خاص شفقنا العربي- وصلت المواقف والتصريحات الغربية الخارجة عن مألوف الدبلوماسية ضد روسيا ، حدا اثار العديد من علامات الاسئلة حول الاسباب والاهداف الحقيقية التي جعلت قادة الغرب ، لا يتورعون عن استخدام لغة فجة وسوقية ، مع شركائهم الروس ، على خلفية الحرب المفروضة على سوريا.
العالم كله شهد وقائع جلسة مجلس الامن الاخيرة عند طرح مشروعي القرارين الفرنسي والروسي ، حيث لم يتورع مندوبو الدول الغربية دائمة العضوية في مجلس الامن عن استخدام كلمات مثل “وحشية وهمجية وجرائم حرب وابادة و..” لوصف العمليات العسكرية بها روسيا ضد مسلحي القاعدة وباقي الجماعات التكفيرية الاخرى في حلب.
يبدو ان التهجم على روسيا وشخص الرئيس فلاديمير بوتين ، اصبح القاسم المشترك في خطابات زعماء وقادة الغرب ، فبعد اتهام وزير الخارجية الامريكي جون كري روسيا بارتكاب “جرائم حرب” في حلب ، اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند انه لا يزال “يتساءل” ما اذا كان سيستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارة الاخير المقررة الى باريس في 19 تشرين الاول/ اكتوبر الحالي، بسبب “جرائم الحرب” التي ترتكب في حلب ،
وحول محاصرة الجيش السوري وحلفائه بمساعدة روسيا مسلحي القاعدة في شرق حلب ، قال هولاند ان المحاصرين “هم ضحايا جرائم حرب وان من يرتكبون هذه الاعمال سيتحملون مسؤوليتها وحتى امام المحكمة الجنائية الدولية”.
الهجمة على روسيا لم تنحصر بزعماء وقادة الغرب ، بل امتدت الى مراكز الابحاث والمؤسسات البحثية الغربية ، التي تم تفعيلها هذه الايام ، من اجل تقديم دراسات وتحاليل حول ما يجري في حلب وسوريا ، بالشكل الذي تستهدف هذه التحاليل والدراسات تحديدا الدور الروسي في سوريا ، واظهاره على انه يصب في صالح “داعش” ويستهدف المعارضة “المعتدلة” في سوريا ، في محالة لاثارة الراي العام العالمي ضد روسيا ، والضغط عليها ودفعها للتراجع في سوريا.
على سبيل المثال اعلن مكتب تحليل النزاع في العراق وسوريا “آي اتش اس” يوم الاحد 9 تشرين الاول / اكتوبر: “عن تراجع عدد الغارات الروسية التي تستهدف “داعش” في سوريا ، ما يوحي بان اولوية موسكو هي مساعدة النظام السوري بدلا من مكافحة الارهاب”.
وقال اليكس كوكشاروف المحلل في “آي اتش اس″ “ان الاولوية بالنسبة لروسيا هي تقديم الدعم العسكري لحكومة الاسد وتحويل الحرب الاهلية السورية من نزاع متعدد الاطراف الى نزاع ثنائي بين الحكومة السورية والمجموعات الجهادية مثل تنظيم الدولة الاسلامية .. عندها ستتراجع امكانيات تقديم دعم دولي للمعارضة” للنظام السوري”.
بين كل هذه المواقف والتصريحات الغربية ، زعماء و مراكز ابحاث ومؤسسات ، لا نرى اي اشارة الى اخطر اكثر الجماعات ارهابية وتطرفا ، والتي لا تقل اجراما عن “داعش” ، وهي جماعة “فتح الشام” (الفرع الرسمي للقاعدة في سوريا) والتي تسيطر على شرق حلب ، بينما هناك تاكيد غربي واضح على “داعش” فقط بوصفها جماعة ارهابية ، في محاولة فاضحة لتبرئة “جبهة النصرة” سابقا ، فتح الشام” لاحقا ، من “قاعديتها” ، وتقديمها كمعارضة “معتدلة” ، وبالتالي لا يحق لروسيا قصفها اسوة بباقي الجماعات “المعتدلة”.
الغرب كان في السابق يصنف القاعدة في خانة الارهابيين ، الا انه وبعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في العديد من الجبهات وخاصة في حلب ، انقلب الغرب على تصنيفه السابق ، ورفض كل المحاولات الروسية لدفع الغرب لفرز الجماعات “المعتدلة” عن الجماعات المتطرفة ، وهذا الامر بالذات هو الذي دفع امريكا للانقلاب على الاتفاق الذي توصلت اليه مع روسيا في هذا الشان.
روسيا وصلت الى يقين ان الغرب هو الذي يقف وراء “داعش” و القاعدة والجماعات التكفيرية الاخرى ، وهو بالتالي وراء كل هذا الدمار الذي حل بسوريا منذ نحو 6 سنوات ، بهدف ضرب سوريا وتحويلها الى دولة فاشلة كليبيا ، ليعشعش فيها الارهاب ، ولتكون بعد ذلك نقطة انطلاق لهذه الجماعات الارهابية صوب الجمهوريات المسلمة في الاتحاد الروسي ، عبر تركيا ، لذلك اتخذت روسيا قرارا لا رجعة فيه ، يقضي بوقف استنزافها في سوريا ، من خلال الحاق الهزيمة بالجماعات الارهابية وعلى راسها “داعش” و القاعدة ، بالتعاون مع محور المقاومة ، الذي يعتبر المُستهدف الاول قبل روسيا من هذه الفوضى التي تضرب منطقة الشرق الاوسط.
هذا القرار الروسي في منازلة الجماعات الارهابية حتى النهاية ، هو الذي اثار حفيظة الغرب ، وجعلها يتخذ تلك المواقف ويدلي بتلك التصريحات التي لا يمكن وصفها الا بالهستيرية ، بعد ان ايقن الغرب و”اسرائيل” والرجعية العربية ، ان حُلم تمزيق سوريا ومن ثم المنطقة لم ولن يتحقق بعد ان انكشف التواطؤ المخزي للغرب مع الجماعات الارهابية ، التي كان يدعي نفاقا انه يحاربها على مدى اكثر من خمس سنوات.
النهاية