شفقنا العراق-لاشك أن المسؤولين السعوديين يعلنون بين فترة وأخرى أن قضيتهم الأولى هي فلسطين، وطالما أدانوا جرائم الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين، غير ان أغلب تحركاتهم وقراراتهم تصب لصالح اسرائيل. ان السعودية لا تعادي اسرائيل ولا تقدم على أي خطوة من شأنها تقويض اسرائيل، وليس هذا وحسب تتصدى لكل من يقاوم اسرائيل وتضيق الخناق عليها.
هناك عدة ملاحظات قبل الخوض في صلب موضوع العلاقات الاسرائيلية- السعودية هي:
- لا ينبغي الشك في أن الأغلبية العامة للعرب والمسلمين وأحرار العالم يتمنون زوال الكيان الصهيوني واجتثاثه من الوجود، غير ان حكوماتهم لا تقدم على أي خطوة في هذا الاتجاه.
- بعض الحكومات العربية والاسلامية تسعى الى القضاء على اسرائيل ومستعدة لتحمل النتائج المترتبة على ذلك.
- بعض الحكومات تحدوها الرغبة بزوال اسرائيل وتعمل من أجل ذلك ولكنها ليست مستعدة لتحمل تبعات ذلك.
- بعض الحكومات لديها الرغبة بزوال اسرائيل ولكنها لا تعمل من أجل ذلك فضلا عن استعدادها لتحمل التبعات أو عدم استعدادها.
- بعض الحكومات لا ترغب بزوال اسرائيل ولكنها لا تعمل على بقائها.
- بعض الحكومات لا ترغب بزوال اسرائيل وتعمل على بقائها.
السعودية من الدول التي لا ينبغي الشك في أن شعبها يمقت اسرائيل ومستعد لتقديم كل ما من شأنه من اجل زوالها بل أن بعض مسؤوليها يؤمنون بذلك، ولكن رأس الهرم والشخصيات المتنفذة صاحبة القرار لا تقدم على أي خطوة بهذا الاتجاه بل أنها تقدم على كل ما من شأنه يعزز بقاء اسرائيل ويقوي شوكتها، ضد الفلسطينيين وعموم العرب والمسلمين.
لاشك أن المسؤولين السعوديين يعلنون بين فترة وأخرى أن قضيتهم الأولى هي فلسطين، وطالما أدانوا جرائم الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين، غير ان أغلب تحركاتهم وقراراتهم تصب لصالح اسرائيل.
سنأتي على استعراض السياسات والممارسات السعودية التي تصب في خدمة اسرائيل وتعزيز بقائها، ولكن قبل ذلك ينبغي الالتفات الى قضية في غاية الأهمية وهي أن الحكومة السعودية تبنت سياسة التعايش مع اسرئيل وتطبيع العلاقات معها بشكل رسمي وعلني عام 2002 عندما قدمت مبادرة السلام مع اسرائيل في القمة العربية ببيروت والتي سميت فيما بعد بمبادرة بيروت للسلام.
ربما يقول قائل أن العلاقات بين السعودية واسرائيل كانت قائمة منذ مجيء آل سعود للسلطة، وهذا غير مستبعد ولكن ليس لدينا شيء رسمي ومعلن قبل عام 2002 فربما جرت لقاءات واتفاقيات سرية بين الجانبين، ولكن الحكومة السعودية أعلنت بشكل رسمي وعلني انها ليست لديها مشكلة في بقاء اسرائيل بل انها ستقيم علاقات رسمية معها وتعترف بوجودها اذا وافقت على مبادرة بيروت.
ومع ان اسرائيل لم توافق على المبادرة غير ان الرياض ظلت متمسكة بها الى يومنا هذا ولم تعلن عن سحبها، وبين فترة واخرى تروج لها، وخلال الفترة الماضية لم تقدم على ما يشير الى انها تريد زوال اسرائيل، بل على العكس تماما أقدمت على كل ما من شأنه يعزز بقاء اسرائيل ويخدم مصالحها.
وفيما يلي نأتي على ذكر نماذج للسياسات والممارسات التي أقدمت عليها الحكومة السعودية وصبت في مصلحة اسرائيل:
- اشغال العرب والمسلمين بقضايا هامشية وابعادهم عن القضية الفلسطينية، وأبرز مثال على ذلك عدوانها على اليمن والضجة التي افتعلتها بما أسمته بعاصفة الحزم، فضلا عن اهدار ثروات اليمن وتدمير بنيته التحتية وكل ما يطاله القصف السعودي، بل أن الثروات والموارد السعودية تضررت نتيجة هذا العدوان والحرب العبثية.
- معاداة الدول التي تحارب اسرائيل، فالسعودية تشن اليوم حربا اعلامية ونفسية ضد الجمهورية الاسلامية بذريعة التدخل في شؤون الدول العربية والخليجية، وفي نفس الوقت فانها لا تتورع من اعلان الحرب ضد الحكومة السورية كما انها لا تتورع في الاعلان عن دعم الجماعات المسلحة التي لا يهمها سوى تدمير سوريا، وسفك دماء السوريين، وفي الوقت الذي تعلن فيه الرياض العداء ضد طهران ودمشق فانها لا توجد دولة في العالم اليوم تتبنى القضاء على اسرائيل وتسعى لتحقيق ذلك ما عدا ايران وسوريا، واذا كانت ايران وسوريا تعاديان اسرائيل فيا ترى معاداتهما يخدم مصلحة من؟
- معاداة الشخصيات والاحزاب التي تعادي اسرائيل، فقد شنت الحكومة السعودية حربا شعواء ضد كل الشخصيات والاحزاب التي تعادي اسرائيل، وبغض النظر عن الهجوم السافر الذي تشنه السعودية ضد حزب الله وملاحقة أعضائها في السعودية فانها تحرض سائر الدول الخليجية والدول العربية ضد حزب الله وادخال الحزب في قائمة المنظمات الارهابية، وكذلك تحريض الاحزاب اللبنانية ضد الحزب، ولا تكتفي الرياض بالحرب الاعلامية والنفسية التي تشنها ضد حزب الله وانما تتخذ ذات الموقف تجاه أحزاب المقاومة بما فيها الاحزاب الفلسطينية والعراقية، فقد كانت العلاقات بين الرياض وحماس والجهاد والجبهة الشعبية وسائر فصائل المقاومة الفلسطينية متوترة.
- لم تقدم السعودية أي دعم مادي للقضاء على اسرائيل، فلم نسمع ان الحكومة السعودية قدمت مالا أو سلاحا للدول أو الأحزاب التي تحارب اسرائيل، بل حاربت الدول والاحزاب التي تقاوم اسرائيل.
من كل ما تقدم يتبين لنا ان السعودية لا تعادي اسرائيل ولا تقدم على أي خطوة من شأنها تقويض اسرائيل، وليس هذا وحسب تتصدى لكل من يقاوم اسرائيل وتضيق الخناق عليها.
السؤال المطروح هو، لماذا تفعل الحكومة السعودية ذلك ومالذي تحصل عليه مقابل هذه الخدمة الكبيرة التي تقدمها لاسرائيل؟
السبب الرئيسي هو أن تحظى بدعم اسرائيل والغرب في استمرار حكمها، ولكن التجربة أثبتت أن اسرائيل والغرب سرعان ما يتخلون عن حلفائهم واصدقائهم ولعل القذافي وزين العابدين بن علي وعلي عبد الله صالح وصدام حسين وحسني مبارك وشاه ايران أبرز دليل على ذلك.
كما ان اسرائيل تنظر لكل العرب والمسلمين على أنهم اعداء ولا يمكن الاتفاق معهم، غير ان مصالحها تقتضي عدم البوح بهذا العداء، واذا كانت تسعى الى اقامة علاقات مع حكومات عربية واسلامية فليس لاجل عيون هذه الحكومات وانما لتكسر الحاجز النفسي الذي يمنع بعض الدول من اقامة علاقات علنية معها، وبمجرد أن تستنفذ اغراضها من هذه الحكومات فانها لا تولي أهمية لها.
بقلم: صالح السيد باقر/ وكالة تسنیم الإيرانية
النهاية