شفقنا-خاص- يوم الاحد السادس من شهر تشرين الثاني نوفمبر نشرت صحيفة “الصنداي تايمز″ البريطانية ، مقابلة اجرتها مع الرئيس السوري بشار الاسد ، تحدث فيها عن تطورات الحرب المفروضة على بلاده ، والجهات التي تقف وراءها ، كما تحدث عن بعض القضايا الشخصية.
المقابلة كانت مطولة ، الا اننا اخترنا بعض ما جاء فيها ، لاهميتها في توضيح الاسباب التي ادت الى تصل سوريا الى ما وصلت اليه اليوم ، حيث الحرب المستعرة فيها منذ اكثر من خمسة اعوام ، وتشريد الملايين من اهلها ، ومقتل اكثر من 200 الف سوري ، وتدمير البنى التحتية بالكامل في هذا البلد.
من القضايا الشخصية التي اشار اليها الرئيس بشار الاسد في حديثه مع الصحيفة البريطانية قوله:”لا توجد لدي طائرة شخصية أو يخت، أنا لا أسافر إلى الخارج وأقضي عطلتي على الشاطئ السوري، مثلما أقوم بذلك على مدى حياتي. توجد لدي عائلتي وأصدقائي، وهم الأصدقاء ذاتهم الذين كانوا لدي في المدرسة”.
ظاهر هذا الكلام يبدو انه شخصي للوهلة الاولى ، ولكنه يستبطن رسالة اراد الرئيس السوري ايصالها من خلال ذلك ، وهي انه يرفض صفة الدكتاتورية التي يطلقها عليه خصومه والحلف الذي يقف وراءهم ، فالاستحواذ على مقدرات البلاد الاقتصادية ، وجمع الاموال والعقارات ، والعيش بترف ، وامتلاك حسابات مصرفية في بنوك اوروبا وامريكا ،والفساد المالي ، تعتبر من الصفات الملازمة للدكتاتوريات ، وهذه صفات من الصعب اطلاقها على الرئيس السوري.
من المعروف ان سوريا في عهد الاسد الاب والابن ، كانت دولة غير مدينة للخارج بشيء ، ومكتفية بذاتها في انتاح المحاصيل الزراعية الاستراتيجية ، بل كانت من الدول المصدرة لهذه المحاصيل ، كما كانت الدراسة فيها مجانية في جميع المراحل الدراسية ، وكانت تقيم علاقات تجارية قوية مع جميع دول العالم ، وكانت مدينة حلب قلبها الاقتصادي النابض، حيث تصدر مصانعها مختلف المنتجات الصناعية الى الدول العربية والى اسيا وافريقيا وحتى اوروبا ، وكانت معدلات البطالة في حدودها الدنيا.
وفي جانب اخر من حديثه كشف الاسد عن دور امريكا في الحرب المفروضة على بلاده عبر استخدام عصابات “داعش” وبطريقة مفضوحة ، عندما قال :”تنظيم “داعش” الإرهابي يهرب النفط ويستخدم حقول النفط العراقية، الواقعة تحت بصر الأقمار الصناعية الأمريكية والطائرات الأمريكية بلا طيار، لجمع الأموال ، والغرب لم يقل شيئا في هذا الصدد”.
ترك امريكا “داعش” لتبيع النفط العراقي الى تركيا ، كان بهدف اطالة عمر “داعش” ، حتى تحقيق اهداف امريكا في المنطقة بالكامل ، الا ان المخطط الامريكي ارتطم بالدعم الايراني والروسي لسوريا ، بطلب من الحكومة السورية ، وحينها فقط ، بدأ تنظيم “داعش” ينكمش في سوريا ، رغم ارادة امريكا.
هذه الحقيقة أكد عليها الرئيس السوري بقوله : أن “القوة العسكرية الروسية والدعم الإيراني أديا إلى التوصل إلى توازن الوضع .. وأن 70% من سكان سوريا يخضعون لسيطرة القوات الحكومية، وذلك بعد سنة واحدة من التدخل الروسي”.
ان الهجمة التي تتعرض لها ايران روسيا ، سببها هو افشالهما المخطط الامريكي لتجزئة سوريا ، عبر مئات الالاف من الارهابيين التكفيريين التي استقدموا من مختلف دول العالم عبر تركيا الى سوريا ، وهي جماعات تقتل وبشكل بشع كل من يخالفها العقيدة من المسلمين والمسيحيين وباقي الاقليات الدينية والمذهبية في سوريا ، بعد تكفيرهم ، بينما مسلحي التكفيريين يتلقون العلاج في مستشفيات “اسرائيل”.
لم يعد سرا ان خطيئة سوريا التي استحقت بسببها كل هذا الدمار الذي تتعرض له ، هو رفضها السير علی درب الخانعين لامريكا والمطبعين مع “اسرائيل”.
خطيئة سوريا انها رفضت التنازل عن شبر واحد من ارضها او قطرة ماء من مياهها ل”اسرائيل”.
خطيئة سوريا انها حمت ودافعت ومدت المقاومة في غزة و جنوب لبنان، بكل اسباب الصمود.
خطيئة سوريا انها كانت من الحلقات المهمة في محور المقاومة الذي افشل المخططات الامريكية الصهيونية الرجعية ضد منطقة الشرق الاوسط.
هذه الخطايا هي التي دفعت امريكا ، الى تجنيد كل تكفيريي العالم ، واشعال حرب طائفية في سوريا ، بمساعدة الرجعية العربية ، بهدف ضرب جيشها واقتصادها وارادة شعبها ، لدفعها للدخول الى بيت الطاعة الامريكي ، وفي حال امتنعت ، تُستنزف حتى تتفكك.
ولما كانت سوريا جزء من محور المقاومة ، فمن الطبيعي الا يترك هذا المحور حلقة من حلقاته المهمة يستفرد بها محور الانبطاح والتطبيع والتبعية ، فتدخل بالوقت المناسب وافشل المخطط الامريكي ، فبعد ان كانت العصابات التكفيرية تهدد بدخول دمشق قبل اعوام ، نراها اليوم محاصرة في مناطق محددة من سوريا ، تضيق عليها يوما بعد يوم.
النهاية