خاص شفقنا-المحور الامريكي كان يعتبر السيطرة على حلب هو مفتاح “النصر” على الرئيس السوري بشار الاسد، ولهذا السبب بالذات لم يدخر هذا المحور، ومنذ 6 سنوات، وسيلة الا واستخدمها لتسليح الجماعات المسلحة وفي مقدمتها “جبهة النصرة” ( فتح الشام) الفرع الرسمي للقاعدة في بلاد الشام، ومدها بكل اسباب القوة من رجال ومال وعتاد ودعم سياسي واعلامي.
كلنا يتذكر تصريحات المسؤولين الامريكيين والبريطانيين والفرنسيين والاتراك والسعوديين والقطريين، على مدى الاعوام الستة الماضية، والتي كانت تتمحور حول التأكيد على عدم السماح بتحرير حلب من قبضة الجماعات المسلحة مهما كان الثمن، وتمت ترجمة هذه التصريحات على شكل قوافل تحمل الاسلحة والمسلحين عبر الحدود التركية المفتوحة على مصرعيها للانتقال الى حلب.
بعد مرور نحو 6 اعوام، وبعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في حلب ، الذين حرروا 93 بالمائة من شرق حلب، وحُشر ما تبقى من المسلحين في جيوب صغيرة في المناطق الجنوبية من شرق حلب، وبات الانتصار قاب قوسين او ادنى من الجيش السوري وحلفائه، اخذنا نسمع عبارة موحدة جاءت على لسان اغلب مسؤولي بلدان المحور الامريكي، وفي مقدمتهم وزير الخارجية الامريكي جون كري، وهذه العبارة تقول “سقوط حلب لن تنهي الحرب في سوريا”.
من الواضح ان تكرار هذه العبارة خلال الايام القليلة الماضية على لسان مسؤولين امريكيين واتراك وعرب خليجيين، يؤكد حقيقة واحدة وهي ان المحور الامريكي عاقد العزم على التدخل بشكل اكبر في الحرب المفروضة على سوريا، عبر ارسال الاسلحة المتطورة ومنها صواريخ مضادة للطائرات، الى الجماعات المسلحة، وعبر توثيق التنسيق بين الجماعات المسلحة لاسيما بين “فتح الشام”(القاعدة) و “داعش”، تحت رعاية امريكية ودعم تركي واموال خليجية.
ثلاثة تطورات متزامنة ومتسارعة في الميدان السوري خلال الايام القليلة الماضية، اثارت العديد من علامات الاستفهام هو الدور الامريكي والتركي ازاء ما يجرى في حلب ، واكدت ان هناك امرا ما يدبر للسوريين، بعد ان نجحوا في الحاق الهزيمة بالمسلحين في حلب، و وأدهم فكرة تقسيم بلادهم والى الابد.
التطور الاول، هو الاندفاع السريع للجيش التركي الذي يقوم باحتلال شمال حلب تحت ذريعة مساعدة “الجيش الحر”، نحو مدينة الباب الاستراتيجية والتي اكدت العديد من المصادر الخبرية سقوطها بيد الجيش التركي، رغم التحفظات التي ابدتها روسيا ازاء اي تحرك تركي في شمال حلب، وخاصة مدينة الباب التي تعتبر اخر مدينة بيد “داعش” في شمال حلب، والتي يمكن ان تتحول الى نقطة انطلاق للجيش السوري نحو اماكن اكثر حيوية واهمية من الباب في حلب.
التطور الثاني، هو الهجوم المباغت وغير المتوقع الذي شنته “داعش” على مدينة تدمر مساء السبت، وتمكنت من دخولها وفرض سيطرتها عليها مرة اخرى، وفقا لوكالات الانباء، بعد ان تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من تحريرها من قبضة “داعش” في اذار/مارس الماضي.
التطور الثالث والذي يحمل دلالات كبيرة ايضا، تمثل برفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الخميس 8 ديسمبر/كانون الأول، الحظر المفروض على توريد الأسلحة للجماعات المسلحة في سوريا، حيث وصف البيت الأبيض القرار بان له أهمية قوية لمصلحة الأمن القومي الأمريكي.
هذه التطورات الثلاث كشفت وبشكل واضح:
-عن وجود تنسيق على مستوى عال بين تركيا وامريكا و”داعش” من اجل تخفيف الضغط على مسلحي القاعدة المحاصرين في جيوب في شرق حلب.
-عن حقيقة طالما اشرنا اليها، وهي ان المحرك الرئيسي لكل الجماعات التكفيرية دون استثناء، هي امريكا.
-عن العقلية المغلقة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان، والمنفصلة عن الخارج، والذي يظن ان بامكانه تغيير المعادلة في حلب من خلال الضغط على الجيش السوري عبر بوابة الباب.
-عن عجز امريكا عن تغيير معادلة الحرب، وهذا العجز دفعها الى استخدام حربة صدئة طالما استخدمتها في افغانستان وانقلبت عليها وبالا، وهي تزويد المسلحين، وجلهم تكفيريين، باسلحة متطورة مثل الصواريخ المضادة للطائرات، ظنا منها انها قد تغير موازين القوى على الارض لصالح الجماعات التكفيرية.
-عن تأكيد، ما هو مؤكد، المؤامرة الكبرى التي تحاك ضد سوريا منذ نحو ستة اعوام يشارك فيها وما يزال تحالف غير مقدس مؤلف من “اسرائيل” وتركيا والرجعية العربية، تقوده امريكا لضرب حلقة مهمة من حلقات محور المقاومة بهدف الاستفراد بالمنطقة وشعوبها من قبل “اسرائيل” ومحور الانبطاح العربي.
ولكن رغم كل ما تقدم، لن يغير المحور الامريكي ومرتزقته من الذين ضخ بهم هذا المحور من مختلف دول العالم الى الداخل السوري، من عرب وافغان وشيشان وصينيين وامريكيين واوروبيين وافارقة واسيويين، من الحقائق على الارض، بعد ان انكشفت خيوط المؤامرة للشعب السوري، الذي ايقن ومنذ اليوم الاول، ان كل الرايات المزيفة التي رُفعت باسمه، هي رايات تدعو الى ضرب سوريا وتقسيمها وتشريد اهلها، لذلك التحم الشعب السوري مع جيشه، ضد قوى الشر والظلام والتكفير، بمساندة محور المقاومة الذي اثبت تمسكه بسوريا بوصفها الحلقة الذهبية في محور المقاومة.
النهاية