خاص شفقنا-استغل بعض ايتام ومرتزقة الطاغية السفاح صدام، تقرير اللورد شيلكوت، حول خلفيات دخول بريطانيا الحرب في العراق، ومجزرة الكرادة، واخذوا يكررون اسطوانتهم المشروخة حول “الامن الذي كان يرفل فيه العراقيون” في زمن ولي نعمتهم الطاغية صدام، وفي لغة لا تخفي فرحتهم بما نزل وينزل بالعراقيين، رغم محاولاتهم المستميتة الظهور بمظهر الناصح الامين.
اذا ما استثنينا الجيش الالكتروني “البعثي الداعشي” والفضائيات الممولة من المجرمة رغد ابنة الطاغية، لانهم يمثلون صراحة الوجه الكريه ل”البعث الداعشي”، ومعرفون لدى العراقيين، ولا يقدمون ولا يؤخرون في حركة الشعب العراقي نحو طي صفحة تاريخ البعث الاسود والى الابد، الا اننا سنتوقف قليلا امام بعض العرب الذين يذرفون دموع التماسيح على العراقيين لما اصابهم من “ويلات” في ظل النظام العراقي الجديد، ويحاولون اظهار العراقيين، كل العراقيين، على انهم اخذوا يترحمون على زمن الطاغية ويحنون الى ايام حكمه، ويتغنون بالامن الذي حققه لهم، في المقابل نراهم حانقينعلى النظام العراقي الجديد الذي فشل سياسيوه في توفير الامن والامان لهم، مطالبين، اي هؤلاء الكتاب، بتحميل السياسيين العراقيين مسؤولية ما وصل اليه العراق الان، كما يتم تحميل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير المسؤولية.
اولا، لسنا هنا في حال الدفاع عن اي سياسي عراقي ، فهؤلاء السياسيون قالوا رايهم في تقرير اللورد شيلكوت، ويمكن الرجوع الى تلك الردود في هذا المجال، ولكن تحميل السياسيين العراقيين مسؤولية قرار اتخذته امريكا وبريطانيا منذ زمن بعيد لغزو العراق، هو امر في غاية السخف، لانه ببساطة شديدة، ان امريكا وبريطانيا عندما غزتا العراق، كانت لهما اهدافا محددة من هذا الغزو، وهو غزو كان سيقع لا محالة، وكانت الدول العربية وخاصة الخليجية، من اكثر الدول المتورطة في هذا الغزو، وهذا الامر لم يعد خافيا على احد، لذا لم يكن امام السياسيين العراقيين من خيار الا ملء الفراغ الذي سيتركه الغزو في قيادة العراق، وما كان يجب القاء حبل هذه القيادة على غاربها وترك العراق في مهب الريح.
اما لماذا استبشر العراقيون خيرا بسقوط الطاغية صدام، فهذا امر لم ولن يفهمه غيرهم، فالفرق شاسع جدا بين صدام الذي يعرفه العرب، “قائد الامة ” و”بطل القادسية” و“حامي حمى العرب” و“حامي البوابة الشرقية” و“القائد الضرورة” و..، وبين صدام الذي تعامل مع العراقيين معاملة بيضت صفحة كل طواغيت التاريخ العراقي وفي مقدمتهم الحجاج، ولا مجال لذكر ما اقترفه هذا السفاح الدموي بحق العراقيين في هذا المقال، فالذي اقترفه يخرج عن نطاق العقل البشري، وما افاعيل “داعش” اليوم، الا بعض ما اقترفه الطاغية المجرم بحق العراقيين على مدى اكثر من ثلاثة عقود، وحول العراق الى مسلخ كبير للشعب العراقي، الذي تركه اشقاؤه العرب الذين كانوا يتغنون في حينها بقاتلهم ليل نهار، لانه كان يغدق عليهم من اموال الشعب العراقي المظلوم المضطهد والمحاصر الجائع.
السجين المحكوم بالاعدام على جريمة لم يقترفها، ويتعرض لاقسى انواع العذاب حتى بات يتمنى الموت للخلاص، مثل هذا السجين لن يسأل من يأتي لاخراجه من السجن، عن هدفه من وراء عمله هذا، لذلك نرى ان قوات الغزو الامريكي البريطاني دخلت العراق دون ادنى مقاومة، لان الشعب لم يعد يحتمل “بطل العروبة والقادسية” الطاغية السفاح صدام واعوانه.
ثانيا، ان محاولات الجيش الالكتروني “البعثي الداعشي”، الممول من ابنة الطاغية السفاح رغد، وبعض الانظمة الخليجية، استغلال تزامن تقرير شيلكوت ومجزرة الكرادة، للايحاء بأن العراقيين اخذوا يتحسرون على ايام الطاغية السفاح، بل ان هناك من “يبكي على الطاغية وايامه”، بينما فات هؤلاء ان العراقيين، على علم كامل بهذه اللعبة المفضوحة التي يلعبوها، فالغزو أسقط صدام فقط، وأبقى على هيكلية عصابة البعث، التي نزعت عنها جلد الوحش البعثي ولبست جلد ثعبان القاعدة ومن ثم “داعش”، واستمرت مذابح عصابة البعث المجرم ضد الشعب العراقي، بعد ان اطلق البعثيون لحاهم وارتكبوا ذات المجازر ولكن بفتاوى “قاعدية وداعشية وهابية”بدلا من الاوامر الحزبية، فالعراق اليوم ما كان ليصل الى ما وصل اليه اليوم بعد عام 2003، لو كان العراقيون اجتثوا شجرة البعث الخبيثة من جذورها من ارض العراق، ولكن للاسف الشديد وتحت ضغط المحتل الذي رفض المس بهذه الشجرة الملعونة لتبقى شوكة كبيرة في خاصرة العراقيين، تحركها يد المحتل لايذاء العراقيين، كلما استشعر خطرا من ارادة العراقيين للتحرر من الظل الثقيل للمحتل، كما في التفجيرات الدموية، وفي ارباك العملية السياسية من الداخل، و في زرع الياس والاحباط بين العراقيين عبر الشائعات و الحرب النفسية.
ان ما شاهده العالم من فظاعات “داعش” خلال السنوات القليلة الماضية، عاناه العراقيون على مدى عقود طويلة، فالسبي والتهجير والصلب والذبح واستخدام الاسلحة غير التقليدية كالاسلحة الكيمياوية، والتفنن السادي في قتل الضحايا، كلها اساليب بعثية وبامتياز، والفرقان الوحيدان بين افاعيل البعثيين قبل عام 2003 وما بعده، هما؛ ان القتلة خرجوا من عباءة البعث ودخلوا تحت عباءة “الوهابية”، وان الجرائم كانت ترتكب بعيدا عن الكاميرات، اما اليوم فتوثقها الكاميرات وبطريقة هوليودية، بينما التوحش هو ذات التوحش، لذلك يكذب كل من يقول ان العراق يعاني اليوم لان البعثيين رحلوا، بل على العكس تماما، ان العراق اليوم ينزف لسبب واحد لا غير وهو وجود البعثيين الصداميين “الدواعش”، ولن يبكي على الطاغية السفاح المقبور صدام المجرم، من العراقيين، الا ايتامه ومرتزقته والمغفلين، ومن المؤكد ان بكائهم هذا سيتواصل حتى تنقطع انفاسهم.
النهاية