شفقنا-خاص-قبل ان تنطلق عمليات تحرير الموصل في 17 تشرين الاول/ اكتوبر الجاري، بتقدم عشرات الاف من المقاتلين العراقيين نحو الموصل من الجنوب والشرق والشمال، كنا قد توقعنا في مقال نشرناه على موقع “شفقنا”، ان يحلق مسلحو “داعش” لحاهم الضخمة، حتى قبل ان يواجهوا ابطال القوات المسلحة العراقية من الجيش والحشد الشعبي والقوات الامنية والبيشمركه.
توقعنا هذا حصل بالفعل عندما وصلت القوات العراقية من الاحياء الشرقية لمدينة الموصل، فقد تناقلت وكلات الانباء العالمية اخبارا من داخل الموصل، تؤكد ان عناصر “داعش” بدأوا بحلق لحاهم وتغيير مظهرهم وسكنهم، قبل ان يواجهوا القوات العراقية المتقدمة نحو المدينة وجها لوجه.
وكالات الانباء هذه، ومنها وكالة الانباء الفرنسية، نقلت يوم الاربعاء 26 تشرين الاول/اكتوبر، عن مواطنين من داخل مدينة الموصل، فضلوا عدم ذكر اسماءهم لاسباب امنية، قولهم، ان عناصر “داعش” بداوا بحلق لحاهم ووقاموا بتغيير مظهرهم، يبدو انهم خائفون، بعد ان باتت القوات العراقية على مسافة 5 كيلومترات من آخر معاقل لهم في العراق.
وافاد مسؤولون عسكريون وشهود عيان ان عناصر ” داعش” بدأوا ايضا بتغيير امكنة سكنهم منتقلين من الجانب الشرقي في الموصل الى الجانب الغربي، وهو المعقل التقليدي السابق لهم على الضفة الغربية للفرات، لجهة الحدود مع سوريا.
في مقالنا السابق توقعنا ايضا، ان يختفي “الدواعش” الملتحون من شوارع وازقة الموصل، الا انهم سيظهرون بمظهر اخر قريب من مظهر “الرفاق البعثيين المناضلين”، ويروجون لـ”بطولاتهم” في دحر “داعش” عن مدينة الموصل، كما سيبدأون بتشكيل خلايا نائمة ، يمكن ان تنشط في اي لحظة.
هذا الاحتمال الذي اشرنا اليه سابقا، اكد عليه رئيس التحالف الوطني السيد عمار الحكيم، يوم الأربعاء 26 تشرين الاول/اكتوبر، خلال كلمته التي القاها امام ملتقى الشرق الأوسط الذي عقد في أربيل، حيث حذر من ان يتحول تنظيم داعش الإرهابي الى خلايا نائمة في العراق بعد طرده من مدينة الموصل.
وقال السيد الحكيم ان “الالاف من مسلحي داعش سيحلقون لحاهم وسيتحولون الى خلايا نائمة …ان ظهور داعش في الموصل لم يكن لاسباب أمنية بحتة والمعالجة لا تتم من خلال سبل أمنية فقط .. لقد تعرضنا الى أبشع هجمة بربرية إرهابية تكفيرية في تاريخ العراق، وارتسمت من جديد صورة هجوم المغول على بغداد وإحراقها، لكن وقف الشعب العراقي بكل طوائفه وقومياته ومكوناته بقوة بالرغم من الجراح التي يعاني منها واثبت انه شعب لا يخضع ولا يركع الا لله”.
من الواضح ان تحول “الدواعش” الى خلايا نائمة في الموصل وفي مناطق اخرى، بعد طردهم منها، امر مفروغ منه، لذا تقع على عاتق القوات الامنية والقوات المسلحة والقوات الامنية وقوات الحشد الشعبي والبيشمركه، مسؤولية في غاية الخطورة، وهي مسؤولية الحفاظ على ارواح المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والقومية والمذهبية، فجميع العراقيين دفعوا اثمانا باهظة من حياتهم وامنهم وكرامتهم، بسبب التقاعس عن متابعة “الدواعش” واذيالهم في المحافظات العراقية ، الى ان تمكنوا من الحاق كل هذا الاذى بالعراقيين.
من الخطأ الاعتقاد ان “داعش” تستهدف الشيعة والمسيحيين والاكراد والايزديين، وتناصر بالمقابل السنة، فهذا الامر تروجه جهات لا تريد الخير للعراق والعراقيين، لا سيما لو عرفنا ان اكثر المتضررين من ظهور “داعش” في المناطق الغربية من العراق وفي الموصل، هم سنة هذه المناطق، فقد قتل وعذب “الدواعش” الالاف من ابناء هذه المحافظات بذرائع مختلفة، كما حرم “الدواعش” هذه المحافظات وعلى مدى سنوات، من اي فرصة للتطور والاعمار والتنمية، وعاثوا فيها فسادا.
من الخطأ ان تتغاضى الحكومة العراقية عن نشاط “الدواعش” والتكفيريين في المناطق الغربية من العراق وفي محافظة الموصل وتدعهم يفلتوا ويتحولوا الى خلايا نائمة، خوفا من اتهامها باستهداف سنة العراق، وخوفا من الحرب الطائفية التي يشنها الاعلام الخليجي عليها في حال طاردت “داعش”، فهذا الخوف هو الذي ساهم في انتشار “داعش” في تلك المناطق، التي تحول اهاليها الى رهائن بيد “الدواعش”، وذاقوا الامرين بسبب ذلك ، لذا على الحكومة العراقية وبالتعاون مع اهل السنة الكرام في العراق وخاصة ابناء المحافظات الغربية والموصل، لن تضرب بيد من حديد على فلول “داعش” في الموصل، والا تسمح ل”الدواعش” ومن يقفون وراءهم، بتشكيل خلايا نائمة في تلك المناطق ، لتنقض وقت تشاء على اهلها، وتعيد مرة مأساة ما جرى في العراق في حزيران عام 2014، عندما انقض “الدواعش” على الموصل وصلاح الدين والانبار وديالى، وارتكبوا فيها جرائم بحق العراقيين، شيعة وسنة واكرادا وتركمانا وايزديين ومسيحيين، بيضت وجوه المغول والتتار.
النهاية