شفقنا العراق-صرحت المرجعية الدينية العليا في خطبتها ٧ ذي الحجة ١٤٣٧ الموافق ٩/٩/٢٠١٦، والتي كانت بامامة العلامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، إنّنا “كمسلمين بحاجةٍ اليوم الى الرجوع والإنابة الحقيقيّة والصادقة الى الله تعالى وشرعه القويم ومنهجه المحمديّ الأصيل، وذلك باتّباع شرعته في الرّحمة والأخوّة واحترام الآخر ونبذ التعصّب وتجنّب الصراعات غير المبرّرة لا شرعاً ولا عقلاً ولا أخلاقاً، وقبول كلٍّ منّا بالآخر والعمل معه سويّةً في الخيرات، حيث المشتركات كثيرة”.
كما بينا إن “ما يجمعنا أكثر ممّا يفرّقنا، لولا أنّ الهوى والتعصّب صار هو الغالب والسائد حتّى بات العالم الإسلاميّ موطن الصراعات الدمويّة والاحتراب المقيت”.
نعتقد انها تلمح بشكل ذكي الى الامور التالية:
ا. على المتصدين للفتيا في ارض نجد والحجاز ان يراعوا الحُرمات، ويتجنبوا الصراعات التي ستراق فيها الدماء، لا لشيء إلا انهم لا يتقبلون الآخر، ولا ينظرون الى ما يجمعهم معه من مشتركات في العقيدة والفقه، فيسيرون خلف الهوى والتعصب، الذي قد يُشعل حرباً غير حروب عصابات داعش ضد العراق وسوريا.
ب. الدعوة الى التفكر وفهم الآخر بالنسبة للتيارات الدينية المتشددة من خلال الحوار العقلائي، وتقبل الآخر من خلال المشتركات الفكرية معه، وتقبله كما هو دون تكفيره وقتله.
وفي كلا الامرين اعلاه، نرى المرجعية الدينية العليا تقرأ ما يجري في الساحة الاقليمية من مناوشات بين ايران ومملكة آل سعود.
مرة اخرى تؤكد المرجعية الدينية العليا على ان لطف الله وفتوى المرجعية الدينية العليا ودماء شهدائنا، هم من حقق النصر، وحفظ البلاد والعباد، وحمى المقدسات، وذلك قولها: “ما حُفِظ هذا البلد وما صينت المقدّسات وما صينت الأعراض وعدم تعرّضها للهتك والسبي إلّا بلطف الله تعالى وفتوى المرجعية الدينيّة العُليا ودماء هؤلاء الشهداء، لولا هذه الأمور -ربّما إخواني- لكانت نساؤنا سبايا عند داعش ولَهُتِكت مقدّساتنا “.
تطرق المرجعية الى دعوة الناس لاصلاح فساد الساسة من خلال الدعاء يوم عرفة، يكشف بوضوح يأسها منهم في ظل نصحها المتكرر وخططها لاصلاحهم والتي رفضوا اغلبها، وذلك قولها: “وبالهداية للحكّام والمسؤولين ممّن كان قابلاً للهداية، وبالخلاص ممّن لم يكن قابلاً لها”.
وفي تلك الاشارات تعزيز لما قلناه في اشهر سابقة حول يأس المرجعية من اولئك الساسة، وربما اقتراب زمن التغيير.
جسام محمد السعيدي