خاص شفقنا-في الوقت الذي تئن فيه القارة الافريقية من وطأة الجماعات التكفيرية الوهابية السلفية، من القاعدة و”داعش” وبوكو حرام و حركة الشباب وانصار بيت المقدس، بسبب الفظاعات التي يرتكبونها بحق الابرياء، والتي وصلت الى درجة تقشعر لها الابدان مثل سبي الفتيات واتخاذهن جواري وذبح الشباب والشيوخ واستعباد الاطفال وحرق القرى على من فيها، يطل علينا مفتي موريتانيا الوهابي السلفي أحمدو ولد حبيب الرحمن محذرا من خطر “ظاهرة التشيع” في موريتانيا!
صحيفة “زهرة شنقيط” الموريتانية نقلت على موقعها في شبكة الإنترنت يوم الثلاثاء 13 ايلول/سبتمبر أن المفتي طالب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الى اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة “التغلغل الشيعي” و“التدخل الايراني ” داخل المجتمع الموريتاني، محذرا “من المساس بالمقدسات الإسلامية” من قبل “الموالين لايران”.
لا ننوي التطرق الى خلفية ولد حبيب الرحمن وعقيدته الوهابية ، وقربه من امراء ال سعود وشخص الملك سلمان ، وخلافاته مع السلفيين الاخرين بشأن الاموال التي تاتيه من الخارج ، واتهامه بالسرقة ، كما حدث عندما هاجمه أحد المصلين يوم جمعة 26 شباط 2016 وهو يأم المصلين في المسجد السعودي ، متهما إياه بالتحايل على المال واتهامات اخرى ، وكان السفير السعودي بنواكشوط يصلي في المسجد ، فهذه قضايا باتت معروفة ويشترك فيها جميع دعاة الوهابية في افريقيا ، فهم يؤيدون بالمطلق كل افاعيل “داعش” و بوكوحرام والقاعدة ويعتبرونها من الاسلام ، فيما يصرخون ليل نهار لتخويف الناس من شيء لا وجود له الا في عقولهم وهو “خطر التشيع”.
لايحتاج المواطن الموريتاني لامثال هذا المفتي ليعرف الاخطار الحقيقية التي تتهدده وتهدد دينه وحاضره ومستقبله ، فلا خطر يعلو على خطر الوهابية التي تكفر عباد الله دون استثناء ، وتستحل دماء المسلمين ، وان ما يجري الان في ليبيا والصومال ونيجيريا ومالي ومصر ، الا جانبا من “انجازات” العقيدة السلفية التي يدعو اليها هذا المفتي لتنفيذها في موريتانيا.
يبدو ان هذا المفتي ، شانه شأن جميع دعاة الوهابية في العالم ، يعتبر كل انسان لا يناصب شيعة اهل البيت (ع) العداء ، ويعلن جهارا نهارا العداء لهم ، فعلا وقولا ، اما شيعي واما مشرك واما مرتد ، بينما المعروف ان الاسلام في افريقيا هو اسلام له طبيعة صوفية ، والصوفيون لا يعادون الشيعة ، لذلك يرى هذا المفتي ضرورة ان يزرع الاحقاد في قلوب الناس ضد شيعة اهل البيت (ع) ، ليتأكد له “اسلامهم”!!.
فات هذا المفتي ان ايران ، ليست لها اموالا فائضة عن حاجتها لغدقها على دعاة شيعة في افريقيا ، كما تفعل السعودية التي انفقت وفقا لاحصاءات معتبرة اكثير من 80 مليار دولار خلال العقود الاخيرة لنشر الوهابية والسلفية في العالم وخاصة في افريقيا ، ويمكن تلمس هذه الحقيقة من خلال انتشار الوهابية السلفية في العالم اجمع ، اما التشيع فاذا لو افترضنا وصل الى افريقيا فذلك عبر الفضاء المجازي والفضائيات ، التي كشفت عن حقيقة التشيع وهي حقيقة بدت للقارىء والمشاهد ، انها تختلف كثيرا عن الصورة المشوهة التي رسمتها الوهابية للشيعة ، لذلك تقبلتها العقول والقلوب بشكل سلس.
فات هذا المفتي ايضا ان الوهابية والسلفية هي المسؤولة الاولى عن الاساءة التي يتعرض لها الاسلام بشكل عام ، وعليه ان يحمل هذه العقيدة مسؤولية انتشار الالحاد في اوساط الشباب المسلم ، بعد نفر البسطاء منهم من هذا “الاسلام” الذي تقدمه الوهابية للعالم ، والذي يجسده اليوم “داعش” وباكو حرام و غيرهما.
نقول لهذا المفتي ، لماذا كل هذا التحامل على الشيعة ، ولماذا كل هذا الخوف من الشيعة؟، هل لان الشيعة تمتلك اجوبة للانسان المسلم المعاصر؟، هل لان الشيعة تجعل الانسان المسلم يتمسك بدينه ، ولا يسلك طريق الالحاد والانحراف ؟، اليس التشيع هو مذهب من مذاهب الاسلام ؟، لماذا يتحدث هذا المفتي وغيره ، بهذه الطريقة عن الشيعة ، وكأنه يتحدث عن مذهب لم يكن معروفا ؟، لماذا لا يخاف المفتي هذا الخوف من الصهيونية والافكار الوضعية الاخرى ؟، الا يعكس هذا الامر ضعف عقيدته وضعف حجته القائمة على التكفير والرفض والاقصاء ؟.
بات واضحا ان التشيع هو من اكثر المذاهب الاسلامية عقلانية وانسانية ، لذلك نرى كل هذا التحذير من دعاة الوهابية للشباب من التعرف على التشيع ، بل انهم يستنجدون بالحكومات لقمع اي صوت يمكن ان يتحدث عن الفكر الشيعي في المجتمعات العربية والاسلامية ، لانهم يعرفون ان “رئيس ومؤسس” هذا المذهب هو الامام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام ، ورجل هذا نسبه وحسبه ، لا يمكن الا يؤثر كلامه في عقول وقلوب مخاطبيه ، فهو كلام يدعو الى الله بالتي هي احسن دون عدوان ولاتطرف ولا عنف .
اخيرا اذا كانت السلفية عاجزة على انتاج فكر مستنير ، واعطاء صورة صحيحة عن الاسلام ، فالسبب لا يعود الى “ايران” او “التشيع” ، بل يعود الى الفهم الخاطىء لدى السلفية عن الاسلام ، وهو فهم جاء لنا بكل هذا المسخ المعروف ب”داعش” و بوكوحرام وبكل هؤلاء الدعاة الذين يحاولون مصادرة حق الانسان في اختيار ما يقرا ويسمع ويشاهد ، بهدف الابقاء على تشوهات فكرهم تحت غطاء سميك من الخوف والتهديد والوعيد ، وهي سياسة لم تعد ذات جدوى اليوم ، بعد ان اصبحت المعلومة في متناول الجميع ، حتى اولئك الذين يعيشون في ادغال افريقيا.
النهایة