خاص شفقنا-في حزيران عام 2014 عندما كانت عصابات “داعش” تصول وتجول في المحافظات الغربية من العراق، وترتكب المجازر بحق اهالها وتسبي النساء وتهدم حضارة العراق، وتطرق ابواب بغداد، بعد انهيار الجيش العراقي، لم يتبق للعراقيين حينها من حصن يلجأون اليه الا المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة السيد السيستاني حفظه الله، فكان كما توقع العراقيون، فبكلمات معدودات، هي فتواه المباركة، قلب سماحته الموازين على “الدواعش البعثيين” ومن يقف وراءهم راسا على عقب، بعد ان لبى العراقيون الفتوى، فكان الحشد الشعبي المبارك.
في حزيران هذا العام (2016) وبعد عامين من الفتوى، وبالتحديد بعد دقائق من منتصف ليل الجمعة 17 حزيران يونيو، اعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في كلمة الى الشعب العراقي، تحرير مدينة الفلوجة من قبضة عصابات “البعثيين الدواعش”، واعادتها الى حضن الوطن، مؤكدا ان الوجهة القادمة للقوات المسلحة العراقية ستكون الموصل.
القائدان في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس و هادي العامري، وقائد عمليات تحرير الفلوجة الفريق عبدالوهاب الساعدي، وقائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت، وقعوا على بيان تحرير الفلوجة الميداني، ورفعوه إلى رئيس الوزراء، وذلك بعد تحرير المجمع الحكومي وسط الفلوجة، والذي يضم مبنى قائم مقامية الفلوجة ومبنى المجلس المحلي ومديرية شرطة الفلوجة ومقرات أمنية، ورفع العلم العراقي فوقها.
رغم اهمية الانتصارات التي حققها الحشد الشعبي والجيش والقوات الامنية في الرمادي وتكريت وبيجي وجرف النصر، الا ان الانتصار الذي تحقق في الفلوجة، يعتبر ضربة قاضية وجهها الشعب العراقي للمشروع التكفيري برمته في العراق، فالفلوجة كانت تمثل الحجر الزاوية في هذا المشروع، لذلك وبعد هذا الانتصار الكبير ستكون قضية تحرير الموصل اسهل بكثير من تحرير الفلوجة.
تحرير الفلوجة كان قرارا عراقيا صرفا ، لتجفيف منبع الارهاب الذي يضرب العاصمة بغداد بين وقت واخر، وهو قرار عارضته واشنطن بشدة، واقام حلفاء واشنطن في المنطقة عقبات امام هذا القرار للحيلولة دون تطبيقه على الارض، وشنوا حربا لاهوادة فيها على الحشد الشعبي، الذي اعاد الثقة الى العراقيين، وجعلهم ولاول مرة بعد عام 2003 ينازلوا قوى الشر التي تستهدفهم وتستهدف وجودهم، وينتصروا، دون الحاجة الى امريكا ولا الى دعمها.
تحرير الفلوجة هو تحرير لبعض اهلها الذين خدعوا بشيوخ الفتنة و”البعثيين الدواعش”، بعد ان ارتهنوهم بشعارات كاذبة وخطابات طائفية مقيتة ، فأسترخصوا دماء اخوتهم بالدين والوطن، فعلى هذا البعض ان يتحرر من قيود الارتهان “للبعثيين الدواعش” وللجهات الاقليمية التي تستخدمه كسلاح ضد وطنهم واخوانهم بالوطن، من الذين قدموا ارواحهم من اجل تحريرهم من هذه الحالة المزرية التي جعلت الفتنة والفوضى الاحقاد تعشعش في الفلوجة، والتي تضرر بسببها اهلها اكثر من غيرهم.
الانتصار الكبير الذي تحقق في الفلوجة، كشف للعالم وللمسلمين وللعرب ولأهالي المناطق الغربية من العراق وخاصة لاهالي الفلوجة، ان كل ما كانت تروج له الفضائيات الخليجية وفي مقدمتها “الجزيرة” القطرية و“العربية” السعودية وبعض الفضائيات العراقية الممولة خليجيا وصداميا مثل “الشرقية” و“البغدادية”، وكذلك شيوخ الفتنة و“دواعش السياسة”، عن “حرب الابادة” ضد السنة و“الاعدامات بالجملة لاهالي الفلوجة”، على الحشد الشعبي، كانت عبارة عن اكاذيب واباطيل فضحتها الكاميرات، وهي تصور كيف كان اهالي الفلوجة يهربون من “البعثيين الدواعش”، نحو المناطق التي يسيطر عليها الحشد الشعبي، وكيف ان الكثير منهم غرقوا في الانهار وهم في طريقهم الى الحشد الشعبي، فأين “حمامات الدم” و“المجازر” التي تحدثت عنها تلك الفضائيات وشيوخ الفتنة في الفلوجة؟ ولكن اذا كان بكاؤهم هو على قتلى “البعثيين الدواعش” الذين ارتكبوا من الفظائع بحق العراقيين ما تأنفه الوحوش الكاسرة فأتصور ان بكائهم سيطول كثيرا.
على اهالي الفلوجة، وبعد فشل المؤامرة الكبرى التي شاركت فيها اطراف دولية واقليمية مع اذنابها في داخل العراق، ان يحولوا دون اتخاذهم مرة اخرى كوسيلة تستخدمها بعض الجهات من اجل مصالح دول اقليمية لاتريد الخير للعراقيين وفي مقدمتهم اهل السنة، وعليهم منذ اليوم ان يدركوا ان مستقبلهم هو في عراق ديمقراطي تعددي، لا مكان فيه للاستفراد بالحكم، او توهم الغاء مكون لمكون اخر.
اخيرا ما كان للعراقيين ان يصنعوا هذه الانتصارات الكبرى على “البعثيين الدواعش”، لولا الحشد الشعبي، الذي اثبت انه الظهير الاقوى للجيش العراقي، وما كان الحشد الشعبي ليكون لولا فتوى سماحة السيد السيستاني حفظه الله ورعاه، فالنصر الكبير الذي تحقق في الفلوجة، وكذلك الانتصارات التي تحققت في تكريت والرمادي وبيجي وجرف النصر وغيرها من مناطق العراق، ما هي الا ثمرات هذه الفتوى المباركة.
شفقنا العربي