف أنه في المجالس العامة التي يشترك فيها الأقرباء والغرباء تكون التقاليد اكثر رسمية حيث يبقى الاحترام المتبادل سيد الموقف، لكن عندما يخلو المجلس من الغرباء ترجع العادات و التقاليد الى واقعها الضيق والمحدود حيث تبرز المشاكل و الخلافات وتبدأ المواجهات، فالمشادات والاحتكاكات غالبا ما تبرز عند فئتين قريبتين تتشاركان نقاطا مشتركة وهو الأمر الذي لا يظهر عادة في الفئات الأبعد.
وعلى سبيل المثال يمكن الإشارة إلى علاقة كنيسة فاتيكان الكاثوليكية المسيحية مع الأديان الاخرى وايضا علاقتها مع باقي المذاهب المسيحية حيث استقبل بابا الفاتيكان قبل عدة أشهر ممثلي كافة الاديان في مقره ودعت كل الأطراف العالم الى السلام والتسامح والوئام، وكذلك عند زيارة البابا للدول ولاسيما الدول الاسلامية نرى أن كبار وعلماء تلك البلدان يكونون في الصف الاول لاستقباله والترحيب به، حتى عندما توجه البابا الى كوبا الملحدة كان هناك الالاف في استقباله وعلى رأسهم قائدهم الذي توفي متاخرا فيدل كاسترو ولكن عندما زار البابا، جورجيا المسيحية ذات اغلبية ارثوذوكسية لم يستقبله احد من قادة الكنيسة الأرثوذكسية فحسب بل دعوا الناس الي تظاهرات حاشدة استنكارا لحضوره في بلدهم، علما ان هذا لم يكن غريبا حيث الخلافات بين انصار مذاهب الدين الواحد تكون دائما اكبر من الخلافات بين الاديان وهو الأمر ذاته بالنسبة للمذاهب الاسلامية، فهناك قنوات تلفزيونية شيعية وسنية متطرفة تبث من داخل بريطانيا والولايات المتحدة وتتبنى رسالة بث سموم التفرقة والكراهية عبر تنكيلها بالمقدسات والتكفير وعدم قبول الرأي الآخر بينما نرى تلك الأبواق نفسها تحترم وتمجد الاديان الاخرى، فمن الواضح أن هذه الخلافات لیس لها جذور دینیة وأن تلك الابواق لا تمثل حتى المذهب التي تدعي انها تدافع عنه بل انها اداة بيد السياسات غير البريئة التي لا تريد الخير للمسلمين حيث تستخدم تلك القنوات والابواق كسلاح من أجل الوصول الى غاياتهم بدلا من ايجاد حروب صليبية جديدة بتكلفة عالية. لكن حتى الممولين نفسهم لم يسلموا من شر هؤلاء المتطرفين فالارهاب الذي طال أوروبا وامريكا هو خير دليل على تلك السياسات الخاطئة الهدامة.
فيتبين لنا أن التطرف هو سبب انشقاق هذه الأمة، والحل يكمن في التعقل ووحدة المذاهب الاسلامية وعدم الانجرار لهذه السياسة الرعناء. ان اسبوع الوحدة الاسلامية ليس فقط للاستعراض والاحتفال والخطابات الرنانة، بل ان هذه المناسبة هي اخر الفرص امام المذاهب لنبذ التفرقة ويجب استغلالها لبناء صرح لتوحيد المسلمين كافة.
وحدة المذاهب لاتعني ترك جميع المعتقدات و أن يصبح السني شيعيا او الشيعي سنيا بل تعني التعايش جنبا الى جنب بشكل سلمي بعيد عن التكفير والكراهية ونبذ الآخر، يجب علينا أن نظهر للعالم أن الاسلام الحقيقي بعيد كل البعد عن الارهاب. ولكن مع الأسف الشديد أن الاستكبار العالمي و الذي يرى مصالحه في التفرقة و ايجاد الفرق بين ابناء هذا الدين الحنيف، لا يسمح بذلك. لابد لاسبوع الوحدة أن يكون وسيلة لتعطيل كل تلك القنوات المظلمة وتعرية مموليها وان يغلق الابواب على المتاجرين باسم الدين من المتطرفين شيعة ام سنة الذين شوهوا اسم الاسلام و نبيه، نبي الرحمة محمد صلوات الله عليه و على اله و سلم.
ترجمة علي حاتمي