خاص شفقنا- بيروت-أمضى الإمام الحسن العسكري عليه السلام الجزء الأكبر من عمره الشريف في العاصمة العباسية سامراء، وواكب جميع الظروف والملابسات والمواقف التي واجهت أباه الإمام علي الهادي عليه السلام، ثم تسلّم مركز الإمامة وقيادة الاُمة الاسلامية سنة 254ه بعد وفاة أبيه عليه السلام وعمره الشريف آنذاك 22 عاماً.
وكانت مواقفه امتداداً لمواقف أبيه عليه السلام بوصفه المرجع الفكري والروحي لأصحابه وقواعده وراعياً لمصالحهم العقائدية والاجتماعية بالاضافة الى تخطيطه وتمهيده لغيبة ولده الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.
“وتعتبر المرحلة التي عاشها الإمام الحادي عشر عليه السلام من ادق المراحل والتي كانت عبارة عن الإنتقال بالشيعة من مرحلة الحضور للائمة عليهم السلام الى مرحلة الغيبية واعتماد اسلوب التواقيع والمراسلة عبر الوسطاء بين الإمام وشيعته بسب التضييق على الإمام وشيعته وعزله عنه من قبل الحكام الظلمة وتهيأة الأجواء لمرحلة عصيبة على الشيعة يطول أمدها ويشتد بلاؤها”. يقول إمام بلدة جباع الجنوبية فضيلة الشيخ سلمان دهيني.
وفي رحاب استشهاده عليه السلام، لفت الشيخ دهيني في حديث خاص لوكالة “شفقنا” الى ان الإمام عمل على التمهيد لغيبة ولده الإمام المهدي عليه السلام من خلال عدة مراحل، اولا بالنص على امامته وبيان اوصافه وغيبته الصغرى والكبرى وبعض الأحيان كان يدعو ولده ليحضر امام الخلّص من اصحابه ليتعرفوا الى صفاته وبشكل مباشر ويتيقنوا بوجوده. وثانيا تحذير اصحابه من الضعف والشك وحثهم على الصبر وانتظار الفرج.
واضاف “عمل الإمام على تعيين الوكلاء والسفراء بين الإمام وشيعته لانه سيكون الاسلوب الوحيد المعتمد في زمن الإمام المهدي عليه السلام في الغيبة الصغرى والكبرى، اضافة الى ارجاع الناس الى الفقهاء التقاة عندما يتعثر الرجوع الى الامام نفسه”.
الإمام العسكري وخطر النواصب
وبالرغم من الضعف الذي كان قد أحاط بالدولة العباسية في عصر الإمام عليه السلام لكن السلطة القائمة كانت تضاعف اجراءاتها التعسفيّة في مواجهة الإمام الحسن العسكري عليه السلام والجماعة الصالحة المنقادة لتعاليمه وارشاداته عليه السلام. فلم تضعف في مراقبته ولم تترك الشدة في التعامل معه بسجنه أو محاولة تسفيره إلى الكوفة خشية منه ومن حركته الفاعلة في الاُمة وتأثيره الكبير فيها. ثم إن المواجهة من الإمام كقيادة للحركة الرسالية لم تكن خاصة بالخلفاء العباسيين الذين عاصرهم، إذ كان هناك أيضاً خطر النواصب وهم الذين نصبوا العداء لأهل البيت النبوي عليهم السلام ووقفوا ضد اطروحتهم الفكرية والسياسية المتميزة التي كانت تتناقض مع اطروحة الحكم القائم والطبقة المستأثرة بالحكم والمنحرفة عن الإسلام النبوي.
ويشير فضيلته الى انه عمل على مواجهة هؤلاء بطرق عدة ، فأمر شيعته أولا بالتزام الدين ومتابعة احكامه والتمسك والصبر وانتظار الفرج، ثانيا المعاملة الحسنة لكل من يعاشروه ويعيشوا معه فأوصاهم بحسن الخلق مع الناس وصدق الحديث واداء الأمانة وان يكونوا زينا للأئمة ولا يكونوا شيناً، حيث ورد عنه عليه السلام “جسروا الينا كل مودة وادفعوا عنا كل سوء”.
وتابع، امر الإمام عليه السلام شيعته بالمحافظة على انفسهم بكتمان السر واخفاء امورهم وعدم اذاعتها وان لا يعرضوا انفسهم للهلاك واستعمال التقية لدفع شر السلاطين عنهم وعدم اثارة الفتن والدخول فيها.
وختم الشيخ دهيني بالقول “لابد لنا من ان نستفيد من حياة الإمام الحسن العسكري عليه السلام ونعمل جميعا فكلنا راع وكلنا مسؤول في موقعه ومحله لنشر تعاليم اهل البيت والتزامها سلوكا ونهجا ولابد من الصبر والتحمل والتعاون بين المخلصين من امة محمد “ص”ولتفويت الفرصة على النواصب وغيرهم ممن يريد الوقيعة بأهل الحق.
يذكر ان الإمام الحسن العسكري عليه السلام استشهد يوم الجمعة الثامن من ربيع الأول سنة 260 وعمره 28 عاماً ودفن مع أبيه الهادي في سامراء.
ملاك المغربي