خاص شفقنا- بيروت-تعتبر ذكرى المؤاخاة في الثاني عشر من شهر رمضان المبارك خير دليل على انسانية الدين الاسلامي والقيم التي يدعو إليها. وتعني الأخوة أن يعيش الناس في المجتمع متحابَّينَ، مترابطين، متناصرين، يجمعهم شعور أبناء الأسرة الواحدة، التي يُحِبُّ بعضها بعضًا، ويشدُّ بعضها أزر بعضٍ، يحسُّ كلٌّ منها أن قوَّةَ أخيه قوَّةٌ له، وأن ضعفَه ضعفٌ له، وأنه قليل بنفسه كثيرٌ بإخوانه.
لقد كان هدف النبي محمد (ص) من هذه الخطوة توحيد الأمة الاسلامية، حيث كان يسود التعصب لللقبيلة والنسب. فقام بمؤاخاة الأنصار فيما بينهم (كقبيلتي الأوس والخزرج)، اضافة الى مؤاخاة المهاجرين والأنصار معا.
نرى اليوم أن المسلمين متقاتلين من الداخل ومستهدفون من الخارج. فإلى أي مدى تعد المؤاخاة حاجة ضرورية في المجتمع الاسلامي اليوم؟
الشيخ الغروي: طرح الأخوة يحمل معاني أخلاقية
وفي هذا الإطار، وضمن سلسلة المقابلات التي تجريها وكالة “شفقنا” خلال شهر رمضان، اعتبرامام بلدة القماطية الشيخ مهدي الغروي أن موضوع الأخوة، قد جسده النبي محمد (ص) بأروع معانيه في مسيرته النبوية الشريفة. لافتا الى أن المؤاخاة وردت في القرآن الكريم, في سورة الحجرات “انما المؤمنون أخوة”, حيث حصر الله في “انما” كل معاني الاحترام والتكريم والمساواة.
وعن غاية النبي محمد (ص) من طرح مسألة الأخوة، من قبله عندما هاجر الى المدينة المنورة، رأى الشيخ الغروي “أن الرسول (ص) أراد أن يؤسس مجتمعا ايمانيا فاضلا, وكان طرحه فيه الكثير من المعاني الأخلاقية والإجتماعية والتربوية, هادفا الى نشر الاحترام المتقابل والتكافل الاجتماعي بين المهاجرين والأنصار”.
“حاجة ضرورية اليوم”
وحول اعتبار المؤاخاة حاجة ضرورية اليوم في المجتمع الاسلامي, رأى الشيخ الغروي بأننا اليوم بأشد الحاجة للأخذ بالتعاليم الاسلامية, وتطبيقها على مختلف الشرائح الاسلامية, لناحية ترسيخ معاني الأخوة الايمانية, “خاصة في ظل هذا الزمن الذي نعيشه, واشتعال المنطقة بنار الفرقة والاختلاف تحت عناوين مذهبية. وتابع قائلا:”لذلك من الضروري جدا على المسلمين عموما, والعلماء والمثقفين خصوصا, أن يستلهموا من هذا الأمر المعاني والمفاهيم السامية وتكريسها اليوم.
الشيخ الزعبي: قضية التفريق خروج عن الدين
من جهته, رأى عضو مركز هيئة تجمع العلماء المسلمين الشيخ محمد الزعبي, أن الرسول (ص) قد هدف من الأخوة ازالة الفوارق بين الناس, وتقريب بعضهم من بعض, “فالمهاجرون عندما قدموا من مكة كان يمكن ان يكون هناك نوع من الطبقية والامتنان, فدعا النبي (ص) للمؤاخاة كي تتم مقاسمة الرزق مع الآخر, كما اراد ان يقول بأن الناس سواسية ولا فضل لأحد على أحد, وبأن الكل أخوة لله (الغني والفقير..)”.
“انما المؤمنون إخوة..”
وأوضح الزعبي أن الله سبحانه وتعالى ذكر الأخوة بين المسلمين, حيث قال: “انما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين اخويكم, واتقوا الله لعلكم ترحمون”, وايضا عندما قال: “وان فئتين من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما”, معتبرا أن استخدام “ان” جاء اداة للتوكيد والحصر على ان من اهم العلاقات بين المسلمين هي الأخوة.
كما أكد على ان الأخوة من اعظم الفرائض, داعيا العلماء والخطباء ووسائل الاعلام الاسلامية ان تبين دائما أن الطريق الى الوحدة الاسلامية من اعظم الطرق.
واشار الى ان الأمة الاسلامية الآن اصبحت في انحطاط بسبب تخلي الأخ عن أخيه, لكن لو توحدت هذه الأمة لاصبحت من الأمم العظام التي يحسب لها حساب في كل الموازين. واذا كان المسلمون أنفسهم يحاربون بعضهم, فلم نلقي اللوم على أعداء الإسلام فقط في تفكك الأمة الإسلامية؟
النهایة