خاص شفقنا العراق-يرى ممثل المرجعية العليا في أوروبا، إن الخطباء والمحاضرين في المجالس الحسينية يضطلعون بدور كبير يماثل دور الأطباء؛ فكما إن الطبيب بحاجة إلى تشخيص المرض والداء لعلاج المريض، فالخطيب والمحاضر بحاجة أيضا إلى أن يكون على معرفة وافية باحتياجات المتلقي الروحية، والاجتماعية، والأخلاقية، والدينية وفقا للمجتمع الذي يعيش فيه، ومن ثم اختيار وانتقاء مواضيع المحاضرة والخطابة بناء على احتياجات المتلقي. وهكذا فإن الظروف الزمكانية تلعب دورا مهما في تحديد مواضيع وقضايا المجالس الحسينية.
وفي حوار له مع مراسل “شفقنا” في لندن، تحدث أمين عام مؤسسة الإمام علي عليه السلام في لندن، السيد مرتضى الكشميري، حول الأهمية التي تحتلها مجالس العزاء الحسيني في دول المهجر، قائلا إن إقامة المجالس الحسينية وغيرها من الشعائر الدينية في هذه المجتمعات ذات أهمية مضاعفة نظرا لبعدها عن المراكز الدينية مثل النجف الأشرف، وكربلاء، وقم، ومشهد، فهي توفر فرصة سانحة للشيعة هناك أن يتعرفوا على تعاليم أهل البيت وثقافتهم ويكونوا على علم بواجباتهم الدينية.
المجالس الحسينية وسيلة لتوجية وتربية الشباب الشيعة في المهجر
ويضيف السيد الكشميري إن ظروف الشيعة في البلدان الغربية ليست كما هي في البلدان الإسلامية، لتلقي وأخذ المفاهيم والأفكار الدينية، مما يجعل هذه المجالس، ذات فائدة كبيرة سيما للنشء والشباب الشيعة الذين ترعرعوا ونشأوا فيها، وهي تكاد تكون وسيلة لتوجيه وتربية الجيل الشيعي الشاب في أوروبا.
وأشار ممثل المرجعية العليا في أوروبا إلى إن السنوات الأخيرة شهدت تدفق عشرات الآلاف من المسلمين الشيعة من مختلف البلدان الإسلامية مثل العراق، وإيران، وأفغانستان إلى بريطانيا، والسويد، وهولندا، وبلجيكا، والنرويج، وفرنسا، مما يجعل المراكز الإسلامية في هذه البلدان تكتسب أهمية مضاعفة، كما إقامة الشعائر الدينية، مبينا إن وجود هذا الكم الهائل من المسلمين يفرض علينا أن نوفر لهم ظروف إسلامية ودينية مثل تأسيس المدارس الإسلامية، والدورات القرآنية والدينية باللغات العربية والفارسية والإنجليزية وغيرها من اللغات من أجل ترسيخ الثقافة الإسلامية وعلوم أهل البيت بين الجيل الشيعي القادم وإبقاء هذه الثقافة حية فاعلة.
مشددا على ضرورة تعريف فلسفة عزاء الإمام الحسين عليه السلام وشخصيته المباركة للجيل الشاب والنشء الذي كبر وترعرع في الدول الغربية.
يجب على خطباء المنبر الحسيني أن يتعرفوا على احتياجات ومشاكل المجتمع المسلم
وحول الفوارق بين المجالس الحسينية في الدول الغربية وبين مجالس العزاء في البلدان الإسلامية، يبين ممثل المرجع الشيعة الأعلى إن الخطباء والمبلغين الذين يشرفون على مجالس المحرم، منهم من يعيش هنا ومنهم عدد آخر يتم دعوته من البلدان الإسلامية، مؤكدا على إن ما يحتاجه المجتمع المسلم هنا يختلف مع ما يحتاجه في البلدان الإسلامية.
وتابع السيد الكشميري قائلا إن عمل الخطيب لا يختلف كثيرا عن عمل الطبيب، فكما يشخص الطبيب ما يعانيه المريض أولا من داء ثم یکتب له وصفة العلاج، يجب على الخطيب أيضا أن يتعرف على احتياجات ومشاكل المجتمع المسلم في الغرب والمسائل المبتلى بها هناك أولا، ثم يوجه خطابه في المجالس الحسينية وفقا لتلك الاحتياجات، معتبرا إن القضايا الثقافية، والأخلاقية، والأسرية ذات أولوية كبرى للجاليات المسلمة في المهجر.
وطالب ممثل السيد السيستاني في أوروبا، الوعاظ والخطباء إلى تعريف سيرة الإمام الحسين عليه السلام للمشاركين في مجالس العزاء وأن يرشدوا المسلمين بالاعتماد على القضايا الكربلائية، ففي الليلة المخصصة للقاسم بن الحسن عليهما السلام مثلا، يوجهوا الشباب بالاعتماد على سيرته وشخصيته عليه السلام، أو أن يخاطبوا الشريحة النسائية في المجالس الحسينية استنادا إلى دور السيدة زينب عليها السلام وما جرى عليها من مصائب في واقعة الطف.
وحول طريقة مراسم العزاء ومستوى أهمية شكل المجالس الحسينية ومضمونها، بين ممثل السيد السيستاني، إن ما يهمنا أولا هي العملية الإرشادية وغناء المضمون ونقل روح رسالة الإمام الحسين الحقيقية للمشاركين، ثم العزاء والتعبير عن الحزن، مشددا على ضرورة إقامة مجالس العزاء الحسيني بطريقة تغني المشارك فيها معرفيا عن حياة الإمام الحسين وسيرته عليه السلام، لا أن يكتفي بذرف بعض الدموع ثم يتركها خاوي الوفاض، فالشيعي الحسيني لابد أن يعلم بأن فلسفة عاشوراء هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوحيد الله وإحياء دينه.
مكتب السيد السيستاني يشرف على 12 مركزا إسلاميا في أوروبا
وحول اختيار وتوجيه خطباء المجالس الحسينية في شهر المحرم وعدد المراكز الإسلامية التي تنشط في أوروبا تحت إشراف مكتب سماحة السيد السيستاني، صرح أمين عام مؤسسة الإمام علي في لندن، إن هناك نحو 12 مؤسسة في جميع أنحاء أوروبا تعمل تحت إشراف مكتب المرجعية العليا، بعضها في بريطانيا، وأخرى في السويد، وبلجيكا، وهولندا وغيرها من البلدان الأوروبية، مشيرا إلى إن هذه المراكز تنشط على مدار السنة وسيما في شهر المحرم وشهر رمضان وفي المناسبات الإسلامية الأخرى، لتوجيه وإرشاد الجالية الشيعية.
وأضاف السيد مرتضى الكشميري إن عددا من المبلغين الذين يعملون في هذه المراكز هم من الجالية الشيعية في أوروبا، وعلى علم تام بالبيئة، والظروف، واحتياجات المتلقي الشيعي، مبينا إن المؤسسة تقيم بعض الدورات الترشيدية للمبلغين والخطباء الذين يتم دعوتهم من خارج أوروبا من أجل اطلاعهم على الظروف الاجتماعية والثقافية التي سيعملون فيها طيلة أيام شهر المحرم، فالمنبر الذي كان يلقى قبل خمسين سنة في بلد إسلامي ما، لم يعد يعطي مردودا اليوم لجمع يحمل آراء مختلفة كليا في بلد أوروبي.
النهاية