خاص شفقنا-لم يبق لداعش مكان في العراق، فبعد أن سيطرت منتصف عام ٢٠١٤ على ثلث مساحة العراق، لم يبقى لها سوى ١٠٪ من تلك المساحة، وما تبقى فقد تحرر كلياً بسواعد الغيارى من المتطوعين والحشد الشعبي وقوات الجيش والإتحادية.
إذاً، داعش انتهت وما يفصلنا عن نهايتها الواقعية هي معركة الموصل المنتظرة، وكما تشير الحسابات الأولية إلى أن داعش لا تقوى على الصمود، أمام ضربات القوات العراقية المُشتركة، والحديث عن المعركة معَ داعش يرتبط بالتأريخ القريب، حيث خسرت داعش مناطق أكثر أهمية بأيام قلائل؛ كالفلوجة وجزيرة الخالدية والطريق الرابط في قاعدة القيارة المهمة استراتيجياً.
ما يهم في الأمر، هو ما بعد داعش، والحديث هنا عن جعلها معركة للوحدة الوطنية، لا للإنقسامات والفرقة، فهناكَ اليوم لغو سياسي يتحدث بأبعاد طائفية وقومية، يحاول أن يؤسس لجعل معركة الموصل خاسرة وإن انتصرنا عسكرياً بها، فالكرد يريدون البقاء في المناطق التي فرضوا سيطرتهم عليها بعد تحريرها، والسنة يتحدثون عن عدم القبول بدخول الحشد الشعبي، وهكذا يبقى الحديث منحسراً في زوايا التفرقة غير المبررة والمرفوضة شعبياً.
إن الإنتصار السياسي الذي يؤسس لوحدة أبناء الشعب الواحد، أهم بكثير من الإنتصار العسكري، فالفرقة والخلافات وعدم إطاعة توجيهات المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، هي من تسببت أصلاً بدخول داعش وتمكينها في احتلال مناطق واسعة من أرض الوطن، ما أسهم في تغذية الخطة الصهيونية التي أسست للخراب في العراق.
ولولا تلك الخلافات، ولولا وجود هذه الثغرات في بنية الدولة العراقية، لكان الجيش العراقي وتسليحه المقبول في ذلك الوقت، كافياً لصد هذه العصابات الهمجية التي دخلت توزع بربريتها باسم الإسلام، ضاربة بذلك أروع الخدمات التي ممكن أن تتلاقها الدول المعادية للإسلام، فهي حاولت جاهدة أن تنشر الخوف والترهيب باسم الدين الحق!
ولأجل تفويت الفرصة، لكي لا نلدغ من ذات الجحرِ مرتين، علينا التفكير بمرحلة ما بعد معركة الموصل، كيفَ نستثمر ذاك الإنتصار العظيم لنتوحد، وننبذ الكراهية والفتن، ونؤسس لموصل وعراق قوي، تتساوى فيه الحقوق وينعم بفرص العيش، بعيداً عن التخندقات الحزبية والقومية والمذهبية الضيقة، التي أفقدتنا خيرة شباب الوطن، وهم يسطرون أروع صور البطولة والشجاعة، أفلا يستحقون منا أن نوفيهم حقهم بوحدتنا؟!
مسيح حسن