خاص شفقنا- قال آية الله نوري الهمداني إن رسالة حقوق الإمام سجاد (عليه السلام) نموذج بارزة لإحياء قيم الإسلام وتجسيد العدالة والحرص على المساواة وعدم التعدي على حقوق الآخرين.
جاء ذلك في رسالة لسماحته إلى في المؤتمر الدولي للإمام السجاد عليه السلام.
وفيما يلي ترجمة شفقنا لنص رسالة آية الله نوري الهمداني.
إن مرحلة حياة الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) السجاد إحدى المراحل التاريخية المهمة، مع أنّ بعض المحبين الجهلة وبعض الأعداء الواعيين، قد شوهوا شخصيته (عليه السلام) اللامعة والبارزة، وقدموه شخصًا دائم المرض وبعيدًا عن الشؤون السياسية، لكن التاريخ يشهد بأن موقفه الثابت اللامساوم في مواجهة الحكام الظالمين يمثل أحد ألمع مراحل حياته، وتدل عليه خطبه في الكوفة والشام.
لقد كان الكشف عن ظلم وجرائم الحكومة الأموية، والأهم من ذلك، التعريف بآل بيت النبي (عليهم السلام) كمرشدين صادقين، السبب في صحوة أهل الكوفة والشام. وعلى الرغم من أنه عليه السلام عاش في أسوأ ظروف زمنية وتحت أقسى الضغوط من الحكام الظالمين، فإنه كان فريدًا في نشر الإيمان وإحياء الإسلام المحمدي الأصيل وسيرة جده، مع أن الحكام كانوا يتابعون تحركاته باستبداد وتدقيق ولم يسمحوا بأي إصلاح.
الدعاء سبيل لمواجهة انحرافات وبدع السلطة الأموية
إن عصر إمامة الإمام سجاد (عليه السلام) من أحلك العصور سياسيًا وثقافيًا، وفق الكثير من العلماء والباحثين المسلمين، وقد أطلقوا على هذه المرحلة، عصر سقوط الثقافة الإسلامية. ففي تلك الحقبة، بلغت القيم الإسلامية أدنى مستوياتها، ولم يبقَ من الإسلام سوى اسم كان يذكر من أجل كسب السلطة وتحصيل الرزق فقط، ولم يكن أحد يرغب في معرفة تعاليم الإسلام الحقة.
فقد ورد إن المناهل بن عمرو، سأل الإمام السجاد عليه السلام، فقال له: كيف أصبحت يا ابن رسول اللّه؟ فقال: ويحك، أما آن لك أن تعلم كيف أصبحت؟ أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل، في آل فرعون، يذبحون أبناءنا.. ويستحيون نساءنا.. وأصبح خير البرية بعد محمد.. يلعن على المنابر، وأصبح عدونا، يعطى المال والشرف.. وأصبح من يحبنا محقورًا منقوصًا حقه.. وكذلك لم يزل المؤمنون. وأصبحت العجم تعرف للعرب حقها، بأن محمداً كان منها، وأصبحت العرب تعرف لقريش حقها بأن محمدًا كان منها، وأصبحت قريش تفتخر على العرب بأن محمداً كان منها وأصبحت العرب تفتخر على العجم بان محمدًا كان منها وأصبحنا أهل بيت محمد لا يعرف لنا حق.. فهكذا أصبحنا. (البحار ج٤٥ص ٨٤)
لقد حاول الإمام سجاد (عليه السلام) أن يفصل الإسلام عن الانحراف، فاستخدم الدعاء —الذي كان حتى ذلك الحين طريقة للتواصل مع الله تعالى فقط— كأفضل سبيل لمواجهة انحرافات وبدع السلطة الأموية. فاستطاع بذلك تعليم المجتمع الإسلامي والباحثين عن الحق، الكثير من المعارف النبيلة، حتى باتت الصحيفة السجادية إرثًا خالدًا من تلك الحقبة.
أهمية رسالة حقوق الإمام سجاد
وعلى الرغم من أن العدالة والمساواة هما من الركائز الأساسية في الإسلام، لكن مرحلة إمامته عليه السلام تميزت بشدة التمييز والظلم الذي فرضه الحكام الأمويون على المجتمع الإسلامي. فرسالة حقوق الإمام سجاد (عليه السلام) هي نموذج مهم لإحياء قيم الإسلام، وتجسيد العدالة والحرص على المساواة، وتذكير الناس بتجنب التعدي على حقوق الآخرين.
وفي هذه الرسالة، یعدّ الإمام السجاد أن النظام الحاكم ملزَم بأن يكون عادلًا، کأب رحيم ومحبّ للخير العام لجميع الناس. ففي هذه الرؤية، يجب أن يكون النظام الحاكم تواقًا للخير ليس فقط لأصدقائه، بل للجميع، وأن يتصف بالمودة والرحمة بدلًا من القسوة، فيكون أبًا حنونًا يخدم الشعب ويحاول منع الظلم والتمييز وضياع حقوق المظلومين.
المصدر: شفقنا