خاص شفقنا-لكم في هذه الفقرة مقالا نشر في صحيفة “جمهوري اسلامي” فى عددها رقم 10747 والذي يتطرق فيه الكاتب الى اسباب الأزمة الراهنة في الشرق الأوسط و يقترح ايضا حلولا لكيفية التعامل معها والتخلص منها:
تخلیص الشرق الاوسط من التوتر اعتمادا علی البنی الجیوسیاسیة للمنطقة
تشهد منطقة الشرق الاوسط هذه الايام منافسة غير بناءة بين دول المنطقة و الفجوة بين المذاهب و القوميات المختلفة زادت من الطين بلة وأدت إلى تصعيد حدة التهديدات الموجه للدول الاسلامية. لكن يبدو ان دول منطقتنا لو تمسكت بوحدة الجغرافية السياسية عوضا من هذه التفرقة لمتلآت هذه الفجوات. كما ذكرنا تواجه الدول الاسلامية مشاكل و تهديدات عدة في هذا المجال ولا شك أن اهم و اكبرها هي فقدان الامن وازدياد التطرف و الارهاب كما في العراق و سوريا واليمن، وكلها تشهد توتر أمني واعتدائات سافرة من قبل مجموعات متشددة ومتطرفة حيث يتزايد عدد ضحايا المدنيين يوما بعد يوم. هذه الفرق التكفيرية والارهابية تسللت بافكارهم وعقائدهم الخطرة و المتشددة في شتى انحاء بلدان المنطقة ويبدو ان محاربة هذه المجموعات رهينة بالاتحاد و التعاون الجاد بين الدول الواقعة تحت طائلة الارهاب. ومن الواضح أن اي دولة بمفردها لا تستطيع أن تحرر نفسها من هيمنة هذه المجموعات المتطرفة. بدون أي شك أن سهام الارهاب ليست موجهة الى الدول الاسلامية و الشرق الاوسط فحسب انما تضع بلدان و دول عدة فی مرماها مع مضي الزمن. النقطة الاخری الأكثر اهمية هي كثرة اللاعبين على الساحة الدولية في الوقت الراهن وذلك على غير ما كان سابقا حين كانت دول المنطقة هي اللاعبة الاساسية و الوحيدة, الامر الذي جعل مواجهة هذه الازمة صعبة جدا على الجميع وباتت اكبر تحد للعالم.
إن جذور هذه الأزمة تكمن في زاويتين، داخلية و خارجية. ديكتاتورية بعض الانظمة بحق شعبها تخلق بدورها معارضين متشددين وذلك لعدم منح الشعب ابسط حقوق المعارضة المشروعة والتي تدفع في بعض الأحيان المعارضة المعتدلة ذات المطالب المشروعة الى احضان المتطرفين.
من جهة اخرى هناك بعض الامور ادت الی تصعيد حدة التوترات والاضطرابات منها زرع الفتن الطائفية بين السنة و الشيعة مما مهدت ارض خصبة لنمو و تكاثر المجموعات المتطرفة الممولة من قبل بعض دول المنطقة والتي تدعي قيادة العالم الاسلامي مستغلة هذه الفئات لنيل اهدافها دون النظر الی عواقب اعمالهم الخطرة. اضافة الى ما سبق، فأن هناك فهم و قراءة خاطئة لأبسط مبادئ الدين الحنيف من قبل هؤلاء المتطرفين الذين يعكسون صورة مشوهة دموية للاسلام و بأنه دين عنف و قتل و لا مكان فيه للتسامح و الرحمة وهو عكس ما جاء به نبي الرحمة، محمد ص
اما المشاكل الخارجية التي ذكرناها سابقا تكمن بتواجد قواعد و قوات عسكرية اجنبية غربية في قلب المنطقة و هي بمثابة قنبلة موقوتة تهدد امنها و استقرارها. ومن الواضح أيضا أن غاية تواجد القوات الغربية في المنطقة هي الحصول على شركاء استراتيجيين يلبون مطامعهم، وفي حال عدم خضوع دولة لمطالبهم يقومون بدعم المجموعات المتطرفة و التكفيرية للقضاء على نظام الحاكم غير المتعاون لتلك الدولة و استبداله بنظام ضعيف خاضع لاوامرها بذريعة بسط الديموقراطيه في المنطقة. في مثل هذه الظروف الصعبة يجب على دول المنطقة أن تحكم عقلها بالتعاون ووضع يد بعضها ببعض رغم وجود التعددية في الاديان و المذاهب و لإنقاذ المنطقة التي تمثل برجل مريض محتضر لإعطاءه القليل من التنفس لكي يدب فی جسده الروح. وكما جاء على لسان وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية، محمد جواد ظريف في كلمة القاها في مؤتمر الازمات الجيوسياسية للعالم الاسلامي بطهران في نوفنبر/ تشرين الثاني للعام الحالي اكد فيها على تطویر مبادئ الوحده الجیوسیاسیه بدلا من مبادئ الفصل والتمییز و المقاومة بدلا من الخضوع، والسلام بدلا من العنف والاحترام المتبادل بدلا من خطر التشدد و التطرف.
في الختام يجب القول أن المفتاح الوحيد في الوقت الراهن لحل هذه الازمة هو تركيز دول المنطقة على النقاط و المصالح المشتركة وأن تتعاون وتتعايش جنبا الى جنب بالاستعانة بالمبادئ الحقيقية و البناءة للاسلام ناهيك عن أن بعض الدول في العالم الاسلامى لا تحمل من الاسلام الا الاسم وحسب، وأن العودة الى مبادئ الدين الحنيف واحياءها ستعيد الى المنطقة هيبتها وستتعايش الشعوب الاسلامية في ظلها بامان و رفاهية وستقضي في النهاية على كل انواع الفتن و ستستاصل جذور العنف و التطرف الى الابد.
ترجمة علي حاتمي